التعليم في المدارس الخاصة

مشاهدات


 
 

د. هيثم جبار طه
الخبير الدولي في جودة التعليم والاعتماد الاكاديمي

المقدمة:

خلال السنوات الأخيرة ارتفع عدد الجاليات العربية والاجنبية في تركيا إلى قرابة أكثر من 5 ملايين شخص، كما تزايدت أعداد الطلبة العرب والاجانب الراغبين باستكمال دراستهم في المدارس التركية، حيث يلجأ الكثير من أهالي الطلاب الى المدارس الحكومية التركية التي يصفونها بالجيدة جدًا وبرسوم شبه مجانية، رغبة منهم أيضًا في دمج أبنائهم بالمجتمع. ومع اقتراب كل عام دراسي جديد، يتردد أهالي طلبة المدارس ورياض الأطفال في العالم في تسجيل أبنائهم وحجز مقاعد لهم بالمدارس الخاصة، إذ يتخوف البعض عن طريقة التدريس في هذه المدارس.
تكمن اهمية المدارس الدولية الخاصة أيضا بكونها حلقة الوصل بين الطفولة المبكرة التي يقضيها الطفل في منزله وبين مراحل اكتمال النمو التي يتهيأ بها للقيام بدوره ضمن المجتمع ولهذا يجب ان يكون هناك إتصال وثيق بين الحلقات الثلاث, ( المنزل والمدرسة والمجتمع ). حيث في كل عام دراسي جديد، تتجدد أزمة مصروفات المدارس الخاصة بالرغم من إصدار الاعلانات من بعض المدارس حول التخفيضات في الاسعار والتي تُحدد فيها المصاريف ونسب التخفيض المطروحة، إلا أن التحايل من جانب بعض أصحاب المدارس الخاصة يؤدي فى النهاية إلى رفع كُلفة التعليم الأساسي بنسب باهظة.
حيث  بعض أصحاب المدارس الدولية الخاصة هم فقط من ينعمون بالأموال الطائلة التي يستنزفونها من جيوب الآلاف من أولياء أمور التلاميذ، بالإضافة إلى سعيهم الدائم لجني أموال إضافية بأي طرق أخرى!
وتعتبر القنبلة الموقوتة التي تهدد سمعة النظام التعليمي برمته محليا ودوليا إضافة إلى التصنيف العالمي, هي المدارس الدولية الخاصة, ليس المقصود تلك المدارس النموذجية، إنما نقصد بعض المدارس الدولية (أصحابها من التجار الذي لايفقهوا في التعليم شيئاً) والتي تعتمد المناهج الدولية كاملة ونظام تقييم الدرجات هو النظام الدولي، إلا أنها قطاع التجارة والربح همهم الوحيد, حيث يلتحق بها للأسف الطلاب العرب والاجانب.

مصاريف التعليم الخاص

العديد من أهالي الطلبة ممن يعانون من ظروف اقتصادية صعبة فرضتها عليهم أزمة كورونا وتركهم لإعمالهم، أجبروا على التسجيل في المدارس الحكومية خاصة أن أولياء الأمور مهددون بخفض رواتبهم في حالة أستمرارهم بالعمل نتج عدم تمكنهم من تسديد الأقساط الدراسية في المدارس الخاصة. وما زال القلق يخيم على أولياء طلبة المدارس الخاصة، فاضطروا بعضهم ممن يعيشوا في تركيا، إلى سحب أوراق أبنائهم من المدارس الخاصة وتقديمها في مدارس حكومية، مؤكدين أنهم يفضلوا التعليم الحكومي في الوقت الحاليّ لعدم وجود أي قرارات أو رؤية واضحة بالمدارس الخاصة التي قالوا إنها ما زالت تقدم المقاعد الدراسية كاملة الرسوم مثل الأعوام السابقة. حيث يدفع أولياء الأمور رسومًا مقابل الخدمات والتي تكون هي نفسها بالمجاني في القطاع الحكومي، واصفين هذا التصرف تحت بند "الاستغلال" أو "التجارة" وتحقيق الأرباح لأصحاب المدارس الخاصة.

