من حكايات القضاء العراقي

مشاهدات

 





 محمد عبد المحسن

هذه الحكاية التي لا تخلو من الطرافة رواها لنا شيخ القضاء أستاذنا المرحوم ضياء شيت خطاب :
أيام العهد الملكي كانت لرئيس مجلس النواب أرض زراعية مجاورة لمزرعة أحد المواطنين ، وقد تجاوز فلاحو رئيس المجلس على جزء من أرض ذلك المواطن وصاروا يزرعون فيها ، فحاول الرجل إقناعهم بإزالة التجاوز لكنهم لم يلتفتوا إليه ، فاضطر إلى اللجوء إلى القضاء طالباً إزالة التجاوز ، وحين أرسلت المحكمة ورقة التبليغ طرد حراس دار رئيس المجلس المبلّغ وادّعوا أنه غير موجود ، وتكرر ذلك كلما قررت المحكمة إعادة التبليغ ، فأمر القاضي المبلّغ بأن يشرح تحريرياً أسباب تعذّر تبليغ المدعى عليه ، فذهب المبلّغ لإجراء التبليغ فادعى الحراس هذه المرة أن رئيس المجلس المطلوب تبليغه قد سافر ، فسألهم عن جهة سفره فامتنعوا عن الإجابة، وهنا شرح المبلّغ ما يفيد تعذّر تبليغ المدعى عليه لانتقاله إلى جهة مجهولة ، وعند ذاك قرر القاضي وفقاً للقانون تبليغه بالنشر في الصحف المحلية ، وبعد أيام قرأ الناس بدهشة التبليغ المنشور الذي يتضمن كون عنوان المدعى عليه ( رئيس مجلس النواب ) مجهولاً ، وأثار ذلك تعليقات مختلفة حتى وصل الخبر إلى رئيس الوزراء نوري السعيد ، فاستدعى وزير العدل ( وهو آنذاك أحمد مختار بابان ) وسأله بانفعال : " ماذا سيقول العالم وهو يقرأ أن رئيس المجلس النيابي العراقي مجهول محل الإقامة ؟ "، فكان جواب الوزير أنه لا يستطيع التدخل في شؤون القضاء وقراراته ، فكان أن انتظر الباشا السعيد عودة رئيس المجلس من السفر واتصل به وأقنعه بتسوية الموضوع ودياً ، وهو ما جرى بالفعل، إذ تمت إزالة التجاوز وترك المدعي دعواه فأبطلت وبذلك انتهى النزاع .
في الحكاية أكثر من مغزى .

إرسال تعليق

0 تعليقات