كيفية كتابة خُطبة أو مَقال

مشاهدات



مَحمود الجاف 


إن الهدف مِن كِتابَة خُطبَة أو مَقال هو المُساهَمة في تَغيير الناس ايجابيا ولهذا نُكلفُ أنفُسنا الجَهد والعَناء لأنهُم قد يتذكروا 10 % إلى 30 % مِنها وبَعضها قَد يَصل مُعدل نِسيانهُ إلى 100% وأحيانا يبتعد تفكيرهُم بعد دقائق مِن بِدايتها فَيلتقط احدهُم دفتر مَواعيدهُ ويبدأ بتَنظيم بَرنامجهُ للألف سَنة القادمَة أو يَخرُج في النِهاية وَقد عرَفَ عَدَد الألواح التي تُغَطي السَقف . 


يَندفِع الناس إلى العَمل بَعد أن يثقوا بك ويسمعون حديثك أو يقرأوه وأنت تضع لهم الحُلول لمُشكلة يعانونَ مِنها . إنهُ حُب يَنبُعُ من الأعماق إلى جانب كونَها ثقة فكرية لا تأتي إلا مِن خلال الظُهور الشَخصي .

بدأت فكرة كتابَة المَقال عندَ قُدماء الإغريق فقد كانَ النظام القَضائي يُوجِب أن يَترافَع الخَصمان كل عَن نَفسهِ أثناء جَلسة المُحاكمة وَسُرعان ما بدأ المُدعون والمُتهمون يَلجَأون إلى خُطباء مُتخصصين يَتحدثون باسمهِم لقاءَ مَبالِغ نَقدية ( هنا تبادَر إلى الذِهن كَلمَة . مُحام ) فبَرزَ مَجال الخِطابَة إلى الوُجود . وفي الوَقت نفسهُ اكتشفَ رجال السياسة ضَرورة الحَديث عن قضاياهم العامة كما يفعلون الآن وقد أدى هذان النوعان إلى ظُهور مُقدار لاباس به من النصائح المُتعلقة بكيفية إلقاء الخطب أو كتابة المَقال وقد ترك الإغريق نصائح تفصيلية بديعة تتعلق بكيفية التعرف على الحجج الباطلة والإتيان بالعبارات المَجازية الأنيقة أو صِياغة الجُملة بِطريقة تُحرك مَشاعر المُستمعين أو القُراء وكيفية وَضع بُنية خَطبة مُقنعة تُؤثر في الجُمهور .


كان ديموستينس Demosthenes مثلا خطيبا إغريقيا مَرموقا عانى في صِباهُ من العَجز عن النُطق السَليم وإعاقة أثناء الكلام وتَمَرن وحيدا على خُطبة على شاطئ البَحر وقد وضَع في فَمهُ حُصَيات ناعمَة جَمعَها من بَين الرِمال وعِندما غَدا قادرا على الكَلام بِوضوح أزالها وَسُرعان ما اشتهَر بإلقائهِ الواضِح . ولا تَزال هذهِ الطَرائق حَية في عَصرنا الحالي وأحيانا نَرى بَعض مُدربي الخِطابة يَنصَحون طُلابهم مِمَن يَتكَلَمون ( بِشِفاه رَخوة ) أن يتدربوا على إلقاء الخُطب وقَد وضَعوا قَلما بَين أسنانهِم . 


تُعتبَر المَقالة قَديماً وَحَديثاً واحدة من أهَم إفرازات النِتاج الأدَبي على الإطلاق فَهي طَريقة فَنية مُمَيزة تُعالج الكثير من القضايا والظَواهر في اتجاهات كَثيرة . وكَغيرها منَ الفُنون فإن لها العَديد مِن التَعريفات فَمَثلاً عَرفَها أحمد أمين بأنها إنشاء نَثري قَصير يَتَناوَل مَوضوعاً واحداً غالباً كُتبَت بِطَريقَة لا تَخضَع لنظام مُعين بل حَسب هَوى الكاتب وعرَفتها دائرة المَعارف البريطانية بأنها قِطعة فَنية مُؤلفة مُتوسطة الطول وتكون عادة مَنشورة في أسلوب يَمتاز بالسهولة والاستطراد وتعالج مَوضوعاً من ناحية تأثُر الكاتب به . 


