التربية والتعليم في العالم (تركيا أنموذجاً)

مشاهدات

 




د. هيثم جبار طه
الخبير الدولي في جودة التعليم والاعتماد الاكاديمي

مقدمة:


التعليم هو المحرك الأساسي في تطور أي أمة من الأمم فبدون التعليم يصبح المجتمع ضعيف وهش ولا يقف على اساس ففي التعليم خدمة للمجتمع والبلاد التي نعيش فيها. وأن قوة أي مجتمع تكمن في افراده المتعلمين والعلماء وتزيد قوة قدرات المجتمع كلما قلة نسبة الجهل فيها. يعد التعليم الركيزة الاساسية لبناء الامم المتحضرة، لذا سعت الدول النامية منذ نيل استقلالها في النصف الثاني من القرن العشرين الى الاهتمام بالتعليم، لازالة عوامل التخلف، والالتحاق بمركب الامم المتحضرة. لا شك ان النهوض بالتعليم في اي دولة يتطلب مواردا مالية وبشرية كبيرة بشكل دائم وهو غير متاح في العديد من الدول، لكن التطور العلمي وشبكة الانترنت قد تساعد إلى حد كبير في توفير المال والكادر البشري حسبما تشير تجارب بعض الدول المتقدمة. وعلى الحكومات والمجتمعات في كل دول العالم ان تدرك ان الاستثمار في التعليم هو رابح على صعيد الفرد والمجتمع وسيعود بالفائدة على الدولة حتما، وان التعليم الذي لا يتماشى مع العصر ومتطلبات التنمية هدر للثروة الوطنية. وأن التعليم يقوم ببناء اجيال وافراد قادرة على التغيير والتقدم والنجاح والنهوض في شتى المجالات ومن خلال التعليم ايضا يجعل المجتمع ذات قوة وصلابة في كامل اركانه ومن الصعب انهياره او تفتيت المجتمع لأنه تم بنائه على اسس علمية وبالعلم.
ولكون التعليم هو الركيزة الاساس لبناء المجتمع وتطور وتقدم البلد بدأت سياسة تركيا التعليمية وتوجهاتها في التربية والتعليم خلال العقدين الماضيين بخطى واثقة وناجحة, وكان دور حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا وأهتمام قيادة الحزب الحاكم متمثلة بالرئيس رجب طيب أردوغان الاثر البالغ  في النهوض بمستوى التعليم في تركيا ليضاهي مصاف الدول المتقدمة.

تجارب بعض الدول المتقدمة في التعليم

بريطانيا: اختصر رئيس الوزراء البريطاني أولويات سياسته الثلاثة في الإنتخابات التشريعية لسنة 1997 في شعار "التعليم، التعليم، التعليم"، قاصدا بتكرار لفظة التعليم أن جوهر كل إصلاح وأساسه هو التعليم وأن حزبه وحكومته ستركز على هذا القطاع أكثر من تركيزها على أي قطاع آخر.

المانيا: عند سؤال المستشارة الالمانية ميركل عن سر أهتمام دولتها بالتعليم والتربية, فأجابت (بكل بساطة تكلفة الجهل غالية جداً).
ماليزيا: يقول مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا (أن أهم درس تعلمته من تجربتي في الحكم, أن مشاكل الدول لاتنتهي, لكن علاجها جميعا يبدأ من التعليم).
حيث قامت الحكومة الماليزية بعدد من الاجراءات لتحسين جودة التعليم منها:
•    إجراء إصلاحات في المناهج، مع العمل على زيادة استخدام تكنولوجيا التعليم كما اتخذت إجراءات عديده من أجل إحداث الفعالية والكفاءة في النظام الإداري للتعليم.
•    الاهتمام بالعملية التعليمية داخل الصف الدراسي، والجوانب الإدارية المختلفة في النظام التعليمي.
•    الاهتمام بالمعلم.
•    مراجعة المقررات وتطويرها.
•    الاهتمام بالمتعلمين وتوفير الأجواء اللازمة والمساعدة.
فلندا: تعد فنلندا نموذجا تعليميا يحتذى به ، فقد استطاعت أن تتفوق على تجارب أخرى في أمريكا وأوروبا من خلال اعتبار التعليم هدفا وغاية وأساسا لصناعة الأجيال من أجل التنمية وخدمة الوطن. وأصبحت هناك قناعة تامة لدى الجميع بما فيهم الحكومة والمدرس والطالب والمجتمع بأهمية التعليم، والبحث العلمي، والتدريب. واستطاعت التجربة الفنلندية أن توجد تناسقا وتكاملا في عناصر العملية التعليمية وتوفر لها كل الإمكانيات والمناخ التعليمي المناسب، فوفرت الإمكانيات المادية والفنية المناسبة، والبنى الأساسية الضرورية للعملية التعليمة كالمختبرات والمشاغل العلمية. حيث اهتمت فنلندا بتأهيل المعلمين وتدريبهم واختيار الكفاءات المناسبة، مما أهلها الى أن تكون في مقدمة جودة التعليم.
 
