قصة التأمين التجاري

مشاهدات


 

 

عمر سعد سلمان
                                   

بدأ التأمين في نطاق التأمين البحري في القرن السادس عشر الميلادي وذلك بسبب المخاطر التي كانت تتعرض لها السفن في البحار وهي محملة بمختلف البضائع، حيث نشأ نشاطاً تعاونياً بين تجار البندقية عندما تعاونوا على دفع اخطار البحار على السفن والبضائع ثم على الانفس، وكانوا في مجموعهم هم المستأمنين والمؤمنين معاً، بعدها استحوذ اليهود على التأمين وحولوه من المفهوم التعاوني الى المفهوم التجاري، فأتسع مجال التأمين ليشمل كافة نواحي الحياة معتمداً في ذلك على القلق الدائم الذي ينتاب الناس حول مستقبلهم فشمل التأمين على السيارات والمحلات التجارية والبيوت والحياة نفسها.
وبدأ تعاون شركات التأمين فيما بينها تحقيقاً لمصالهم المشتركة حيث ظهر ذلك التعاون واضحاً اثناء الحرب العالمية الثانية حينما رفعت جميع شركات التأمين الرسوم ضد مخاطر الملاحة في كل البحار وخاصة في البحر المتوسط، حيث رفعت الرسوم 5 اضعاف وكان ذلك التعاون منهم بالطبع ضد مصلحة المستفيدين وكان من ثمار هذا التعاون بين تلك الشركات ان أصبحت شركات احتكارية ولقد وصل الامر بهذه الشركات الى حد انكارها لكل مسؤولية عن اخطار الحرب تحت أي ظرف من الظروف ولأي سبب، ويتعجب البعض من ذلك التصرف باعتبار منافاته الظاهرة لطبيعة عمل شركة الـتأمين، والواقع انه تصرف طبيعي في الامرين، أي رفع قيمة القسط الى اضعاف ما كانت عليه، وذلك راجع بطبيعة الحال الى زيادة نسبة الهلاك، وبالتالي ترتفع قيمة الأقساط عن المعدل الطبيعي، والامر الثاني وهو انكار مسؤولية الشركات عن اخطار الحروب، وذلك لأنها تحتاج حينئذ لتحصيل أقساط مقاربة لمبلغ التأمين، وهو امر عديم الفائدة فلزم استبعاد التأمين ضد الكوارث الطبيعية والاخطار التي تتصف بالعمومية.  
وبعد التأمين البحري ظهر التأمين ضد الحريق بعد حريق لندن 1661م اذ كان للخسائر الكبيرة التي تمت بسبب هذا الحريق، والتي خربت حوالي 85% من منازل المدينة أثرها في التفكير في نظام التأمين ضد الحريق عن طريق تكوين جمعيات تعاونية في بداية الامر تحولت فيما بعد الى شركات متخصصة انتشرت في عدد من الدول ثم ظهر بعد ذلك التأمين على الحياة وكان في اول الامر يعد عملاً منافياً للأخلاق حتى أصدر لويس الرابع عشر في فرنسا قرار بمنعه في عام 1681م.
ومع ذلك ففي النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدأ هذا النوع من التأمين في الانتشار وان كان قد سبق تطبيقه قبل ذلك التاريخ في كل من بريطانيا والولايات المتحدة ثم استتبع ذلك تقدم وسائل المواصلات وما نجم عن ذلك من حوادث مما أدى الى ظهور نظام التأمين ضد المسؤولية عن حوادث السيارات وانتشر كذلك نظام التأمين ضد المسؤولية عن الحوادث التي تقع للعمال في الصناعة حيث يقوم أصحاب الاعمال بالـتأمين ضد مسؤولياتهم عن الحوادث او بتأمين عمالهم مباشرة ضد حوادث العمل.
وفي القرن العشرين اتسع نطاق التأمين بصورة كبيرة حتى ظهرت صور شتى له منها التأمين ضد السرقة ونفوق الحيوانات، وكان للقانون الفرنسي الأثر الكبير على القانون المصري المأخوذ عنه، ثم جاء القانون العراقي والسوري ليأخذ عن القانون المصري.



















إرسال تعليق

0 تعليقات