بعض المدارس الدولية الخاصة

حتى لايكون التعميم غير عادل أتجاه بعض المدارس الدولية الخاصة، فإن هناك أخبارا متواترة وأصبح لا يخفى على أحد أن بعض هذه المدارس أصبحت ملاذا لكل من يريد الحصول على فرص النجاح فى جميع المراحل من دون عناء الدراسة أوحتى الانتظام بالحضور المدرسي والوقوع تحت طائلة العقوبات المدرسية فى لوائح الغياب والفصل من الدراسة أوالإنذارات ومايترتب عليها من الخصم فى تحصيل الدرجات لذلك كانت بعض هذه المدارس ملاذا لهم فى ظل غياب شبه تام من الرقابة.
رائحة بعض المدارس الدولية الخاصة قد فاحت, بل إن كثيرا من أولياء الأمور يشتكون عدم الإنصاف والعدالة كون أبناؤهم يدرسون فى مدارس حكومية يمارس فيها أشد أنواع التقييم وتطبيق دقيق للوائح الجزائية وإعداد الاختبارات والمراقبة المكثفة في الاختبارات وفي المقابل بعض مدارس التعليم الخاص يكون الطالب بعيد عن كل هذه الإجراءات المطبقة فى المدارس الحكومية.
بعض أصحاب المدارس الدولية الخاصة من يرى أن المدارس هي شركة يروم من خلالها الربح التجاري ليحقق أرقامًا في الأرباح ولايريد أن يقدم الجودة في التدريس, ويعتبرالكادر الاداري والتدريسي في المدرسة ليسوا سوى موظفين لا رأياً لهم غير تنفيذ الأوامر والتصرف بهم حسب رغبته الشخصية والتجارية, وليس هناك أي اعتبار للمسألة التعليمية.
وأن قيام بعض أصحاب المدارس الدولية الخاصة بجلب أقل الناس أجورا وكفاءة وغير مؤهليين أكاديمين كمعلمين ومدرسين وبدون جودة, وكذلك أصحاب هذه المدارس يتقاعسوا في تطوير وصيانة المدارس التي لهم خوفاً من الصرف, هذه الاشياء على عكس ما يقوم به البعض الاخر من أصحاب المدارس في التركيز على جودة التربية والتعليم والتحصيل العلمي.
ولهذا نقول بأن مصداقية التعليم في التكوين والتأهيل وبناء شخصية أبنائنا الطلبة، التي تعتبر النواة الحقيقية للمناهج التربوية والتعليمية, وتربية الطالب على القيم الصحيحة والسامية, والتي هي عبارة عن بناء الفرد والذي من خلاله يتم بناء المجتمع الجيد والصالح.
والعكس بالنسبة للمدارس السيئة والتي هي للأسف تكون معتمدة من وزارة التربية وبدون رقابة مستمرة ودورية, حيث يتخرج منها أجيال من الطلاب والطالبات متدنية على مستوى المخرجات العلمية وبنسب عالية فى الثانوية العامة تتسبب فى تضخم أعداد المتقدمين على مؤسسات التعليم العالي.

