صناع السلام..(تنسيقية المشروع الوطني للتعايش السلمي في العراق)..

مشاهدات



ثائرة اكرم العكيدي  


السلام إحدى ركائز الحياة الأساسية وبدونه تتحول حياة الإنسان إلى سلسلة من الحروب والصراعات والمنازعات، حيث تنعدم الإنسانية والكرامة إلى درجة قتل الإنسان أخاه الإنسان، دون أدنى إحساس بالألم، بل قد يفخر بهذا العمل ويتباهى به، ويتيه التسامح والحب والأمل والازدهار في دهاليز تلك النزاعات، فلا يعود بالإمكان العثور على تلك الثقافات الإنسانية الجميلة في عالم أرعن مستبد لا يختلف كثيرا عن عالم الغاب، حيث يأكل القوي فيه الضعيف.

وهنا كانت لنا وقفة سلام مع تنسيقية المشروع الوطني للتعايش السلمي في العراق وهو احد اهم المشاريع على صعيد المحافظات العراقية والأقليم..التقينا الاستاذ عمار كزار النمر مدير ومنسق المشروع كي يحدثنا عن اهم النشاطات والفعاليات التي قام بها هذا المشروع الوطني ..

او سؤالنا لاستاذ عمار متى تأسس هذا المشروع ومن هم أعضائه  وماهي أبرز نشاطاته منذ تأسيسه لغاية اليوم .

اجابنا قائلا:

تاسست تنسيقية المشروع الوطني للتعايش السلمي في العراق عام ٢٠١٦ الموتمر الاول والانطلاق البصرة  ٢٠١٧ دعم اثار وتراث بابل ضمن التراث العالمي  ٢٠١٨ دعم سامراء عاصمة الحضارة العربية و الاسلامية ٢٠١٩  اعلان  اربيل عاصمة التعايش السلمي في العراق  عام ٢٠٢٠   اعلان السليمانية  عاصمة التعايش السلمي في العراق  ٢٠٢٠ اعلان محافظة حلبجة مدينة السلام  عام  ٢٠٢٠ اعلان الانبار   عاصمة البناء والاعمار  في العراق  دعم اهوار الجنوب للتراث العالمي دعم نواعير هيت للتراث العالمي عمل ورش عمل  ((ترسيخ قيم التعايش السلمي في الاجهزة الامنية ))  دور التعايش السلمي في المجتمع ، محاضرات لمكافحة المخدرات ،دور الاسرة في المجتمع ،حصول اعضاء التنسيقية على شهادات  شكر وتقدير  من رئاسة الجمهورية  وقيادة شرطة البصرة  والامم المتحدة   وقلادة الابداع    ينتمي لها   شخصيات اكاديمية  منظمات مجتمع مدني وناشطين وشيوخ عشائر  مستقلين لا ينتموا لاي جهة سياسية   تهدف لنشر روح المحبة والسلام والاخوة والتعايش السلمي بين مكونات المجتمع العراقي تحت شعار( العراق   يوحدنا والانسانية تجمعنا)  


سؤالنا التالي لاستاذ عمار

متى تكون التجارب حول تحقيق السلام والحفاظ عليه ناجحة؟ وكيف يمكن قياس النجاح؟ 


ج/الحاجة إلى التآخي والتآلف والسلام  ليست وليدة الساعة، وإنما هي تمتد إلى فجر التاريخ، إذْ لا يمكن تخيل إنسان مهما كان تاريخه من دون امان وسلام فالإنسان نتاج طبيعي  وبهذه الرابطة الفطرية التي جُبلت عليها الإنسانية منذ آدم عليه السلام وحتى نهاية الدنيا، نجد أنه من الفطري تشكُل التجمعات البشرية، ونزوع الإنسان إلى الإنسان غريزيا.

لقد أضحى العالم اليوم شبكة مركبة ومتداخلة لا يمكن فصمها أو تجاهلها، والتركيز على التآخي والسلم  يتمثل بالتكامل والتعاضد بين بني الإنسان، ورفض العودة إلى المعارك والحروب الطاحنة التي لا منتصر فيها. فالتآخي يقود المجتمعات إلى البحث عن نقاط الاتفاق والتفاهم بينها، وإمكانية التعاون والتكامل والتنافس، وبالتالي احترام الآخرين والإحسان إليهم.


س/هل يمكن أن يكون العالم بدون الأديان أكثر سلاما؟حيث إن هناك من يتهم  رجال الدين بأن يكونوا من أهم المحرضين على السلام..


ج/ لا بالتأكيد في الواقع الدين ليس سببا للنزاعات على الإطلاق. إلا أنه كثيرا ما يستخدم لتبريرها 

العلاقات الإنسانية في جميع الأديان وخاصة الدين  الإسلامي، تنطلق من رؤية فلسفية تقوم على أساس احترام التعَدُدية الدينية والفكرية، والاعتراف الإيجابي بالآخر، وذلك في اطار السعي لبناء حضارة اجتماعية، تعمل لخير البشرية.

وهذه العلاقة بين البشر على اختلاف أديانهم .

