تاسوعاء العراق وعاشوراء الحسين

مشاهدات

 




موفق الخطاب  


 في كل مرة تمر فيه ذكرى احتلال العراق الذي استفاق العالم حينها على وقع حدث مفجع حزين غير مجرى التاريخ وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط فتنشط معه وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروئة بتناول هذا الحدث بالتحليل وتتبع الحقيقة أو التضليل!!

وانقسم العالم الى فسطاطين من تلك الواقعة المريرة سواءً في الجانب الشعبي العراقي او العربي بل حتى العالمي ..

ولكل فريق مبرراته ومسوغاته في التأييد و اشهار الفرح او تجديد الحزن مع الشجب والاستنكار !

لكن دعونا نضع وكما عودناكم تحت المجهر احوال الفريقين وما آلت اليه عندهم الأمور..

ولنبداء قبلها بأحوال من شن الحملة غير الشرعية (أمريكا وحلفائها)  وخاصة من بعض الأنظمة العربية والإسلامية ومن سوغ لها وأيدهم وتأثير ذلك الأجتياح عليهم !!

فهل تبدلت أحوال شعوبهم وإستقرت حكوماتهم ونمى وانتعش اقتصادهم وتطور امنهم الداخلي نحو الأحسن؟؟

أم انه قد اجتاحهم الإرهاب وازدادت عندهم معدلات الجريمة وتضاعفت عليهم معدلات الضرائب والرسوم وتضخمت بالعجز ميزانياتهم بل ان الكثير منهم أدخلوا شعوبهم في خط الفقر وان كل ما قد واعدتهم به أمريكا من تقاسم الكعكة قد ذهب ادراج الرياح؟؟

اما باقي دول العالم الثالث المؤيدة فاغلبها اليوم مضطربة وانظمتها على شفى جرف هار وغدت أسيرة لصندوق النقد الدولي بعد ان وضعت أمريكا يدها على اكبر مخزون نفطي في العالم متحكمة في سعره لصالحها وخرج الجميع من الباب الخلفي بخفي حنين ؟؟

وبعد افتضاح تمرير الكذبة الكبرى بامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل بداء الخناق يضيق على اؤلئك الساسة الذين ما زال بعضهم ذليلا فوق الارض ويتوارون عن الأنظار ما إستطاعوا ك توني بلير وغيره  و قد تم اعداد الملفات لملاحقتهم قضائيا و سوقهم كمجرمي حرب.

ولولا استمرار النهج والمشوار الذي تديره الماسونية العالمية لوضعوا منذ سنين جميعا في قفص الاتهام صاغرين!!

ولنعرج الان على الفريق الذي يعتبر ان ذلك اليوم التاسع من ابريل نيسان ومن كل عام هو ذكرى بهيجة وسعيدة تستحق بنظرهم ان تكون تاريخا مفصليا في العراق وعيدا وخاصة ذيول إيران الرابح الأول من هذه الجريمة!

ذلك بانه ومن وجهة نظرهم قد تم إزاحة حزب ونظام ديكتاتوري قاسى منه العراقيين كثيرا وقد بائت كل المحاولات الداخلية لإصلاحه او ازاحته بالفشل مما اضطر معه اقطاب المعارضة بالاستعانة بالاجنبي تحت مبداء الغاية تبرر الوسيلة فكانت الوسيلة هي القبول بترويج فرية أسلحة الدمار الشامل التي نسجها الجميع في دهاليسهم المظلمة والرضوخ لشروط الأجنبي بسحق البلد وتفكيكه وتشريد اهله ثم بعدها القبول بالفتات و بالأدوار المشبوهة ..

ربما في حينها كان لذلك الفريق مؤيديه وتعاطف ممن أصيبوا بالعمى أو قصر النظر من الداخل وبعضا من شعوب الخارج بحتمية ازاحة ذلك النظام نظرا لما عانته المنطقة من توتر ولما عاناه الشعب العراقي من ويلات الحروب والحصار الجائر وكان خطأه الفادح الذي لا يغتفر  في اجتياحه لدولة الكويت وهي كالقشة التي قصمت ظهر البعير والتي ألّبت المجتمع الدولي بالضد منه وما تبعه من تدهور في كل  مناحي الحياة، وقد يَُعذر البعض لجهلهم وعدم معرفتهم لما ستأول اليه الأمور وكذلك لعدم اطلاعهم على ما يدور في الغرف العميقة وهنا اقصد الشعوب وليس الأنظمة التي تعلم بل هي شريكة في الجرم..

 فقد صفق البعض منهم وابتهج بغزو العراق وتدميره ومؤسساته المدنية وجيشه العريق وكان لتمثيلية اسقاط راس النظام في ساحة الفردوس الشهيرة اول إشارة من أمريكا لذلك الفريق ومؤيديه ببدء الاحتلال قبل النطق والتصريح به وانها بذلك قد الغت دور العملاء واستخدمتهم كجسر لدخول العراق حتى لا يتبجحوا يوما انهم قد ناضلوا نضال الشرفاء لمقارعة النظام وازاحته فهم ليسوا بنظرها سوى حفنة مرتزقة وعملاء وسيأتي يوم ليسلموا رقابهم للسعب كما حدث في افغانستان وااتمكين من جديد لنظام طالبان !!

ثم تم الباس راس التمثال الذي يشير لرأس النظام العلم الأمريكي في إهانة واضحة واشارة لبدء فصول مرحلة جديدة من الشرق الأوسط الكبير الذي روجوا له ولم يتحقق منه شيئ!!

لكنه ومع قوة هذه الإشارة التي يفهمها من لديه الحد الأدنى من الفكر المعتدل والعقل السليم فقد فرح ذلك الفريق الذليل وبلع الإهانة وجعله عيدا وطنيا!

