ليس من قبيل الصدفة …

مشاهدات

 





نزار العوصجي

أن ما حدث ويحدث في عالمنا العربي من جرائم متلاحقة ، منذ الغزو الامريكي الصهيوني للعراق في 2003 الى هذه الساعة ليس من قبيل الصدفة .. فتحالف القوى الغربية فيما بينها ، لتعمل خارج حدودها ، و لترسل جيوشها الجرارة بعيداً عن بلدانها ، دون تفويض اممي ، مما شكل محاولة ابادة جماعية ليس للشعب فقط ، و انما للدولة العراقية باكملها (( رغم التاريخ الطويل لهذه الدولة )) لم يكن من قبيل الصدفة .. ان تتطابق الأراء مابين الدول الغازية و بعض الدول العربية و المحيطة ، حول ما جرى من تدمير مقصود للعراق و شعبه ، في تمهيد لتطبيق نظرية الربيع العربي المزعومة ، لتستثمر دول الجوار عمليات الغزو الامريكي الصهيوني لصالحها ، في اعادة رسم و تغير خارطة المنطقة ، بما يتناسب مع مشاريعها و اطماعها في بسط نفوذها على المنطقة ، تحت ذرائع و مسميات عدة اغلبها مزيفة ، لا تمت للحقيقة بصلة ، و بالاخص المذهبية منها ، مخطط له بعناية فائقة ، اجتمعت عليه الانس والجن و كل من لف لفهم ، من اعراب و اغراب ، من اصدقاء (( كنا نحسبهم اصدقاء )) واعداء طالما تحسبنا لغدرهم .. كل ذلك ليس من قبيل الصدفة ..

ليس من قبيل الصدفة ، ان ينفقوا مئات المليارات ، في سعيهم لتغير عدد من الانظمة العربية الحاكمة ، التي يسمونها دكتاتورية (( كانت تدير شؤون بلدانها بما يناسب طبيعتها )) ، ليحل محلها انظمة ميليشياوية فوضوية لاتملك القدرة على تولي مسؤولية ادارة الدولة .. ان ما تحقق خلال 19 عاما من حروب و دمار و ارهاب و نهب ، و تغيير في القيم و المفاهيم الاخلاقية و المجتمعية ليس صدفة ، حتى ان كثير من سلوكيات الافراد ، ساهم في بروز نزعات الانفصال لدى البعض لاسباب اثنية ، وسط صمت مطبق ، حكومي و شعبي .. كما اصبح مصرع عشرات الألاف سواء بفعل الارهاب او الحرب ضد القاعدة و داعش امرا طبيعياً ، و كذلك الرشوة و السرقة و الاستيلاء غير الشرعي على اموال و ممتلكات الدولة ، و تدخل الدول الاجنبية السافر في شؤون العراق و اقتطاع اراضيه و مياهه ، و تشرد الملايين من مناطق النزاع ، و هجرة اكثر من اربعة ملايين عراقي خارج الحدود ، دون ان تكلف قوات الاحتلال نفسها لتسأل ، كيف تحقق هذا في ظل الديمقراطية الامريكية المزعومة .. كل ذلك ليس من قبيل الصدفة ..

ليس من قبيل الصدفة ان يكون اغلب المراجع الدينية في العراق و الدول العربية من اصول غير عراقية او عربية ، انما اشخاص جاؤا من خارج مجتمعاتنا العربية ، تربعوا و استوطنوا في بلداننا ، ليصبحوا مراجع دينية مقدسة لا يمكن المساس بها ، داخل مجتمعات لا ينتمون اليها ، وهذا ما يبدوا واضحاً لنا ، من خلال اسمائهم والقابهم التي تشير بوضوح الى المناطق التي ينتمون و ينتسبون اليها .. هؤلاء الاشخاص كان لهم الدور الابرز في دعم احزاب السلطة ، التي سعت جاهدة الى تنفيذ ما تؤمر به بعدم اجراء اي اصلاح من شأنه رفع المعاناة عن كاهل المواطن ، و منها : منظومة الكهرباء و الخدمات ، و القطاع الصحي و العلاجي ، و قطاعات الزراعة والصناعة ، و قطاع التربية و التعليم ، و الجانب الامني و مكافحة الجريمة المنظمة ، الى جانب الحد من تجارة المخدرات ، كذلك فرض سلطة القانون و تحقيق العدالة ، و العمل الجاد لمحاسبة الفاسدين و المجرمين ، و اقرار حصر السلاح بيد الدولة ، وانهاء سطوة الميليشيات ، و منع التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي .. كل ذلك ليس من قبيل الصدفة ..

بعد ان قرأنا التاريخ جيداً ، وشخصنا ما غاب عن الاخرين من حقيقة الا وهي ، ان جميع الدول العربية كانت مستعمرة من قبل الدول الغربية ، و ان الاطماع الاستعمارية لم تغادر مخيلة المستعمر اطلاقاً ، و ان العرق الدساس لازال متجذراً ، لذا نؤكد ان ما جرى و يجري ليس من قبيل الصدفة ، بل انه امر قد دبر بليل ، خطط له منذ عقود و عقود ، يستهدف وجود الامة العربية ، تأريخاً وحاضراً و مستقبلاً ، من المحيط الى الخليج …

إرسال تعليق

0 تعليقات