الصدر بلباس قيصر؟

مشاهدات




بقلم: الكاتب والباحث السياسي

الدكتور: أنمار نزار الدروبي...


لكل نظام دلائله ومؤشراته، إذ تتغير المفاهيم لدى الشعوب، وتستبدل الأفكار والايديولوجيات، وقد أثبت التيار الإسلامي في العراق بكل جماعاته وتفرعاته قدرته على تدمير العراق من خلال سياسات معينة كانت ومازالت السبب الأول في إثارة الصراعات الطائفية والعرقية والقومية والمذهبية، وأثبتوا جهابذة الدين والسياسة في العراق أنهم قادرون على تأسيس كيانات سياسية عسكرية اجتماعية دينية واقتصادية لكن بأسلوب فاشيستي، وإبرزهم التيار الصدري وزعيمهم مقتدى الصدر. فالصدر اليوم غير الصدر قبل عشرين عاما أو أكثر، حيث أضحت المدرسة الصدرية في الوقت الراهن هي ذات الحركة  الإستشراقية التي اسسها البيروقراط في بريطانيا في أواسط القرن الثامن عشر، وهي حركة فكرية فلسفية إستعمارية جاءت لتزييف التاريخ الإسلامي، كما يعمل الصدر  منذ ثمانية عشر عاما كمستشرق فارسي على تزييف تاريخ العراق في حذف وتدمير المعطى الحضاري والمنتج الثقافي لبلاد وادي الرافدين. والنموذج الآخر الذي اعتمده الصدر في حربه ضد الشعب العراقي وبنى عليه انطلاقته في قتل شباب ثورة تشرين الأبطال، كان ذاك الذي سار عليه (نيقولا الثاني)  آخر قياصرة الإمبراطورية الروسية قبل أن يطيح بهم البلاشفة بقيادة لينين.

في المقابل أن جزء كبير من هذا الشعب وتحديدا شباب ثورة تشرين الأطهار  أدركوا بفطرتهم السوية أن العراق العظيم ذاهب إلى الهاوية، فأنتفض الشباب ليستردوا بلدهم من مبدأ ( أن العراق ليس مقتدى الصدر ومليشاته ولا المالكي ودعوته) ولن تختزل بلاد وادي في تيارات وأحزاب فاسدة.. تلك الأحزاب والتيارات التي هى عنوان الانتهازية السياسية التى تحكم باسم الطائفة. وبما أن جهابذة الدين والسياسة لايستوعبون الإحساس الثوري الطاهر لشباب تشرين، وعليه قتلوا الشباب نفسيا وبيولوجيا قبل أن تعذبهم سلخانات سرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر، ومن ثم تذبحهم خناجر ميليشيا العصائب ، أو كتائب حزب الله، وليست أخرا أن يسقطوا برصاص قناص جاء من  خلف الحدود.

فإذا كان قيصر روسيا (نيقولا الثاني) قد اشتهر بتسلطه والاستبداد، حيث تعتبر حادثة الأحد الدامي الشهيرة التي وقعت يوم الأحد 22 من شهر يناير سنة 1905م ، في سانت بطرسبرغ بالامبراطورية الروسية، حين تقدم متظاهرون غير مسلحين من عمال الحديد والصلب بالزحف نحو أبواب قصر الشتاء ليقدموا التماس للقيصر نيقولا الثاني ، وعندما دخلت الجموع إلى ساحة القصر ، أُطلق الحرس الإمبراطوري الروسي بوابل من الرصاص (مع ان القيصر لم يكن بمدينة سانت بطرسبرغ آنذاك ولم يكن عنده اي علم بوجود مظاهرة أو بإطلاق نار)  كان الأحد الدامي حادثة ذات وقع كبير بعواقب خطيرة على نظام القيصر، فمات الأطفال والنساء والرجال العزل أما الجرحى فكانوا آلافاً عديدة، فإن  البلطجة وعدم احترام القانون باتت قانونا صدريا وتشريعا  يعلوا على كل القوانين المعتقلة في مجلدات مدحت المحمود وفائق زيدان والتشريعات المحبوسة في بناية البرلمان.

 إن المشكلة الأساسية المتعلقة بزعيم التيار الصدري تتجسد  في وضوح أيديولوجيتة المرتبطة بالهوية الطائفية وليس بالهوية الوطنية، فمفهوم الوطن والوطنية أصبح مصطلح هزيل نتيجة لأسباب موضوعية أبرزها (ولاية الفقيه). في السياق ذاته لا مكان في فكر مقتدى لخصوصية الطوائف والمكونات الأخرى في الجغرافية التي سميت (الأمة العراقية). تجدر الإشارة إلى أن اي تصريح يصدر من الصدر بخصوص العراق مثل ( الوحدة، السيادة، الشعب ) لعله من باب الإنتهازية والتملق الانتخابي، لأن الصدر سيأتي يوم ويصرح علنا بأننا( عراقيين فرس).

إن الشعب العراقي اليوم في ظل  هذا المناخ الهادر من التوحش للذئاب الصدرية، فقد أبسط حقوقه في الحياة بل أصبح لاقيمة للفرد العادي البسيط المستقل أمام ضباع التيار الصدري.


إرسال تعليق

0 تعليقات