لستُ هنا بصدّد مدح سياسة لرئيس التركي رجب طيب أردوغان،ولكننّي معجب بطريقته في مواجهة الأزمات ومعالجتها،بصبرنادر،وحكمة عقلانية ،وأعصاب باردة،وسياسة ناجحة،وإخراج تركيا من أزماتها السياسية والاقتصادية ،الداخلية والخارجية،فعلى الصعيد الداخلي، واجه الرئيس اردوغان،بعد إنتخابه مباشرة رئيساً لتركيا،تخلّي رفاق عمره،الى خصوم ومنهم الرئيس عبد الله غول، مؤسس حزب العدالة والتنمية،و احمد داؤود اوغلو مهندس سياسات العدالة والتنمية،بسبب إختلالفهم معه في كيفية ادارة شؤون السياسة الداخلية والخارجية، والتي أدخلت تركيا في أزمات متلاحقة قاتلة،ومنها تردي سعر الليرة التركية الى مستويات مخيفة،لم يشهدها كل تاريخ تركيا الحديث،وتحوّل اغلب رفاقه،الى خصوم سياسيين،وتفرده في السلطة وحده،في مواجهة،أخطر مؤامرة كونية تعرضّت لها تركيا وحكومة أردوغان، وهي الإنقلاب التأريخي الذي أفشله أردوغان ،بمكالمة على الموبايل،إضافة الى مواجهته ،لخصمه وعدوه اللدود الاخواني(فتح الله غولن)،داخل وخارج تركيا،أما في السياسة الخارجية،قد لا ابالغ اذ اقول، لايوجد رئيس في العالم تعرّض الى نكسات وأزمات ومواجهات سياسية، مع خصوم أقوياء داخلياً وخارجياً ،مثلما تعرض له الرئيس أردوغان،وكلنّا يعلم ، خلافاته مع روسيا وإسقاط الطائرة الروسية،ووصول الاوضاع الى قيام حرب بين تركي-روسيا، وتحلّى بالشجاعة وذهب بنفسه الى بوتين وفكّك الازمة، ومثلها مع المانيا ميركل، وتهديده لها بارسال ملايين المهاجرين ومشكلته مع الامارات،وسوريا والعراق والاردن واليونان وايران وفرنسا وبريطانياوو،اليوم يعيد أردوغان العلاقة مع جميع هذه الدول، بحكمته وسياسته الحكيمة دون المساس بسمعة وتركيا ومصالحها الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية مع هذه الدول ،وزيارته المرتقبة بعد أيام الى دولة خليجية في المنطقة، وهي المملكة العربية السعودية ،ودولة الامارات العربية،بعد قطيعة قاسية بسبب قضية إغتيال المعارض السعودي (جمال خاشقجي) هي تتويج لسياسة ناجحة لرئيس ناجح ،مناور يضع مصلحة بلاده، فوق سمعته ومصلحته الشخصية، بالرغم من تقاطع هذا الرأي مع الآخرين، وإعتراضي على بعض سياسته، في معالجة قضية سوريا والعراق بطريقة افضل ،تحقق هدف إحترام سيادة البلدين، دون المساس بالأمن القومي التركي والعراقي والسوري،ما أريد قوله هنا،وأسقط كلامي هذا ،على السياسة العراقية الفاشلة،وأحزابها الغارقة في الطائفية والفساد، والتي أوصلت العراق،الى قعر الهاوية والخراب ،مايقوم به أردوغان في معالجة الازمات يجب ان يقوم الساسة العراقيين،ممن يخضعون للاملاءات الامريكية والايرانية،تحديداً،فحجم الازمات التي تعصف بالعراق، تحتّم على كل من يحرص على مستقبل العراق، وشعب العراق، أن يقدم رؤية اردوغانية في مواجهة الازمات،وهذه الرؤية هي تقديم مصلحة العراق وشعبه فوق اي مصلحة حزبية وشخصية واقليمية،والذهاب الى مكاشفة الشعب، وتقديم تنازلات سياسية حقيقية من اجل حقن الدم العراقي، واطلاق سراح المعتقلين الابرياء،واعلان وثيقة الشرف العراقي،ببرنامج جريء وشجاع ،يخرج العراق من عنق الزجاجة ،الى فضاء العراق الوطني، لا الطائفي، والتحاصصي، والقومي ، والمسميات القميئة الاخرى ،التي تقزّم العراق ومن ينطقها،نحتاج الى قائد حقيقي يحب العراق كما يحب تركيا أردوغان،ويجعل من أولويات سياسته ، وحدة العراق ،وإعادة لحمة العراقيين بلا مسميّات تافهة،بالقيام بثورة يدعمها شعب العراق، يركل بها ، كل الأحزاب الفاسدة وسلاحها المنفلّت ،ومؤامرات أعداء العراق،نعم العراق يحتاج قادة حقيقيين لا تابعين أذلاء للأجنبي،تعلمّوا من أردوغان فنّ السياسة، وأسرارها، وخباياها، وقراراتها الجريئة، لإنقاذ ماتبقى من العراق ،قد نختلف هنا وهناك مع سياسة أردوغان، ولكن في النهاية،أردوغان حافظ على مصالح تركيا الإستراتيجية،وحافظ على وحدة تركيا، وشعب تركيا، رغم تعرضه الى هزات سياسية داخلية مخيفة، لكنه ظل متماسكاً رابط الجأش ،يتصرّف بكل شجاعة في مواجهة الازمات،ومعالجتها بطريقة سلمية ، لاتعرض تركيا الى الخطر، ويخرج من هذه الازمات التي لو حدثت في اي بلد لانهار رئيسها وشعبها،القصد أن الشعب عندما يقف خلف قائده، والقائد الذي يضع مصلحة شعبه فوق اي مصلحة، تكون النتيجة كما نراها في أردوغان وشعب تركيا،فهل نرى في مرحلة مابعد الإنتخابات، سياسي عراقي، وكتلة عراقية، تنتشل شعب العراق ،وتنقذه من الموت والنزوح والتهجير والخطف والحرمان ،وتطرد التدخل الاقليمي والدولي، وتعيد سيادة وهيبة العراق، ربما يعوّل شعب العراق على السيد مقتدى الصدر،إذا تخلص ورفض التدخلات الخارجية والأجنبية ،مهما كانت قوتها ونفوذها وسطوتها في العراق، معتمداً على سند متين هو شعب العراق، الذي يشهد له التاريخ بطرد الاجنبي من أرضه،ولكن السيد مقتدى لايمكن له، القيام بهذه المهمة الكبرى ، دون إن يلقى دعما شعبياً وسياسياً وعربياً،وهو موجود اذا ماتوفرت النوايا والقرار الجريء،أما مَن يريد للعراق أنْ يبقى تابعاً ذليلا لإيران وأذرعها وتوابعها وامريكا، فلا يمكن أن يعوّل عليه، وعلى الشعب العراقي فضحه ورفضه، والذهاب الى البرنامج الوطني العراقي، الذي به تتوّحد الجهود ، وتصفي النوايا ، ويكون عهد الشرف الوطني، هو النافذ على أرض الواقع، وبغيره ، سيبقى العراق ،ضعيفاً وهامشياً ومحترباً ومتفرقاً، وتابعاً ذليلاً، ومتشرذماً، تتناهشه المحاصصة والأحزاب الفاسدة ، ومقبلاً على إحتراب طائفي ،لايمكن التكهّن بنهايته..فهو يحتاج قرارات جريئة ومواقف أجرأ،فهل يفعلها مقتدى الصدر ، ويصبح أردوغان العراق....
0 تعليقات