ونلاحظ الدول التي حققت معجزات اقتصادية في العقود الأخيرة كاليابان وكوريا الجنوبية وهونڭ كونڭ والتايوان وسنغافورة هي بالضبط الدول التي تبدي تطورا كميا وكيفيا في منظومتها التعليمية, ويتجلى التطور الكمي في المستويات الدنيا للأمية والنسب العالية للمتسجلين في المدارس والمعاهد والجامعات. حيث تعتبر من الدول الاولى من حيث جودة التعليم على المستوى العالمي التي حققت قفزات كبيرة على مختلف الصعد خلال فترات زمنية قصيرة وصارت في عداد الدول الاكثر تطورا ورخاء رغم افتقارها إلى الموارد الطبيعية وذلك بفضل جودة ورقي انظمة التعليم في هذه الدول.
ان امكانية تحويل التعليم الى اداة للتقدم الحضاري امر ليس بالعسير اذ ما توفرت ارادة حقيقة لتحقيق ذلك، وهذا ما يمكن لمسه بجلاء في انموذج كوريا الجنوبية التي كانت في عام 1950 دولة مدمرة إثر الحرب، وكانت نسبة الاميين من ابنائها عالية جدا، حيث تمكنت خلال 25 عاماً من بناء نظام تعليمي أنتج أفضل المستويات التعليمية على المستوى الدولي. وقد حدث الامر ذاته مع فيتنام التي عانت للفترة (1955-1975) من صراع مدمر، اذ ان المستوى العلمي اليوم لطلبتها البالغين (15) عاماً يوازي اقرانهم في المانيا.

أهتمام الحكومة التركية بالتربية والتعليم

يلاحظ جميع المتابعين للشأن التركي تقدم وتطور نظام التعليم في تركيا بشقيه (الاساسي والعالي) بشكل ملحوظ من حيث الجودة والكمية, وتنعكس هذه الجودة على نظام قوائم التصنيف الدولية التي نرى تقدم تركيا من سنة لاخرى وفقا لهذه المقاييس العالمية. أن تقدم الجامعات التركية يكون من خلال دراسة عالية الجودة وهي جزء لا يتجزأ من مجال التعليم الأوروبي. حيث يمكن لجميع الطلاب مواصلة تعليمهم في الدول الأخرى من خلال نظام ECTS (نظام تحويل الرصيد الأوروبي) ويمكنهم الحصول على شهاداتهم المعترف بها من قبل الدول الأخرى.
فقبل حكم حزب العدالة والتنمية في تركيا، كان الدفاع الوطني أول بند من بنود الإنفاق، أما اليوم فقد أصبحت التربية والتعليم هو الأول من حيث الإنفاق، وهذه الرؤية لا تزال مستمرة, ويمكن أثبات ذلك من خلال التقدم بمستوى التعليم العالي خلال السنوات وكما يلي:
سنة 2000   عدد الجامعات 76 جامعة  وعدد الطلاب 2 مليون و949 الف طالب.
سنة 2002  ميزانية التعليم الوطني التي كانت 11 مليار ليرة.
سنة 2009  ميزانية البحوث والدراسات العلمية إلى 8.5 مليار ليرة.
سنة 2010  عدد الجامعات 146 جامعة  وقد بلغ عدد الطلاب الجامعيين 3 مليون و107 ألف طالب.
سنة 2012  عدد الجامعات 180 جامعة, وعدد الطلبة الجامعيين في تركيا 4 ملايين طالب، من بينهم أكثر من 50 ألف طالب أجنبي.
سنة 2014  عدد الجامعات 185 جامعة من بينها 109 جامعة حكومية.
سنة 2018  عدد الجامعات 202 جامعة, وميزانية التعليم الوطني 134 مليار ليرة في عام 2018 ويتجاوز هذا الرقم 150 مليار ليرة (تعادل 47 مليار دولار) مع مساهمات الوزارات الأخرى والمتبرعين.
سنة 2019  عدد الجامعات 207 جامعة




