عبد الجبار الجبوري
بعد أيام ،ويبدأ الحوار الإستراتيجي بين العراق، وإدارة الرئيس بايدن في أربيل،في وقت أنهّت سبعة فصائل عراقية، الهدنة المفترضة مع أمريكا في العراق، وإستعرضت جماعة منها تسمّي نفسها (ربع الله)، بسلاحها الثقيل في وسط بغداد،مهددة مصطفى الكاظمي بالويل والثبور،إن لم ينفذ شروطها، التي أعلنتها،وبعض المراقبين وصفوا هذا الإستعراض،بأنه رسالة وتهديد واضحتين، لإدارة الرئيس بايدن ومصطفى الكاظمي،في وقت واحد،لإفشال هذا الحوار،بتوجيه من الولي الفقيه،في حين رفض الحوثيون المبادرة السعودية ،لوقف الحرب في اليمن،وفشل لقاء الرئيس اللبناني ميشال عون مع سعد الحريري، في تشكيل حكومة لبنانية،إذن الرسائل الإيرانية لإدارة بايدن ،مباشرة عبر أذرعها في المنطقة، للضغط على أمريكا وحلفائها في رفع الحصار الاقسى في التاريخ،والعودة للإتفاق النووي الايراني، ضمن الشروط الايرانية، وليس الامريكية والاوربية،ولكن ماذا سيتضمن جدول الحوار الإستراتيجي،هناك إستراتيجية أمريكية جديدة وضعها الرئيس بايدن، لمواجهة الميليشيات الايرانية ،والفصائل الولائية في عموم المنطقة، وهذه الإستراتيجية، لايمكن تنفيذها، بدون جلب إيران الى طاولة المفاوضات، بالدبلوماسية الناعمة ، والترغيب، وترويض السياسة المتشددة ضد أمريكا، بإجراءات تخديرية،منها رفع بعض اسماء قادة ايران عن لائحة الارهاب، واطلاق الاموال الايرانية المجمدة في الدول، وتخفيف قبضة الحصار النفطي والاقتصادي،والدعوة للتفاوض عبر وسطاء عمانيين وغربيين،ولكن تبقى مهمة عزل الميليشيات والفصائل الولائية في العراق، هي التحدّي الأكبر لأمريكا، والتي تحسب له ألف حساب،لاسيما وإن هذه الأحزاب والفصائل، تطالب يومياً بطرد ورحيل القوات الامريكية من العراق، وغلق قواعدها( ليصفو لها الجو)،وهذا ما ترفضه الادارة الامريكية رفضاً قاطعاً،إذن (عزل)،وتخلي ايران عن الفصائل والميليشيات شرط اساسي لادارة بايدن ، للدخول في تفاوض حقيقي، تمهيدا لرفع الحصار الاقتصادي،فهل تضحّي إيران بفصائلها الولائية وميليشياتها ،مقابل رفع الحصار،والعودة للإتفاق النووي،هذا هو السؤال الأخطر أمام بايدن على طاولة حواره الاستراتيجي، مع حكومة الكاظمي في أربيل،والحقيقة ، هو ليس حوار بين الادارة الامريكية وحكومة الكاظمي، بقدر ماهو حوار بين إيران وأمريكا على أرض العراق لوضع استراتيجية لما بعد اتفاقية ايران مع الصين، هذه هي الحقيقة، ومع هذا نفترض حسن الظن بحكومة الكاظمي،فهل تستطيع حكومة الكاظمي، أن تلبي شروط أمريكا في الحوار الإستراتيجي، إذا ما طلب منها حلّ الحشد الشعبي ونزع سلاح الميليشيات ،والفصائل الولائية، التي تهدّد مستقبل العراق، ومصالح أمريكا في عموم المنطقة،وهل يستطيع الكاظمي أن يلبّي طلب أمريكا ،ببقاء القوات الامريكية في قواعدها في العراق، أزاء تهديد الفصائل الولائية ،التي خرجت قبل أيام ورفعت صوراً للكاظمي، مطبوعة على وجهه فردة حذاء، وتهدّد ب(بقطع أذنه) ،وتهديد آخر للفريق احمد ابو رغيف رئيس لجنة مكافحة الفساد بالقتل ،إن قام وألقى القبض على رؤوس الفساد ،أو أن ينفذ الكاظمي ،قرار البرلمان بطرد القوات الامريكية من العراق،أعتقد الحوار الإستراتيجي، يضع العراق، أمام مفترق طرق،مع أمريكا، لرسم خارطة جديدة للمنطقة،بدون ميليشيات موالية لإيران في كل من سوريا والعراق ولبنان واليمن، والتي مهدت هذه الميليشيات لتغوّل إيران في المنطقة، ومدّ نفوذها وتوسعها في المنطقة، وصولاً لطريق الحرير، الذي يتم تنفيذه الآن بقوة، بعد توقيع الإتفاقية الإستراتيجية مع الصين ، والتي وضعت مستقبل المصالح الامريكية في العالم ،على كف عفريت،جاء هذا الشعور، بعد سلسلة خطوات أمريكية لبايدن ،في المنطقة،جعلت الأوضاع تنقلب رأساً على عقب، منها توقف الدعم اللوجستي للسعودية، ورفع وصفة الإرهاب عن الحوثيين، وسحب الدعم الامريكي للتحالف العربي، والتدخل المباشر بقضية الخاشقجي، إن