حين تضيع البوصلة

مشاهدات


 
نزار العوصجي

حين لا يحتكم سياسيي الصدفة الى منطق العقل وتبنى منطق الاصرار على الخطأ ، للحفاظ على ماء الوجه ، كونهم لم يدركوا حقيقة الأمر كما ينبغي ، ولم يقرؤا جيداً مابين السطور ، فانهم يصطدمون بالوقائع ، ذلك ما اوصلنا لما وصلنا اليه ، لم يكلفوا انفسهم عناء التدقيق في المفردات اللفضية التي اطلقها المجرم جورج بوش الابن ، حين حذروه من خطورة المقاومة التي ستواجه القوات الغازية ، مذكرين اياه بان عدد نفوس العراق إنذاك يبلغ ثلاثون مليون نسمة ، وهذا يعني ان أنبراء جزء بسيط منهم كفيل بتكبيد قواتهم المتواجدة على الارض خسائر كبيرة ، حينها نصحه مستشاروه باعتماد منهج زرع الفتنة الطائفية بين المكونات ، لتحويل الأنظار نحو اقتتال طائفي داخلي ، تلك الفكرة التي لاقت ترحيباً من جانب عملاء إيران ، ذلك النهج الذي منح البهجة للنظام الفارسي المجوسي الحاقد ، ليعمل جاهداً على إنفرد مكون دون غيره بالسلطة تحت غطاء نصرة المذهب ، وان يكون دور باقي المكونات هامشي بعد ان ادركوا ضعف نفسيات البعض منهم (( الذين برزوا على الواجهة )) امام المغريات المادية التي اغوتهم ، فتنكروا لكل من حولهم مقابل الحصول على المكاسب ، بذلك يكونوا قد باعوا انفسهم بثمن بخس جداً ..

جميع المؤشرات الاقتصادية تشير الى ان امريكا و اوروبا تواجه خطر التضخم ، و التضخم يعني غلاء الاسعار و شحتها و عدم امكانية سداد ديون العالم و انهيار البورصات و العملات و المصارف و ينتهي بحدوث ركود تاريخي يتوقع ان يكون الاكبر في تاريخ البشرية ، ان مثل هذه التوقعات ليس لها تاريخ محدد كما يزعم البعض ، فالعالم مفتوح على اسوأ السيناروهات كما يتوقع خبراء الاقتصاد ، لذا نجد ان امريكا تسعى لأستعادة سيطرتها على العراق دون ان تضحي بجندي واحد او تطلق طلقة واحدة من جانبها ، حيث انها تخطط لقطع اذرع ايران في العراق اولاً ، و المنطقة ثانياً ، و القضاء على ميليشياتها من خلال اقتتال داخلي يكون كفيل بتحقيق ماتصبوا اليه ، من هنا عمدت الادارة الامريكية الى اعتماد اسلوب جديد يمهد لنوع اخر من الفتنة التي تؤدي الى أقتتال بين ابناء المكون الواحد ، ليعقب ذلك تشكيل حكومة موالية تتحكم بها و توجهها بما يتناسب مع مصالحها في رسم خارطة العراق و المنطقة من جديد ، بذلك تكون قد حققت هدفها المنشود في انعاش جزء من اقتصادها المنهار ..

ان فكرة اعادة السيطرة الامريكية على العراق ليست من نسج الخيال ، بل على العكس فانها تلقى استحسان عدد كبير من الاطراف الداخلية و الخارجية ، الدولية و الاقليمة ، و في مقدمتها الكيان الصهيوني لتكون البداية لعملية التطبيع ، فيما عدى إيران و تركيا ، اللتان تمنيان النفس بتمزيق العراق اكثر فاكثر ، مما يسهل لهما السيطرة على مقدراته ، من هنا نجد ان حالة الاستقرار الداخلي مرهونة بسياسة القوى الدولية ، بغض النظر عن الاوضاع المعاشية الصعبة التي تعاني منها شريحة كبيرة من ابناء الشعب العراقي ، لذا نستطيع ان نجزم ، بأن لا يوجد في الافق ما يدلل على ان هناك نية دولية او اقليمية للعمل على اصلاح الاوضاع في العراق ، او لمساعدة ابناءه للتخلص من وضعهم المزري . وان الحقيقة ستظل تقول ان العراقيين وحدهم قادرين على احداث التغير المنشود ، و هذا ما سيتضح في القريب العاجل إن شاء الله …

إرسال تعليق

0 تعليقات