وقد تم اختيار 6 جامعات تركية من بين أفضل 500 جامعة على مستوى العالم واحتلت الجامعات الباقية منها مراتب عالمية مرموقة. وجاءت تركيا في التسلسل الـ25 بين الدول الأكثر إنفاقا على طلاب التعليم العالي 2013 بمبلغ 10638 دولار للطالب الواحد، وفي عام 2014 بلغ مجموع الإنفاق الحكومي على التعليم بحدود 113 مليار ليرة أي بزيادة 13 % مقارنة بالعام 2013. وكانت حصة التعليم من الإنفاق الحكومي 6.4 % في 2013 وارتفعت إلى 6.5% في 2014.
وازدادت حصة الطالب من نفقات التعليم من 3800 ليرة في عام 2011 إلى 5400 ليرة في 2014 وفقا لمركز الإحصاء التركي.

أهتمام الرئيس أردوغان في التربية والتعليم

كان لاهتمام الرئيس أردوغان الاثر الكبير في رفع مستوى التربية والتعليم في تركيا من خلال البرامج الحكومية التي يقودها حيث يركز على التعليم بصورة خاصة وحتى في لقائته وزيارته للمؤسسات التربوية والتعليمية في تركيا ونلاحظ أيضاً أهتمامه بالمعلم وذلك من خلال تقبيله ليد معلمه وبهذا يثبت للعالم أهمية وسمو ودور المعلم والمربي :
الرئيس أردوغان: في حفل أقيم بمدينة إسطنبول بمناسبة افتتاح عدد من المدارس الجديدة وافتتاح العام الدراسي الجديد 2019 – 2020.
•    أنشأنا البنية التحتية في مجال التعليم من جديد وذلك من خلال القيام بإجراءات كبيرة وهامة هي الأكثر شمولية في التاريخ.
•    خصصنا الحصة الأكبر من ميزانيتنا كل عام للتعليم.
•    رفعت وزارة التربية والتعليم ميزانيتها من 7.5 مليار ليرة تركية (1.3 مليار دولار) إلى 114 مليار ليرة (20 مليار دولار).
•    خفضنا عدد الطلاب في الصف الواحد من خلال إنشاء 309 آلاف وحدة دراسية جديدة.
الرئيس أردوغان: خلال وضع حجر الأساس لمجمع "رجب طيب أردوغان" في جامعة مرمرة، بمدينة إسطنبول التركية، الجمعة الموافق 29/11/2019.
•    رفعنا عدد الجامعات في بلادنا من 76 إلى 207 لتلبية تطلعاتنا قي التعليم العالي.
•    الجامعات التركية مصدر للفخر بمراتبها المتقدمة في التصنيفات العالمية.
الرئيس أردوغان: في كلمة ألقاها في العاصمة التركية أنقرة، بمناسبة افتتاح العام الجامعي الجديد, يوم الاربعاء الموافق 18/9/2019
•    عدد سكان ألمانيا هو نفسه تقريبا عدد سكان تركيا، إلا أنه في ألمانيا يبلغ عدد الطلاب التعليم العالي 3 ملايين طالب، في حين يبلغ عددهم في تركيا 8 ملايين.
•    عدد الجامعات في تركيا ارتفع من 76 جامعة إلى 207، وأن عدد الطلاب ارتفع من 1.6 مليون إلى 8 ملايين طالب.
•    مليون و613 ألف طالب يستفيدون من المنح الدراسية في الجامعات التركية.
•    رفعنا ميزانية التعليم من 10 مليارات ليرة تركية إلى 161 مليار ليرة.