ولننتقل بكم سادتي الى الفريق الثاني الذي يكتنفه دوما حزن عميق مع مرور ذكراه من كل عام ويصفوه باليوم الأسود أو عام الحزن..

ففي مقارنة بسيطة يسوقها هذا الفريق بين ما كان عليه العراق من تماسكه ومسك حدوده وخلوه من الطائفة والارهاب والتفسخ وكونه عصيا على العملاء والخونة والاعداء على الرغم من الحصار والمقاطعة والعزلة الدولية ووقوعه تحت طائلة قرارات مجلس الأمن الجائرة,

فبالمقارنة مع ما وصل اليه اليوم من فقر و تخلف وتمزق وجهل وطائفية وإرهاب وبطالة ومجموعة قطاعي طرق سلبوا ونهبوا خيرات البلاد ورهنوا خيراته لعقود لصالح المحتل ، مما يدفع بذلك الفريق لتجديد الحزن مع كل عام على حال عراق المنصور و الرشيد وسقوط أهلها بين لاجئ ومشرد وجريح ومعتقل وشهيد!!

ولكوني كاتب وشاهد على ما حدث وفي مرحلة مهمة وبالغة التعقيد ويلزمني تقصي الحقائق والحيادية حتى لا احسب على توجه فريق بعينه فتضيع الحقائق ونتحمل بعدها وزرا عظيما امام الله وامام الناس يوم العرض أقول:

# فبعد مضي مدة تسع عشرة سنين عجاف وهي ليست بالمدة القليلة في حياة الأجيال كان بالإمكان أن يتم بناء عراقا مزدهرا يفوق كل دول المنطقة لما يمتلكه من خيرات وكفاءآت لكن وبكل إصرار على الشر تراجع العراق وشعبه عقودا بسبب الخيانة والعمالة وتمكين الاحتلالين الامريكي والإيراني منه مقابل فتات تم رميه للسفلة.

ومن المعيب حقا على الفريق الأول ان يحتفلوا باحتلال واذلال بلدهم وشعبهم ان كانوا حقا ينتمون لذلك الشعب وقد شربوا من فراتيه وأكلوا من ثمره ونخيله  وتعفر وجههم بترابه الزكي.

# بأي وجه صلف وقبيح تحتفلون وقد مزق العراق بعمالتكم تمزيقا ولم تتمكنوا من توفير لقمة عيش رغيدة لجائع ولا إعادة البنى التحتية من منظومة الماء والكهرباء والصرف الصحي وقد توقفت بعهدكم  الصناعة وتراجعت الزراعة وتفشت المخدرات وارتفعت بسببه معدلات الجريمة والعنف الأسري ، وقد طفرت في عهدكم أسعار البترول لمستويات قياسية لكن الوفرة ذهبت جميعها  في حساباتكم الشخصية وستبتلعها البنوك كما ايتلعتها بنوك لبنان!!

# في عهدكم تعاظمت الطائفية والعنصرية وغابت المدنية وحلت بدلها الأحزاب الدينية فأسستم للجهل ثم التناحر والقتل والاعتقال على الهوية وسلختم العراق وسلبتموه الهوية العربية!!

# بظلمكم وفسادكم وتبعيتكم ففريقا يوالي إيران وفريقا عمالته لأمريكا والكيان واخر لحكومات ومخابرات شرقية وغربية وانتشرت المليشيات وتسلل الإرهاب ودمرت مدن وحضارات كانت لقرون شامخة أبية!!

#فما زالت آثار ظلمكم شاخصة في انقاض بابل وصلاح الدين والفلوجة وديالى و الموصل والجثث بالآلاف تحت الأنقاض لم تجف دمائها ودموعها الندية  وما زالت دماء ضحايا سبايكر وشباب إنتفاضة تشرين والبصرة وكربلاء والناصرية تلاحقكم وتقض مضجعكم!

فإن كانت تلك انجازاتكم !! فعار عليكم الرقص على جراحات شعبكم فرحين ..

وأقول للفريق الذي يجدد الحزن من كل عام:

من حقكم ان تحزنوا مع احتلال العراق في عامه الأول لكنه ليس من حقكم ان تجددوا الحزن عليه في كل عام وينبري الكتاب والمنظرون والوطنيون والمتضررون بمقارنة الحالتين والبكاء والعويل  على الأطلال فما هكذا يعاد الحق المستلب!!

ليس الحل اليوم للمعضلة العراقية في الجلوس بعيدا عن الساحة العراقية وعقد ندوات ومؤتمرات وتشكيل احلاف وتجمعات وإعادة اجترار اهداف حزبية عافها الزمن ولم تعد تتماشى مع النكبات والمحن ,فالاحتلال وان سحب في الظاهر الكثير من الياته وجنده ومعداته لكنه قد اوكل المهمة لعملائه واذنابه وعقد الصفقات مع جارة السوء، والحرب سجال ومصالح وتوافقات فيجب إعادة النظر في كثير من المواقف والسياسات المحلية والإقليمية والدولية والانفتاح وعدم الانغلاق على أفكار بالية حزبية كانت  او عنصرية او قومية وكلها كانت لسبب او آخر عوامل هدم وتناحر اوصلت العراق لما هو عليه الان !!

فمخطئ بل ظالم ومجرم بحق بلده من يتخذ من التاسع من ابريل نيسان 2003 يوم فرح ويوم عيد!

ومتهاون بحق بلده من يجدد فيه الحزن والتنكيد دون عمل دؤوب لانتشاله بفكر ثاقب وانفتاح ورأي سديد..

فما أشبه تاسوعاء العراق بعاشوراء الحسين عليه السلام، فالإثنين إستدرجوا و نحروا غدرا وما زال  المجرمون يرقصون على أشلائهم .














إرسال تعليق

0 تعليقات