هدير الماء الطهور

مشاهدات



د. فاتح عبدالسلام


توسّخ العراق بالشعار السياسي والحزب السياسي والمال السياسي وبكل ما قيل انه سياسي وحتى بالذي يقدم نفسه دينياً وهو الى النخاع ماض في برنامج سياسي. توشك العراق كثيراً ولم تعد هناك فرص كثيرة، بل ربّما لم تعد له فرصة على الاطلاق في خلال جيل كامل أن ينظّف نفسه ويظهر مشرقاً تحت الشمس حتى لو كان ثوبه ملطخاً ببعض بقايا البُقع هنا وهناك لبعض الوقت.

العراق طوال قرن كامل، كان مليئاً بالسيّاسيين والاحزاب، حتى في فترات الاستبداد، غير انَّ السياسة كانت تتوافر على بعض المعاني السامية مهما شابها من خسّة وتلوث، ذلك انَّ عنصر الخير كان أقوى من عنصر الشرّ ، وإنْ لم يكن أقوى فقد كان موجوداً بمستويات معينة.

اليوم السياسي رديف المعنى المطلق للشر المطلق في الفساد والعمالة والخيانة والجُبن والتخلّف والدجل والقتل المعنوي للقيم والمادي عبر التصفيات التي لا حصر لها.

السنوات الثماني عشرة الأخيرة، وقبلها لنعد عشرين سنة تسبقها، انحدر معنى مصطلح السياسي من درجة سوء واطئة الى درجات تنزلق نحو الهاوية.

كانت دائماً هناك درجة ضبط لسوء السياسي، قد يتأخّر مفعولها وتوقيتها، لكن يبقى لها مؤشر واضح على وجودها .

بعد ذلك، لم نعد نحتاج الى تفسير أو تبرير أو حتى توصيف أسباب جموع الغضب من الشباب العراقي الخارج من بقاع اليأس والدمار، باحثاً عن أمل يراه قريباً، وسواهم في ظلمات السُحت الحرام، يرونه بعيداً.

لقد توسّخ العراق كثيراً، توسّخ أكثر ممّا حدث له أو فيه في أية حقبة بالتاريخ أو قبل التاريخ ، ولابدَّ من هدير الماء الطهور.

إرسال تعليق

0 تعليقات