كنا نعتقد أن رجال الدين، وكما هو مفترض، أن يكونوا نزيهين ومن أشد الناس حرصاً على السلم الاجتماعي وتماسك الأمة، وأن يعملوا على نشر روح التسامح وتقبل الآخر المختلف، وأن يتركوا اختلاف الناس في الدين والمذهب إلى الله وحده، وليس من حق أي إنسان أن يفرض نفسه حكَماً على الناس فيما يخص معتقداتهم الدينية. فالدين مسألة شخصية بين الإنسان وربه، ودور رجال الدين ينحصر في شرح أمور الدين وإرشاد المتدينين فيما استعصى عليهم فهمه، و نشر الأخلاق الحميدة، وتقديم النصائح المفيدة... إنما الدين النصيحة.

ولكن مع الأسف الشديد أثبتت تجارب السنوات الماضية أن هناك شريحة من رجال الدين هم أكثر شراً من الشيطان الرجيم. إذ لجأ هؤلاء إلى نبش كتب التراث ينهلون منها ما يشبع نهمهم في نشر التفرقة وتمزيق شمل الشعب الواحد مثيرين العداوة والبغضاء بينهم، معتمدين على روايات كتبت قبل مئات السنين، أغلبها مشكوك بصحتها لأنها وضعت من قبل مرتزقة من الوعاظ لإرضاء أولياء النعمة من السلاطين الجائرين.


 س/ برأيكم استاذ عمار من اليوم يحث على الطائفية والعنصرية 

ج/ تعيش المجتمعات اليوم ، وبالأخص المجتمع العراقي  فترة حرجة وخطيرة جداً  وهذا الخطر ناتج عن سوء استخدام تكنولوجيا الثورة المعلوماتية المتطورة من الفضائيات والشبكات العنكبوتية (الانترنت) ليس لأغراض التنوير والحداثة ونشر المعرفة، بل لنشر الكراهية والبغضاء والفتن الطائفية، مستخدمين الاختلافات الدينية والمذهبية وسيلة لتحقيق الأغراض اللئيمة والخبيثة.


س/كيف اليوم يمكن أن نحارب الطائفية وننشر العدل والسلم ونحن كما نعلم والكل يعلم العراق كيف يظهر بين اوانه وأخرى العنف الطائفي والأزمة الطائفية العراقية  مجموعة اعمال عنف وعمليات خطف وقتل ..


ج/العراق فسيفساء الديانات والطوائف والقوميات منذ أقدم العصور وكان جميع الناس بكافة قومياتهم واديانهم يعيشون في سلام وامن..إلا أن الايادي السوداء دخلت في ما بينهم وحاولت زرع الطائفية والعنصرية هناك من استجاب لقلة فهمه وانعدام الوعي الثقافي لديه وهناك من منع هذه الطائفية ووقف ضدها وحاربها خاصة في وقتنا الحالي .

ان تنسيقية المشروع الوطني للتعايش السلمي طالبت ومازالت تطالب  بسن التشريعات اللازمة لتجريم كل أساليب وممارسات الكراهية والعنصرية والتهميش والإقصاء بوصفها جريمة بحق الإنسانية والوطن والفرد والجماعة..

لقد أضحى العالم اليوم شبكة مركبة ومتداخلة لا يمكن فصمها أو تجاهلها، والتركيز على التآخي والتعايش السلمي  يتمثل بالتكامل والتعاضد بين بني الإنسان، ورفض العودة إلى المعارك والحروب الطاحنة التي لا منتصر فيها. فالتآخي يقود المجتمعات إلى البحث عن نقاط الاتفاق والتفاهم بينها، وإمكانية التعاون والتكامل والتنافس، وبالتالي احترام الآخرين والإحسان إليهم.


/س كيف كانت تجربتكم في إقليم كردستان من خلال إقامة نشاطاتكم التي تحث على  التعايش السلمي بين جميع أفراد المجتمع وخاصة بعد اختياركم اربيل والسليمانية عاصمة التعايش السلمي في العراق .

.

مسألة اخواننا الاكراد في العراق شكلت معضله من معضلات السياسية لكونها تقدم نموذجاً لايتكرر في الواقع العراقي والعربي لأقلية تجد في تماسكها القومي وتركزها الجغرافي وواقعها الاجتماعي والسياسي ما يشجعها على استمرار الوقوف بوجه النظم السياسية العراقية .

