قراءة في فكر الفقيه المقدس الغريفي : نقد التعصب إنموذجاً

مشاهدات

 



بقلم / ابراهيم الدهش

ان التعصب اتجاه فكرة او معتقد يعتبر منهجا مخالفا للقرآن الكريم والسنة المطهرة التي تدعو للتسامح والمحبة والتعايش السلمي بين عموم البشر.
وقد أكد على ذلك سماحة الفقيه المرجع السيد أبو الحسن حميد المقدس الغريفي دام ظله في بحوثه ودراساته المنشورة ودعا الى ضرورة تفعيل الحوار بين البشر وابراز نقاط الاشتراك بينهم وتقديمها على نقاط الخلاف.
بل نجد ان سماحته قد دخل الى كثير من دهاليز المجتمع المظلمة ليحدد نقاط الضعف فيها ويجد الحلول الناجحة والمعالجات الدقيقة بما يرفع من المستوى الفكري للمجتمع ويحصنه من التيارات والافكار الغريبة عنه، وقلما نجد مثل تلك الشخصيات المصلحة دينيا أو اجتماعيا او سياسيا التي تعبر عن رأيها بوضوح وصراحة وصدق بلا خوف او مداهنة.
ولعل من أهم الآفات المنتشرة على الساحة العربية  وشغلت كثيرا من آراء وانظار المفكرين والباحثين هي التعصب او ما يعرف بالدوغمائية، التشدد اتجاه رأي معين بما يؤدي الى قمع الاخر ومحاربته والغاء وجوده داخل المجتمع، وهي منتشرة بشكل فضيع على كافة الصعد والاتجاهات رغم التطور التكنولوجي والنضج الفكري الذي تمر به البشرية.
فقد أفاد سماحته ما يلي : (التعصب صفة ظلامية مذمومة اذا كان في جهة الباطل في حين يكون التعصب محموداً إذا كان في جهة الحق لما له من صفة نورانية مُشرقة تعمل على تبديد الظلم والظلام وتسعى لتحقيق الأهداف السامية في البُعْد الإنساني كالعدل وانصاف المظلومين والمستضعفين).
ولا يقتصر التعصب على الجانب الديني والعقدي للاديان والمذاهب بل إنه يشمل كل العادات والتقاليد والأفكار والسياسة والرياضة وغيرها من فعاليات المجتمع مما يولد شعورا دائما لدى الاقليات والمستضعفين بالخوف من الاضطهاد والحرمان والغاء الهوية. بل انحدر الى اتجاه خطير فصار النساء يتعصبون لبنات جنسهم ضد الرجال وان ادى الى انكار حق واثبات باطل وبالعكس وبرز ذلك بشكل صريح على وسائل الاعلام المرئية والمكتوبة وعبر منصات التواصل الاجتماعي مما ينذر بخطر كبير على السلم المجتمعي ويؤدي الى تفكيك الأسرة وتحطيم اسسها.
وقد وصل الحال ببعض الناس بسبب الجهل ان يتعصب لرياضة معينة بل لفريق محدد في تلك الرياضة مما قد يؤدي الى نشوب صراع وشجار في بعض الاحيان لمجرد خسارة الفريق الذي يشجعه، وهذا خلل واضح في المجتمع.
، ولذا فان التعصب يعد احد اهم الاسباب في زيادة ونمو حالات الاضطراب والتفكك داخل المجتمع.
وقد رفض سماحة السيد المقدس الغريفي التعصب القبلي باشكاله وصوره كافة لما ينتجه من كوراث مجتمعية تهدد السلم الاهلي وتفكك الاواصر الاسرية وتهدم الاقتصاد العراقي من خلال صدور بعض الاحكام الجائرة في بعض الفصول العشائرية او تبني بعض الرؤى وتدوينها كقانون يحكم العشيرة والقبيلة تحت ما يعرف ب(السانية)، وحدد بعض نقاط الخلل في كتابه القيم (التحولات الإجتماعية في العراق).
فقد افاد سماحته ما يلي : (التعصب موروث جاهلي نبذه الإسلام وحث على تصحيح المفاهيم والأعراف الخاطئة التي كانت سائدة قبل الإسلام والتي منها، انصر اخاك ظالما او مظلوما، إلا إنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم صحّح مفاد هذا النص ووَجهه بنحو ينسجم مع العدل والإنصاف وهو أن تردع أخاك عن الظلم إذا كان ظالما وتنصره إذا وقع عليه الظلم، وبهذا الفهم الصحيح نكون على جادة الصواب في مفاهيمنا وتطبيقاتنا ما دامت تستند إلى الحجة من الأدلة النقلية والعقلية ).
فالحل من وجهة نظر سماحته هو الرجوع الى تعاليم الاسلام الصحيحة المستوحاة من القرآن الكريم والسنة المطهرة وتطبيقات المعصومين عليهم السلام مع المخالفين لهم في الفكر والعقيدة والسلوك، فانه الضمان الاسلم لتفكيك اسس التعصب في المجتمع.

إرسال تعليق

0 تعليقات