ثمار الوفاء

مشاهدات



ولاء العاني 


قطعت وعدا لجارتي على ان ارافقها في مشوار البحث عن صديقتها التي انقطعت الاخبار عنها منذ عدة اشهر بعد ان زلَّت قدمها وسقطت في الشارع وكسر ذراعها فاختفت خلف اقنعة الفايروس وبين جدران المُستشفيات ... وضعنا خطة ورَسمت خارطة للشارع واين يسكن معارفها في الحي وكيف يُمكننا البحث فالأمر ليس سهلا بل سيكون كعمليات رجال التحريات الذين يبحثون عن ابرة في كومة قش . راودها الشك حتى تبرع فتى صغير وسيم وراح يشرح لنا كيفية الوصول الى المحطة التي تمثل غايتنا وهو يؤشر بيديه وهذا كافيا لنفهم . بعد ان وصلنا دخلنا باب الحديقة الرئيسية ولكن صديقتي بدأت تتردد في خطواتها وقالت اتمنى ان اجدها او احصل على خبرا عنها فصداقتنا تمتد الى خمسين عاما او يزيد ... المفاجأة ان اسمها لازال يُزين جرس الباب فعاد لنا صدى صوته في الفراغ . خلفنا كانت سيدة سبعينية ترتب ازهار حديقتها وبادرتنا بقولها : 


كيف استطيع مساعدتكم ؟ سالتها هل لازالت تسكن هنا ؟ هل ما زالت على قيد الحياة ؟ ردت بهدوء نعم لكنها منذ ان حصل الحادث لم تعود الى المنزل وقبل اسبوعين جاءت شركة وافرغت البيت وهي الان في نزل المُسنين الذي في اول الشارع . فرحنا لسماع الخبر فقد سبق ان تعرفت عليها لأننا التقينا في بعض المناسبات . 


 وصلنا دون موعد مسبق فسألنا عنها وطلبنا مقابلتها فجاءوا بها ويرافقها احد العاملين في الدار . صرخت من شدة فرحها واحتضنتا بعضهما للتحية . فرحلت بي الذاكرة الى بلدي وكيف تعيش نسائنا صحيحات البدن على النفايات فكيف اذا اصابها العجز والمرض رغم انها تدوس بقدميها على بحيرات الذهب الاسود . ومُستشفياتنا التي صارت اوكار البؤس والموت . جلسنا وبدأتا تتحدثان فقالت ليس عندي احد الان حتى اخي وابنته لم يسالوا عني فهو مقعد ويتجول على كرسي متحرك وشخصيا لا ارغب في اي خط هاتفي ...كسرت يدها وقطعت علاقتها مع العالم ...تركناها بعد ان منحناها جرعة من الامل والوعد بزيارة اخرى بموعد مسبق لنرى غرفتها التي حرصت ان ترينا اياها لولا قوانين الجائحة الظالمة . قالت ليس عندي احد ! رغم انها بإمكانها ان تجعل الدنيا كلها تجري خلفها وتتابع خطواتها وتسأل عنها . فقط لو كان لديها انجاز يُبدد عنها شبح الوحدة وينقلها الى عالم اخر مليء بالحب والنجاح والسعادة . عليك ان تختار اما ان تكون وحيدا او تحمل القلم الان وتبدأ الكتابة . اكتب تجربتك وما جرى لك في حياتك وكل ما يجول في خاطرك من صور واحداث حولها الى كلمات ينتفع بها الناس ومن المؤكد انها ستجد من يحبها ويستفيد منها .


 والى فقراء بلدي اقول ان الشعب الالماني ليس افضل منا في أي شيء . سوى انهم يحبون انفسهم ولهذا لايسكتون على ضيم ابدا . وصمتنا سمح للذئاب البشرية ان تسرقنا في وضح النهار .

إرسال تعليق

0 تعليقات