" لوما الغيرة ماحبلت الخنزيرة "!!

مشاهدات



د. عبد الكريم الوزان


مثل شعبي معروف في بعض أقطار الوطن العربي وخاصة في العراق و الأردن ، وهو من أمثال النساء ويعني بموضوع الغيرة (بكسر الغين) . ومنهم من يقول (لولا الغيرة ماحبلت النسا ، او النسوان ) ، و(لولا الغيرة ما حبلت الأميرة) ، وهذا وجدنا له حكاية مفادها " أن أميرة ذات جاه وسلطان ، تأخرت في الحمل لعدة سنوات ، وكان السلطان يحبها كثيرا ولم يتزوج عليها . وفي يوم من الأيام جاءت خادمة لقصر السلطان وهي حامل وعملت خادمة للأميرة. وعرف عن الأميرة أنها ذات خلق حسن ، والأميرة بدورها علمت أن خادمتها حامل فباركت لها، وكانت بطنها تكبر يوما بعد يوم ، فغارت تلك الأميرة منها وحزنت لطول انتظارها وتأخر حملها وفجأة وإذ بها حامل ، فقال الناس: (لولا الغيرة ما حبلت الأميرة)"(1).

وهناك فرق بين الغيرة والحسد والحقد ، فالأولى تختلف عن الثانية والثالثة كونها تعني محاولة التقليد والمجاراة للغير ، ومماقيل: ( اللي يغار يعمّر ديار ) . وليس بالضرورة دائما تمني ( الغيران ) زوال نعمة الآخرين أو حمل الأحقاد والضغائن عليهم .

الغريب في الأمر إننا وجدنا الغيرة المصحوبة بالحسد والحقد تتوفر في بعض الشخصيات داخل أحزاب ومنظمات كبيرة وعريقة ، ومنهم خارج ذلك ممن يعتبرون صفوة بنظر المجتمع ، كالأساتذة وحملة الشهادات العليا وإعلاميين وكتّاب وسياسيين وأصحاب مصالح ونفوذ وبعضهم متقدم في السن ، ويقيم خارج الوطن . وقد يبالغ بعض هؤلاء الأخيرين فينفلتوا في مهاجمة الآخرين على ( كولة بعضهم.. يامغرب خرب ) ، وكأنهم أمنوا العقاب من المستهدف ، هؤلاء ( الخلوديون)!! ، الذين يظنون أنهم بمنأى عن الرحيل الأبدي وهو قاب قوسين أو أدنى لكل مخلوق ، تناسوا حساب الله والتاريخ والمجتمع والضمير وماسيقطفه أولادهم وأحفادهم وأشقاؤهم جراء بصيرتهم الضعيفة ، وغالبا مرد هذا عوامل مختلفة اضافة لما ذُكر ، كالشعور بالنقص والفشل والبحث عن الشهرة ( عامي شامي ) في عالم إعلامي إتصالي منفلت ، وسوء التربية المنزلية والغربة الطويلة خارج الوطن ، ناهيك عن الطائفية المقيتة في العقل الباطن التي خلفها لنا المحتل وأعوانه وعوامل نفسية واجتماعية مختلفة .

العراقيون على وجه التحديد وهم يمرون بظروف سياسية وأمنية واقتصادية خانقة منذ عام 2003 وهو اليوم المشؤوم المتمثل بغزو العراق وحتى الآن ، يتحتم عليهم الترفع والسمو فوق الخلافات والشبهات والضغائن والأحقاد وصغائر الأمور وتوحيد جهودهم من أجل وحدة العراق وسلامة وسعادة شعبه ، وليكن التسامح والسلام والإيثار طريقهم في هذه الحياة الفانية ، وأن يتذكروا قابيل وهابيل " لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ " ...والحمد لله رب العالمين .


1- بتصرف وتعريق ، مازن نحاس ، لولا الغيرة ما حبلت الاميرة ، http://www.kalam.co.il/full.php?ID=12851#.YBWac_mxXIU ، 12-7-2015

إرسال تعليق

0 تعليقات