قانون حرمان المسيء يطارد نشطاء المعارضة في الكويت

مشاهدات

 





عاد قانون حرمان المسيء إلى دائرة الضوء مجددا في الكويت، وسط مطالبات بضرورة أن يكون تعديل هذا القانون أحد بنود أعمال مجلس الأمة المقبل، لما يتضمنه بحسب منتقديه من تعسف، وضرب للحريات والحقوق السياسية.

الكويت – أعاد شطب عدد من المرشحين للانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في الكويت نهاية الشهر الجاري، تسليط الضوء على قانون “حرمان المسيء”، الذي لطالما شكل مثار جدل واسع منذ إقراره قبل نحو ثماني سنوات.

وقانون “حرمان المسيء” هو تشريع أقره مجلس الأمة الكويتي في الثاني والعشرين من يونيو 2016، ويقضي بحرمان كل من “أدين بحكم نهائي في جريمة المساس بالذات الإلهية والأنبياء والذات الأميرية”، وقد طُبّق بأثر رجعي.

وجاء إقرار القانون بعد انتقادات وجهها نشطاء ونواب من المعارضة الكويتية إلى أمير البلاد الراحل صباح الأحمد الجابر الصباح (توفي في العام 2020).

وقد تعرض عدد من هؤلاء النواب والنشطاء إلى ملاحقات قانونية بفعل القانون، كما تم إبطال عضوية عدد منهم في مجلس الأمة بسببه، على غرار النائب المعارض بدر الداهوم، الذي قضت المحكمة الدستورية في مارس من العام 2021 بإسقاط عضويته بعد طعون قدمها عدد من الناخبين.

وأقيم الطعن القانوني في شرعية عضوية الداهوم على إدانة سابقة أقرّها القضاء الكويتي في حقه سنة 2013، بسبب “إهانة الذات الأميرية”.

وكان نواب المعارضة قد سعوا من خلال مجلس الأمة المنحل إلى تعديل قانون المسيء، لكن الخلافات المتزايدة بين المعارضة والحكومة حالت دون ذلك.

وأثار قرار السلطات الكويتية الأسبوع الجاري بشطب 15 مرشحا للانتخابات التشريعية التي ستجري في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، لأسباب مختلفة من بينها تلك الواقعة تحت طائلة “قانون المسيء”، ضجة واسعة، وسط دعوات طالبت بضرورة إلغاء ذلك القانون الذي يتعارض بحسب منتقديه مع مبادئ الديمقراطية.

وطال قرار الشطب النائب السابق عبدالله البرغش، والنائب السابق نايف المرداس، والنائب السابق خالد شخيّر المطيري، وأنور الفكر، ومساعد القريفة، وعايض أبوخوصة العتيبي.

وغرّد المرداس قائلا، “تم إبلاغنا بقرار الشطب من الانتخابات بسبب قضية ترديد الخطاب، التي لم يُبتّ فيها من محكمة التمييز، وتطبيق قانون المسيء بأثر رجعي مخالف للمادة 179 من الدستور، والحرمان من الترشح هو عقوبة تبعية”، وشدد على أنه “لا يجوز محاسبة إنسان على فعل سابق على صدور القانون، وسأتقدم بالطعن في القرار أمام المحكمة”.

وعلق البرغش، عبر حسابه على تويتر قائلا “سأتقدم بالطعن في قرار وزير الداخلية، الذي طبق قانون المسيء بأثر رجعي، والتف على حكم محكمة التمييز، رغم حصولي على رد الاعتبار قبل سنتين”، مضيفاً أن، “قرار الشطب جاء في وقت ضيّق قبل الانتخابات، وهذا ما كنا نحذر منه يا وزير الداخلية بعدم التدخل في الانتخابات”.

وكان البرغش أحد الذين تم سحب جنسيتهم في عام 2014، إلى جانب عدد من المعارضين الإسلاميين والدعاة، بسبب مشاركتهم في حراك 2012، الذي طالب حينها بمقاطعة الانتخابات التشريعية بسبب مرسوم الصوت الواحد، وعدم محاسبة الوزراء المتورطين في قضايا فساد.

وأُعيدت إلى البرغش وستة آخرين الجنسية الكويتية، بمرسوم أصدره مجلس الوزراء الكويتي في مايو 2017.