إستراتيجية بايدن قلبت الموازين ضد أمريكا، وعزلتها في المنطقة، بعد أن غيرّت وأوقفت ،دعمها لدول الخليج العربي، وفي مقدمتها السعودية، إسترضاء لايران ، وتقديم عربون للتفاوض المقبل، ولكن ايران قلبت الطاولة على رأس بايدن، وإستبقت التفاوض، بتوقيع إتفاقية طويلة الامد ،مع الصين أمدها ربع قرن، وسحبت البساط كله من تحت إدارة ترمب، لهذا يجيء الحوار الامريكي – العراقي ، ليرممّ العلاقة مع العراق ،ويتصدى لهذه الخطوة الايرانية – الصينية، فدعا الكاظمي الاردن ومصر للاجتماع في بغداد،وتشكيل ناتو عربي – خليجي (زيارته المرتقبة للسعودية)،بتوجيه أمريكي وتوقيع إتفاقية جديدة، مع حكومة الكاظمي، على غرار اتفاقية المالكي الامنية عام 2008،وهذا الحوار أثار حفيضة إيران وفصائلها وأحزابها في العراق، ولهذا خرجت الفصائل في شوارع بغداد، وخرجت سرايا السلام في شوارع كربلاء،ورفض الحوثيون مبادرة السعودية، لوقف الحرب في اليمن، ورفض دعوة أمريكا للحوار ووقف الحرب، وهكذا تعرقل لنفس السبب أحزاب الولائية التصويت على الموازنة ،إذن الحوار الاستراتيجي ،يجيء لتخفيف صدمة الإتفاقية الإيرانية –الصينية،والخروج من دائرة القلق العراقي، وتهديد الفصائل، وإنهائها الهدنة معها، وهذا يعني التصعيد ،وإستقبال الكاتيوشا في قابل الايام، على اسوار السفارة الامريكية ،لحين غلقها ونقلها الى اربيل،والبدء بصفحة جديدة من القصف والتفجيرات،نعتقد إن حوار الكاظمي مع إدارة بايدن هو حوار الطرشان،لعدم تكافؤ الحوار بين الطرفين، لأن الطرف الاول، يملي قرارات على الطرف الضعيف، وهذا مايخلق أزمة أخرى بين الحكومة والاحزاب الموالية لإيران ،والتي تطالب برحيل القوات الامريكية وتطبيق قرار البرلمان،وبهذا الانسداد السياسي، يذهب العراق الى التصعيد، فيما تذهب الميليشيات والاحزاب الى افشال الانتخابات المقبلة وعرقلة تنفيذها، وافشال التصويت على الموازنة، والتماهي مع الفصائل ودعمها للتصعيد مع أمريكا ،بقصف القواعد والسفارة، ودائما الفاعل مجهول،بينما الجميع يعرف مصدر دعم هذه الفصائل، وأسماء قادتها،لهذا يناور الكاظمي بإطلاق دعوات للحوار الوطني، مع الفصائل الخارجة عن القانون، والتي تمثل السلاح المنفلت، في وقت يتجاهل هؤلاء دعوات الكاظمي، لأي حوار معه ومع ادارة بايدن،وتفضّل المواجهة بالانابة ،وتحت مسميات وهمية ،لا أساس لها على أرض الواقع، فهي تستخدم سلاح الدولة وسيارات الدولة ،وصواريخ الدولة ،لتقاتل الدولة،نرى الحوار في لحظة عراقية حرجة للكاظمي، ولأحزاب السلطة ،مع اقتراب موعد الانتخابات، التي يصرّ الكاظمي على إجرائها في وقتها المحدّد، فيما تماطل الاحزاب ،وتعمل على إستنزاف موعدها الى اليوم الاخير، لحل البرلمان،وهكذا يحارب الكاظمي على عدة جبهات بوقت واحد، هي الانهيار الاقتصادي، وتنمر الفصائل وتهديدها له شخصياً، وأزمة وباء كورونا، والصراعات الحزبية داخل ((البيت الشيعي)، إضافة الى ثوار تشرين في الصفحة الاخيرة، من وثبتها الثانية ،بعد ايام،ليجيء الحوار الأستراتيجي مع إدارة بايدن ،ربما،لإنقاذ حكومة الكاظمي ،من كل أزماته ،ودعمه لمواجهة كل هذه التحديات، وإجراء إنتخابات بلا سلاح منفلت، ولا فصائل خارجة عن القانون،هذا السيناريو ، هو الأكثر ترجيحاً، في هذه اللحظة الحرجة لأمريكا في المنطقة، وللعراق وتغول إيران وفصائلها في العراق،نعتقد أمريكا في الحوار الاستراتيجي ،هي إمام إمتحان دولي ،وأمام إستحقاق عراقي، لتخليصه من السلاح المنفلّت، والسيطرة على الأذرع الايرانية وترويضها، وانقاذ العملية السياسية برمتها ،من الإنهيار الاخير، التي أصبحت قاب قوسين وأدنى من السقوط، بعد قطع الفصائل والميليشيات شعرة معاوية مع الكاظمي ، إذن الحوار الاستراتيجي، هو فرصة الكاظمي، وفرصة العراقيين الآخيرة، للتخلّص من الهيمنّة الايرانية على العراق الى الابد...فهل يفعلُها الرئيس بايدن ،في حواره الإستراتيجي في اربيل...؟؟
0 تعليقات