لكن السُؤال الأهم هوَ كَيفَ يُمكنُ لي أن اكتب مَقالة ؟ وما هي السِمات الأساسية المُميزة لها والشُروط التي يَنبغي مُراعاتها ؟ 


1 : اختيار اسم الكاتب : الاسم شيء مهم جدا وضروري لأنه قد يؤدي الى اعجاب القراء او نفورهم وسيحفظه القارئ ويتابعك عليه ولهذا يجب ان يبقى ملازما لك طوال حياتك . 


2 : عنوان المقال . يجب ان يكون جذابا مثيرا يجلب الانتباه ومختصرا جدا يمثل لب الموضوع .

3 : يتكون المقال او القصة من المقدمة والمادة العلمية او الادبية ثم الخاتمة .

4 : يجب ان لاتكرر الكلمات مطلقا وان كان لابد فيمكن استخدام مرادف لها مثل الدار . تصبح البيت . او يمكن ان نقول المنزل وهكذا .


5 : يجب مراجعة الاملاء والتأكد من دقته بعد اكمال الكتابة .

6 : كلما كان الموضوع مختصرا اكثر كان اجمل وافضل . اي ان كان خمسة سطور افضل من 6 وهكذا بشرط ان يكون مستوفيا لجميع الشروط والقصة والهدف منه واضح .


7 : اذا كان المقال يشخص مشكلة اجتماعية ويضع لها الحلول كان اجمل وافضل واكثر اهمية .

8 : كلما كان اطار المقال اكبر يصبح اكثر فائدة وشمولية وجودة فمثلا عندما نكتب عن بغداد . المقال سيكون مهما لأهل بغداد ولكن لو كتبنا عن الاطفال فسيكون مهما لكل الدنيا .


9 : كلما كان المقال بعدة لغات كان اكثر فائدة واعلى اهمية وانتشارا .

10 : الانتباه الى تسلسل الاحداث وترتيبها الزمني امر مهم جدا . 

 

11 : المقال َيهدف إلى إقناع القارئ بِرأي أو قَضية لذلك يَجب مُراعاة سَلامة الأفكار ودِقتها ووضوحها كما يَجب أن تنبُع من طَريقة الكاتِب الخاصَة في عَرض وجهَة نظرهِ بالإضافَة إلى صِدق ما يَقول . 


12 : العَرض الذي يُشعر قارئهُ بالمُتعة نَحو الحَديث الذي تَطرحهُ لهذا يَجب تَقديمه بطَريقة شَيقَة وَجَذابَة . 

13 : البُعد عن الإطالة وعَرض التَفصيلات حَيثُ لا ينبَغي أن تكون عِبارَة عن حَشو كَلمات أو ثَرثَرة لا يَخرج مِنها القارئ او المستمع في النِهاية بأي فائدة . 


14 : يتَنوع أسلوب المَقالة بتنَوع مَوضوعَها وهي عِبارة عن بَصمة الكاتِب الشَخصيَة وطَريقَة صياغتهُ لها ويَعكس بِشكل واضِح أسلوبهُ الذي يُعطيهِ صِفَة مُميزة عن الآخرين .


15 : تنشر المَقالة مُوافقة للحَدث زمنيا وفي وقت الذَروة وَليسَ بعدَ مُرور الوَقت لأنها سَتُصبِح بِلا قيمَة . 


يَجب أن تَكون المُقدمة قَصيرة وَمُتصلة بِالمَوضوع ومُختَصَرة وتتَضَمن بَعض عَناصر التَشويق والتَنبيه وأسلوبها مَرناً والعَرض في صُلب المَوضوع وجَوهرهُ ويتم مِن خلالهِ مُعالجة الأفكار بالطَريقة التي يَراها الكاتب بِحيث تكون مُناسبة وتَتضمَن بعض النماذج والأمثلة الواقعية التي تدعَم الفِكرة مَع الانتباه إلى التَسلسُل الزَمَني وَوضوح الأسلوب وتَقديم الأدِلة والبَراهين ثم الخاتمة التي هي النَتيجَة التي يَصل إليها في النهاية حَيثُ يتم تجميع عناصرها بِصورة مُركزة على الجَوانب الهامَة فيها وإبراز النَتائج التي وصَلتَ إليها والتي مِن المُهم أن تَكون مُوجزَة ومُعبرة عن الفِكرَة الأساسية .

إرسال تعليق

0 تعليقات