واجبات الادارات التربوية الحكومية

- فرض رقابة مُحكمة على المدارس الدولية الخاصة من قبل وزارة التربية والتعليم، خاصة قضية رفع المصاريف من قبل بعض المدارس الخاصة في ضوء الأزمة الاقتصادية التى يمر بها العالم أجمع وخاصة الأجانب الذين يعيشوا في خارج بلدانهم وعدم توفر عمل لهم، أصبحت ضرورة ملحة على وزارة التربية والتعليم الانتباه لها والعمل على تطبيقها بكافة الطرق والوسائل.
- وزارة التربية عليها مسؤولية كبيرة تجاه هذا الانفلات التعليمي فى بعض مدارس التعليم الخاص، وعليها تكثيف رقابتها الدورية وخصوصا فى فترات الاختبارات.
- على وزارة التربية التركية التحقيق في بعض تجاوزات مدارس التعليم الخاص فيما يخص الامور القانونية من ناحية المعلمين والموظفين وأمور أخرى ومتابعة التعليم الخاص ومراقبة هذه المدارس وتقوم بتقييم مستمر لخريجي هذه المدارس، وبهذا سوف لن تكون هناك قنبلة موقوتة يخص مستوى جودة التعليم فى بعض المدارس الدولية الخاصة.
- لكون التعليم جزء غير قابل للقسمة والانقسام نتمنى من المسؤولين المعنيين في وزارة التربية والتعليم وهي الجهة المسؤولة على الإشراف العام على التعليم بشقيه العام والخاص والمخولة بسن التشريعات والأوامر لحماية أبنائنا الطلبة وصيانة التعليم وتطويره فإن من المهم الالتفات إلى مايحدث في البعض من مدارس التعليم الخاص والاستماع إلى مشاكل العاملين والطلاب والضغوطات التي يتعرضون لها ووجهات نظرهم لكل ما يجري بين جدرانها مما ينعكس سلباً على الطلبة وجودة التعليم ومخرجاته.
- نتمنى من أدارة التعليم الخاص بوزارة التربية, أن تقوم بتشكيل لجنة من شأنها مراجعة جميع أمور المدارس الدولية الخاصة وبالأخص الاكاديمية والادارية والمالية.

واجبات أولياء أمور الطلبة

1- التأكد من أن المدرسة مرخصة من وزارة التربية.
2- التأكد من الاعتماد والمنج الدراسي للمدرسة المرخص من قبل وزارة التربية, والمثبت في الورقة الرسمية للترخيص.
3- التأكد من نموذج الشهادة النهائية للطالب والتي تمنحها له المدرسة, ومثبت بها مفردات المنهج الدراسي التي سيتم دراسته خلال السنة الدراسية, ومقارنته مع ترخيص المدرسة الممنوح لها من وزارة التربية.
4- التأكد من نموذج لشهادة النهائية للطالب في الصف الثاني عشر(G12) والتي تمنحها له جهة الاعتماد الرسمية, ومثبت بها مفردات المنهج الدراسي التي سيتم دراسته خلال السنة الدراسية, مع شعار جهة الاعتماد, ومقارنته مع ترخيص المدرسة الممنوح لها من وزارة التربية.
5- مقابلة المدير الاكاديمي للمدرسة ومعرفة مدى أمكانيتة في الامور التعليمية والاكاديمية للمدرسة, من خلال توجيه الاسئلة التربوية والتعليمية له وأعلامه عن مستوى الطالب الحقيقي ونقاط الضعف والقوة لدى الطالب من جميع النواحي.
6- مقابلة صاحب المدرسة لمعرفة مدى أمكانيته في أمور التربية والتعليم وخلفيته الثقافية, من خلال توجيه الاسئلة التربوية والتعليمية له (لان أدارة وسياسة المدرسة التربوية والتعليمية تتأثر بشخصيته وخلفيته الثقافية والتعليمية).

وليكن شعارنا في أختيار المدرسة ( التربية, التربية, التربية ثم التعليم)

ولهذا وجب علينا جميعاً كأولياء أمور طلبة ومعلمين ومن الذين يهمهم مستقبل أبنائهم بالدرجة الاولى أن لانسمح أبداً لكل من تسول له نفسه أن يحطم مستقبل أبنائنا وأن نتكلم في كل المواقع الاعلامية, والتوجه برسائل الى ادارات التربية لمنع حدوث أي خلل يؤدي الى تحطيم مستقبل أبنائنا, وكرد جميل لبلداننا العزيزة أن لا نسمح للفاسدين بأن يلوثوا صورة التربية وفي أي مكان في العالم.
















إرسال تعليق

0 تعليقات