الجذور الاجتماعية لمشكلة المرأة الحلقة الأولى

مشاهدات


 

 عمر سعد سلمان
                                   

ان الانسان مهما ورث من صفات فان الصفات التي يكتسبها من البيئة المحيطة به وعن طريق التربية هي التي تكون صفات شخصية وشكلها النهائي، فالإنسان يعيش داخل مجتمع يتأثر به ويؤثر به والحياة هي التفاعل المستمر بين الانسان ومجتمعه.
ويتميز الانسان عن بقية الكائنات الحية الأخرى بقدرته على السيطرة على شعوره وحرية الاختيار، وهذه القدرة تنمو مع تقدمه بالسن، ففي بداية حياته لا يستطيع الاعتماد على نفسه لكنه يبدأ بالتعلم في كيفية الاعتماد على نفسه بصورة تدريجياً الى ان يصل الى الاستقلالية وحرية الاختيار وانتهاءاً بالمسؤولية. وهذه المراحل ضرورية لتحرر الانسان من إرادة الغير ومحاكاتهم.
لكن المجتمع بنظمه وقوانينه ومؤثراته وضغوطه يعوق المرأة منذ بداية حياتها، مما يحد من نضوجها الفكري والنفسي، وبالتالي تستمر بالاعتماد على الاخرين، وتبقى كالطفل في مراحله الأولى من النمو عاجزاً عن الاستقلال والايجابية وحرية الفعل.
ولعل هذا هو السبب الذي نرى فيه نساء كبيرات ناضجات في اجسامهن اما نفوسهن وعقولهن فلا تزال في مرحلة متخلفة من مراحل النمو، وهذا التخلف هو اهم سبب وراء معظم الانحرافات والمشاكل الاجتماعية او النفسية او الجنسية.
ان عدم النضج يؤدي الى كثير من المشاكل الاجتماعية، فالرجل ايضاً يتعرض لكثير من الضغوط الاجتماعية رغم انه أكثر حظاً من المرأة في فرص النضج الا انه نال من الضغوط الاجتماعية التي أدت الى عرقلة نضجه النفسي والعقلي ولكن بقدر اقل من المرأة. ان سلبية المرأة ليست صفة طبيعية في المرأة ولكنها صفة نتجت عن ضغوط المجتمع.
وقد أهمل علماء النفس التقليديون ومنهم فرويد تأثير المجتمع في تشكيل الحياة الجنسية للإنسان، وكانوا يهتمون بداخل الانسان أكثر من اهتمامهم بالبيئة الخارجية ولهذا فقدوا الكثير، وثبت قصور نظرية فرويد التي تقول بـان الذي يحكم سلوكنا الواعي انما هي دوافع العقل الباطن، واتضح فيما بعد ان تغيير وعينا يأتي من رد الفعل لأي تغيير في البيئة المحيطة.  
وتواجه المرأة منذ طفولتها تناقض المجتمع، ففي الوقت الذي تحذر من الرجل ويفرض عليها العفة فهي تشجع على ان تكون أداة جنس وكيف تجعل جسدها أداة لجذب الرجل، وينعكس هذا التناقض على شخصية المراة بتناقض آخر، فهي تريد الرجل ولا تريده، وهي تقول لا وتعني بها نعم، ويعتقد المجتمع انها طبيعة المراة متناسياُ انه هو الذي فرض عليها هذا التناقض.
وتسبب التربية التي تتلقاها البنت سواء في البيت او المجتمع كثيراً من المشاكل والعقد النفسية، فالبنت تنشغل بملابسها وجسمها طوال الوقت ولا تهتم بتنمية قدراتها العقلية والنفسية، وتتحمل متاعب التجميل لاستيفاء مقاييس الجمال الموضوعة، وتشعر البنت بأن مستقبلها متوقف على طول انفها، واتساع عينها وامتلاء شفتها، ولذلك تعيش في قلق دائم، وقد تشعر بالخجل من هذه الأمور وتحاول ان تخفيها بيدها بين الحين والأخر بحركات لا ارادية. وقد تتصور البنت بالخطأ ان رائحتها ليست مقبولة ولذلك تبلل نفسها بالعطر عدة مرات كل يوم، وهناك من ترى اسنانها بارزة فتمنع نفسها من الضحك وحتى الابتسامة.
ولا يمكن لأحد ان يتصور كم تشتغل البنات بتوافه الأمور، فبضع قطرات مطر ترعب بعض البنات لانهن يعتقدن ان تسريحة شعرهن فسدت، وكم من امراة لا تستطيع ان تواجه الناس بغير ان تضع على وجهها المساحيق والظلال.
وهناك فتيات قد لا يعانين من هذا القلق، لكنهن يعشن بهذا المفهوم الضيق من الجمال، متناسيات بأنها مثل الرجل لديها رغبات وطموحات لكنها تنحرف وتصرف في اتجاهات غير اتجاهها السليم، مما يؤدي في النهاية الى تشوه نفسية الفتاة.
ان بعض المفاهيم التربوية قد تكون خاطئة لأنها تؤدي الى قتل روح الانسان ببطء والتي لا يبقى من الانسان الا غلافه الجسدي الخارجي جامداً فاقداً للحياة. ولا شك ان نصيب الفتاة من هذه التربية اكبر من نصيب الولد وان نصيبها من الكبت اضعاف نصيبه، ولهذا فأن تدمير روحها اشد وافدح.

إرسال تعليق

0 تعليقات