الرئيس أردوغان:  في العاصمة أنقرة، خلال افتتاح السنة الأكاديمية الجديدة للتعليم العالي في تركيا, يوم الأربعاء الموافق 5/10/2018.
•    يردد: (و قل ربّي زدني علمًا),  ويؤكد على أهمية التعليم في بناء المستقبل.
•    ضرورة تطوير وتعزيز نظام التعليم من أجل بناء مستقبل آمن للبلاد.
•    نحن نهدف إلى إنشاء نظام تعليمي يضمن للطلاب دخول الجامعات دون الحصول على دعم خاص من منظمات أو أفراد.
الرئيس أردوغان:  خلال حفل أفتتاح 80 مدرسة و59 صالة للألعاب الرياضية المدرسية, أقيم في مدرسة (عاكف اينان) للأئمة والخطباء في منطقة باشاك شهير في أسطنبول, يوم الاحد الموافق 3/4/2018.
•    سنحدث ثورة تعليمية في تركيا خلال الفترة القادمة.
•    الحكومة عاقدة العزم على احداث ثورة في مجال التعليم.
الرئيس أردوغان: خلال افتتاح مجمع "أسان بوغا" لجامعة "يلدريم بيازيد", يوم الجمعة الموافق 2/12/2016
•    يوجد في تركيا 95 ألف طالب أجنبي يتلقون تعليمهم في تركيا بالمراحل الجامعية والماجستير والدكتوراه.
•    على الجامعات أن تخفي الحدود فيما بينها وأن لا تكون محصورا داخل مبانيها فعلى الجامعات أن تتبادل الطلاب والأساتذة وأن يكون فيما بينها جهود مشتركة.
•    أدعم أن يكون هناك تعاون بين المؤسسات التعليمية العالية بين الدول.
•    تركيا لا توفد فقط طلابها إلى الخارج، بل تستقبل الآلاف من الطلبة الأجانب أيضا.
•    يجب أن تنافس الجامعات التركية مؤسسات التعليم العليا في العالم، بل أن تتفوق عليها.
الرئيس أردوغان: خلال مشاركته في القمة العالمية الأولى للتعليم، التي نظمتها "جمعية التعليم المستقبلي" التركية، يوم السبت الموافق 26/3/2016، في مدينة إسطنبول.
•    تركيا قطعت شوطًا كبيرًا في تطوير النظام التعليمي
•    تم تعيين 542 ألف معلم خلال الأعوام الـ 13 الماضية, في تركيا، بعد أن كان عددهم 544 ألفا خلال عام 2002، ليصل بذلك العدد الإجمالي إلى 923 ألفا، و133 معلما، بعد استثناء المتقاعدين خلال تلك الفترة.
•    توزيع مليونًا و438 ألف حاسب لوحي للطلاب والمعلمين، وتزويد المدارس بـ 432 ألف سبورة ذكية "تفاعلية"، و50 ألف طابعة متعددة الوظائف، في إطار "مشروع الفاتح".
•    إنشاء 250 ألف صف دراسي جديد، خلال السنوات الـ 13 الأخيرة، في 81 ولاية تركية، ورفع العدد الكلي للصفوف في المدارس، إلى أكثر من 581 ألف، فضلا عن إنشاء قاعات رياضية مغلقة في الكثير من المدارس، ومنح الكتب الدراسية بشكل مجاني للطلاب، وإنشاء ثانويات خاصة بالرياضة والعلوم الاجتماعية.





إرسال تعليق

0 تعليقات