الليلة الكبيرة

مشاهدات

 





موفق الخطاب
 
        
بعد أن فشلت التجربة الأمريكية التي سوقتها للعالم بجعل  العراق إنموذجا يحتذى به في الازدهار والديمقراطية على مدى عقدين من الزمان ومنذ إحتلاله، فقد وصلت العملية السياسية فيه الى حافة الإنهيار .
ولقد رفض الشعب العراقي هذه الطبقة السياسية بكل ما يملكه من ادوات والمشروع الأمريكي برمته منذ الأيام الأولى لتدنيسهم أرضه.
فهذا الشعب العظيم  لا يقارع حكومة فاسدة ومجموعة عملاء وخونة فحسب بل هو يقارع منظومة شر عالمية كبيرة تترأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا  ودول كبرى قد مهدوا و خوَّلوا النظام الإيراني بتنفيذ أجندة مدمرة في تقاسم ثروات العراق وتصفية كفاءآته والعمل على إضعافه إلى الحد الذي يفقده حتى الحفاظ على هويته وخيراته و امنه الداخلي وسيادته وحدوده وتزييفه وطمس  تاريخه مما ينعكس على خلخلة امن المنطفة برمتها .
إن ما يجري  من أحداث على مسرح العراق  يذكرنا بمسرحية  (الليلة الكبيرة)  التي ابدع فيها الراحلين الشاعر صلاح جاهين والموسيقار سيد مكاوي رحمهم الله والتي كانت تقام مع قدوم الأعياد في مسرح العرائس في مصر وننتظرها بشغف في صباح العيد لتُعرض على شاشة التلفزيون بالبث الابيض والاسود ، وكنا في ستينيات القرن الماضي صغارا قُصَّرا لم نتوقع أن خلف تلك الكواليس أصابع تحركهم بخيوط ناعمة وبخفة ودقة وما يشدنا لها هو  التركيز على حركاتهم والموسيقى الممتعة والأداء الجميل .
 فكل ما يحدث فيه هو ضمن إيقاع منضبط تتحكم فيه جميع الدول التي لها  فيه مصالح تريد الحفاظ عليها بتحريك أدواتها وشخوصها . لذا فإن التغيير فيه لابد أن يحصل لكن يحتاج إلى تكاتف و وعي داخلي  وإسناد دولي ما زال مغيبا اقليميا وعربيا  وإسلاميا لكشف وقطع تلك الاصابع التي تدير المسرحية والإجهاز على الدمى..

وما تشاهدونه اليوم من إختلاف وتقاطع السياسيين و اتهام بعضهم البعض حد الخيانة وكيل اشكال الاتهامات والتسريبات فجميع ما يصلكم هو تضارب مصالح وليس صحوة ضمير ولا لإنتشال البلد من الغرق، ولا تختلف كتلة عن اخرى ببرنامجها النهضوي بل الاختلاف هو على الاستحواذ على المناصب ونسب الحصص وتقاسم السرقات ، وعند وصولهم لحافة الإصطدام تلوح لهم إيران بالعصا الغليضة  لتصدر منهم صباحا بيانات مشتركة ( أن رابط الأخوة بينهم متين، والقصد هو التوافق على الخيانة والنهب والعمالة والحفاظ على مصالحهم وَمصالح أسيادهم ...

 هذا هو واقع الحال وكل الإحتمالات واردة في الملف العراقي فعالم السياسة لا يوجد فيه صديق دائم ولا عدو دائم  والمصالح فيه متغيرة،  فبعد تراخ دام لعقدين في فسح المجال للحكومات المتعاقبة في السطو على خيرات العراق وتهريب العملة الصعبة  تم محاصرة هذا النظام و وضعه تحت المجهر في مراقبة حركة الدولار فيه وربطه بالبنك الفيدرالي والزامه بشروط صعبة التطبيق في التحويلات المصرفية بإتباع نظام سويفت  في نظام يعتاش على الفساد،خصوصا  بعد ان تغيرت قواعد اللعبة في اصطفاف النظام الايراني مع الدب الروسي بالضد من امريكا  وأوربا ، وستتعاظم وتتسارع  هذه المعضلة ولا  يستطيع أحد ان يتكهن بما ستؤول اليه الأمور.
ومن يعاني كالعادة من أزمة الدولار او اي أزمة إقتصادية هي الشعوب، ومعلوم أن اغلب الثورات والانتفاضات تنفجر عند محاصرة الشعوب في رزقها ، فثورة الجياع لا يمكن احتوائها واخمادها  وربما قدح شرارة  قد تقلب الموازين،(( فلا كرامة لجائع .))
هذا هو ملخص الوضع العراقي بإيجاز.

إرسال تعليق

0 تعليقات