هذه المعضلة يمكن حلها عن طريق تفعيل دورهم بالمشاركة في النشاطات المجتمعية التي يمكن أن تصل بهم إلى هوية وطنية تجمع أفراد المجتمع تحت سقف واحد وهي الدولة المدنية.نحن اردنا ان تخلق تجربة فعالة للاستفادة منها للوصول إلى نتائج قادرة على دمج المجتمعات الكردية مع المجتمعات العربية خلف مظلة السلام  بهوية وطنية انسانية عن طريق تنسيقية المشروع الوطني للتعايش السلمي في العراق  ولهذا اخترنا أن تكون مدينتي اربيل والسليمانية عاصمة للتعايش السلمي ومدينة حلبجة مدينة السلام لسنة ٢٠٢٠. الكل يعلم أن هناك محاولات خارجية وداخلية والمصالح شخصية تحاول  تفكيك العلاقات  التاريخية بين الاكراد والعرب،

التعايش السلمي في إقليم كردستان العراق ولد بدوره استقراراً اجتماعياً في المنطقة التي يسكنها الكرد، مع وجود أقليات أخرى كالتركمان  والعرب والمسيحيين وغيرهم الذين نزحوا من جميع محافظات العراق  بسبب أعمال العنف وايضا الهجمة البربرية لداعش

س/هل من الممكن أن تنجح فكرة التعايش السلمي في مجتمعات متسممة بالأفكار المعلبة؟

يوجد هناك بعض الكراهية بين أبناء مجتمعنا وذلك بسبب الرواسب التي خلفتها الاحزاب السياسية فالحدود الجغرافية لا تمثل الوحدة الوجدانية أو المعيشية في الوطن، ولكن ترسمها الهويات المتقاطعة، فالقبلي في دولة ما يشعر بارتباط أكثر بأبناء عمومته من نفس القبيلة في بلاد مجاورة، والأقليات من أبناء الطوائف دوماً تكون في محل الاتهام بالعمالة لدولة أخرى من نفس الطائفة، وهو ما ينسف جذور فلسفة التعايش في الوطن الواحد.

قد يصعب على البعض إدراك هذه الصورة القاتمة عن أجواء التنافر والتضاد التي يعيش فيها المجتمع العراقي  اليوم ، لكنها في غاية الوضوح لمن استطاع تجاوزها عن وعي وإدراك. اليوم تواجه ثقافة التعايش امتحاناً عسيراً بين أبناء وطننا الواحد  فما يجري اليوم في بعض مناطق العراق  أزمة تعايش بكل ما تعنيه الكلمة، فالواقع يتحدث عن صراع من أجل سيطرة إحدى الفئات على الآخرين..

 الناس في وطني اليوم بحاجة إلى بث ثقافة الرحمة من أجل تحقيق التعايش السلمي الذي هو من أهداف نشر السلام  بين الشعب بكافة طوائفه واديانه وهذه هي فلسفة الإسلام في التعايش لأنّه أوصل الإنسان إلى العيش في ظلال مبادئ عظيمة منها التعايش السلمي بين بني البشر، حيث إنّ الله سبحانه وتعالى ميز الإنسان بالعقل، وجعل من مبادئ حياته أن يرحم القوي الضعيف بكل ما تحمله هاتان الكلمتان من معنى، وهنا تظهر قيمة التعايش السلمي بين كل طبقات المجتمع، وتتحقق ثمار الرحمة بعد بسط ثقافة "الراحمون يرحمهم الله". ولا شك في أنه إذا شاعت ثقافة الرحمة بين القوي والضعيف، وبين الأفراد والأُمم فإنّ البشرية ستشهد مراحل عظيمة من البناء النفسي والإيماني، ستظهر نتائجه على الأُمم في صورة تعايش حميد.

لقد خلقنا الله تعالى، وجعلنا شعوباً وقبائل لنتعارف ونتعايش وفق قيم تحترم الإنسان، وبموجب ضوابط تكفل لكل فرد حقه في العيش بسلام واستقرار. وما أحوج العالم اليوم إلى تدارس تلك القيم والضوابط والأخذ بها ..


س/إذن هي معادلة راقية، فالتعايش السلمي، يدعو الناس إلى التسامح والتآخي، فإذا حققوا ذلك، استطاع أبناء من  مجتمعنا العيش بالطمأنينة وسلام ..


ج//مضمون التعايش أن تشعر أنك مواطن متساوٍ مع الجميع بدون تفرقة حسب اللون أو الدين او القومية  أو الطائفة، وأنّ القيم المشتركة هدفها إعلاء لمبدأ الحياة والعيش المشترك، وتمجيد لهذا الهدف من خلال اقتراب أكثر من الآخر وتبادل المنافع معه، وفي نفس الوقت احترام اختياراته وأسلوبه في إثراء العيش المشترك في المجتمع .

 أن الأمن والسلام قيمة عظيمة دعت إليها جميع الأديان السماوية، واستقرت في سائر الأعراف الإنسانية، ولن تتحقق إلا بترسيخ قيمة التعايش، ونبذ العنف والإرهاب، ونزع أسباب الفتنة التي تتولد بسبب تلك الرغبة المقيتة لدى بعض المتطرفين من أي دين أو عرق في السيادة والسيطرة وفرض الرأي بالعنف والقوة، والعملِ على مصادرة الأفكار والمعتقدات المخالفة، والسعي للتضييق عليها باستعمال العنف والقوة، وهذا العمل ترفضه الأديان جميعًا وتأباه جميع الأعراف والثقافات الإنسانية.


شكر جزيل لاستاذ عمار كزار النمر لهذا الشرح الوافي ..

إرسال تعليق

0 تعليقات