العراقيون على دين ملوكهم..

مشاهدات

 




إبراهيم المحجوب

منذ تأسيس المملكة العراقية عام ١٩٢١ اصبح العراقيون يشعرون بان ما يقوله الملك هو كلام غير عادي وان حديثه شبه مقدس وان كلمة جلالة الملك المعظم لابد ان تنطلق من الافواه احتراماً وتقديساً لهذا المنصب الجليل واصبح جلالة الملك هو الآمر والناهي وموجه التعليمات الى شيخ العشيرة ورجل الدين والى كل الحكومات المتعاقبة لقيادة الدولة في عهده....

كان  العراقيون ورقم قلة نفوس العراق في ذلك الوقت لكنهم تحولوا من حياة البداوة الى الحياة الريفية ثم الحضرية وبقي العراقيون يرفعون شعارات وادعية  لإطالة عمر صاحب الجلالة... وكانت العائلة الملكية تعتبر من  البشر الغير عاديين وان الحديث معهم او التصوير في ذلك الوقت يعتبر وسام فخر للمواطن العادي الذي يبقى يتحدث امام اهله واقاربه بانه قابل احد اقارب الملك... وهكذا يستمر المنهاج حتى عام 1958 عندما قامت ثورة تموز الذين قادها عددا من ضباط الجيش الذين كانوا بالأمس من الموالين للملك ومعاهديه على ان يكونوا جنودا اوفياء تحت خيمته وتحت بلاط عرشه ولكنهم سرعان ما انقلبوا عليه وتغيرت الامور كليا واصبح صاحب الجلالة المقدس في ليلة وضحاها شخص غير مرغوب فيه فتم قتله والتمثيل في جثته  وجثت كل افراد عائلته واصبحت انظار العراقيون جميعا الى ثورتهم الجديدة وقادتها الذين سرعان ما اعطاهم الشعب لقب الزعيم وتم تقديسهم ومنحهم القاب كثيره واعتبروهم انهم المخلصين لهم من ذلك النظام الملكي الفاشل وبعد خمس سنوات تقريبا انقلب السحر على الساحر واختلف من سموا انفسهم الثوار في ما بينهم فقام المشير عبد السلام عارف بثورة ضد صديقه الزعيم عبد الكريم قاسم والذي تم اعدامه فورا في باب وزارة الدفاع العراقية وتم تشكيل المحاكم العسكرية التي تكون تبعيتها لكبير الضباط الذي قام بهذا الانقلاب وهنا انتهى لقب الزعامة وتحول الى دكتاتور وعميل لدول اجنبية... استلم الضباط المنشقون نظام الحكم وكانت موالاتهم للرئيس المصري جمال عبد الناصر واصبح الحديث السائد في الشارع العراقي على المشير عبد السلام محمد عارف وعن دوره في تغيير المسار  نتيجة ابتعاد النظام الى الديكتاتورية وتم اطلاق عدد من  الالقاب رسميا لقائد الانقلاب وما ان دارت عجلة الزمن بثلاث سنوات فقط حتى دبر له مؤامرة في ليل اظلم فتم تفجير طائرته في الجو عندما كان في زياره لجنوب العراق ليتسلم الامور بعدها شقيقه الفريق عبد الرحمن محمد عارف والذي اعلن كل شيوخ العشائر في حينها ووجهاء البلد المبايعة والموالاة له وبعد سنتان تقريبا قام البعثيون بانقلاب جديد اسموه ثوره تموز في عام 1968 وقالوا ان الثورة جاءت لتصحيح المسار الذي وصل الى طريق مسدود ومن جديد ظهرت آلاف الجموع من ابناء الشعب العراقي ليعلنوا  موالاتهم هذه المرة للقادة الجدد ولحزب البعث فاصبح اغلب ابناء الشعب العراقي من المنتمين لهذا الحزب وحتى ان رجال الدين انفسهم كانوا من الموالين في الدرجة الاولى لهذا النظام وبدأ  العراقيين ايضا بتمجيد قادة هذه الثورة واطلاق الاسماء الكثيرة على قادتها الذين استطاعوا ان يبقوا في السلطة اكثر من 30 سنه لتاتي بعدها الولايات المتحدة الامريكية في عام ٢٠٠٣ وبكل اساطيلها وجيوشها العسكرية وتغير هذا النظام وتسلمه الى الاحزاب الاسلامية الشيعية منها والسنية  وسرعان ما تحولت الامور والالقاب في الشارع العراقي من لقب الرفيق الحزبي الى السيد المعمم وهنا ايضا ظهر الكثير ممن يدعون انهم شيوخ عشائر  ووجهاء القوم وقاموا  بمبايعة هذا النظام بعد ان كانوا في الامس القريب يهتفون بالروح بالدم...

حقا اننا شعب غريب حقا اننا ندين على ديانة ملوكنا متناسين حقوقنا في هذا الوطن وعدم نيلنا لأبسط حقوقنا في الثروات الطبيعية التي منحها الله لهذا الشعب المغلوب على امره ومازال كل من يستلم دفة الحكم يتكلم عن النظام الديمقراطي وفي الحقيقة انها مجرد كذبة سياسية أشبه بعلاج البارستول لمعالجة الصداع... وما زلنا نعبد الملوك ونكبر الاصنام حتى يقضي الله امراً كان مفعولا...












إرسال تعليق

0 تعليقات