ويرى نشطاء سياسيون وحقوقيون أن معاقبة مواطن بالحرمان النهائي من المشاركة في الانتخابات العامة لمجرد أنه وجه انتقادات إلى أمير البلاد، تنطوي على تعسف كبير، وتنسف الصورة التي تسعى الكويت إلى ترويجها.

وقال الكاتب الصحافي صلاح الفضلي في تغريدة عبر حسابه على تويتر “إن “قانون المسيء قانون سيء، وهو مخالف للمبادئ القانونية التي من ضمنها عدم رجعية القوانين. لا يجوز أن تستخدم القوانين لتصفية الخصوم. هذا القانون وغيره من القوانين المقيدة الحريات يجب أن تنسف نسفا”.

ومن المنتظر أن يتصدر بند إعادة النظر في قانون المسيء أعمال مجلس الأمة المقبل، لاسيما في حال نجحت المعارضة في تحقيق أغلبية نيابية.

وقال مرشح الدائرة الانتخابية الخامسة سعود ناصر الطامي، إن “قانون حرمان المسيء يُشكل إساءة لمسيرة الديمقراطية الكويتية وانتهاكا لمبادئ الدستور التي تحرص على تعظيم الحريات والمشاركة الشعبية”.

وأضاف الطامي في تصريحات صحافية إنه لا يستقيم مع الديمقراطية العتيدة في دولة الكويت والمسيرة البرلمانية المشرقة والممتدة من العام 1962، أن يكون في الكويت قانون يقضي بالحرمان الأبدي من الانتخاب والترشح لعضوية مجلس الأمة.

وأكد مرشح الدائرة الخامسة أن “عدم تعديل قانون حرمان المسيء والذي كان من أهم أولويات الحملات الانتخابية في عام 2020 في المجلس المنحل هو فشل وإخفاق كبيران. وشدد على أن تعديل قانون حرمان المسيء يعتبر من الأولويات العاجلة لمجلس 2022، لأنه من غير المقبول أن يكون الحرمان أبديا لأبناء الأمة من الترشح والتصويت”.

من جهته طالب مرشح الدائرة الأولى المحامي وسمي خالد الوسمي بتعديل المادة الثانية من قانون المسيء التي اعتبرها غير ‏مقبولة من الناحية السياسية والدستوية.

وشدد الوسمي في تصريحات لوسائل إعلام محلية “لن أقبل بالظلم والإعدام السياسي ولن أسكت عن قانون المسيء، الذي يجب ‏تعديله من قبل المجلس القادم، لأنه لا يجب حرمان شخص من ممارسة حقه السياسي”.‏

وأكد أن “قانون المسيء لم يأت من الحكومة بل من مجلس الأمة، وهذا أمر ‏مؤلم ولا يمكن قبوله، فإذا أردنا الإصلاح فعلينا عدم القبول بالإعدام السياسي، وما حصل ‏للأخ بدر الداهوم قد يواجهه أي شخص، ولا تعتقدوا أن القضية مرتبطة به فقط إنما هي ‏قضيتنا جميعا، لذلك يجب التصدي لهذا القانون، لأنه معيب من الناحية السياسية والدستورية”.

وأوضح الوسمي “يجب العمل على ‏تعديل القانون فورا، من خلال تقديم تعديلات على نصوصه، حتى لا يكون التحرك مجرد كلام، وعلى كل مرشح يطرح الإصلاح أن يوقع ويتعهد بالعمل على تعديل نص المادة ‏الثانية من قانون المسيء، حتى نترجم ما نقوله إلى واقع فعلي، نبادر فيه بوضع حلول ‏لهذه القضية التي تمثل إحدى أولويات عملنا في المجلس المقبل”.

ويستعد الكويتيون لإجراء انتخابات تشريعية، يراد منها التأسيس لمرحلة جديدة خالية من التجاذبات السياسية، ويكون عنوانها الرئيسي الإصلاح، لكن مراقبين يستبعدون ذلك، لاسيما في حال نجحت المعارضة في تحقيق الأغلبية.

وكان توتر العلاقة بين مجلس الأمة السابق وحكومة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح قد أثر بشكل كبير على الاستقرار السياسي والاقتصادي للدولة الخليجية، التي تخلفت عن ركب نظرائها الخليجيين في الاستفادة بالشكل المطلوب من الوفرة المالية التي حققها ارتفاع أسعار النفط العالمية، بسبب عدم قيامها بالإصلاحات المفروضة. ‏

إرسال تعليق

0 تعليقات