مُعاهدةُ وَادي عَرَبَة

مشاهدات



علي الجنابي


(نصٌّ يرسمُ عبراتٍ جاشت في نفسي ، إذ أنا أتابعُ فيلماً وثائقياً عن "وادي عربة" على قناة الجزيرة الوثائقية).

إيهٍ ياعَرَبَة! وأوّاهٍ ياعَرَبَة!


قد سمعتُ أنّ قائلاً منهمُ قد قالَ بإختيالٍ:


هَبْ ليَ ياصهيونَ “سَيناءَ”، وأرتعْ أنتَ ببركاتِ الأقصى ورُحَبَه، ولتَنتَكِس راياتٌ تَنعُمُ فيهِ مُنتَصَبة..


وقد دَمعتُ لمّا رفيقٌ لهُ قد قالَ بإحتيالٍ:


هَبْ ليَ ياصهيونَ صفحةً من عَرَبَة، وتَمَتَّعْ أنتَ بزرعِ فلسطينَ ونَقَبَه، ولتَرتَكِس صَيحاتٌ تزعُمُ فيهِ أنّها: مُغتَصَبة..


إيهٍ ياعَرَبَة!


 وَديعٌ أنتَ بنسماتِكَ، وَبديعٌ ببسماتِكَ أيَا واديَنا يا “عَرَبَة” .


أما علمتَ ياعَرَبَة، أنّيَ قد جعلتُ دُنيايَ حَبيسَةً في مَقْصُورَةٍ بها الذاتُ مُتَوَلِّهةٌ ومُتَحَبِبَة. ففي مَقْصُورَتي- ياعَرَبَة- بريقان من علمٍ لاثالث لهما:


فعِلمٌ من قُرآنٍ حكيمٍ إليهِ الرّوحُ مُقَدِّسَةٌ مُنجَذِبَة، وعِلْمٌ سَاقَهُ إليَّ مرصدُ “هَافلُ” من أفلاكٍ وسُدُمٍ ومَجرّاتٍ حَمراءَ ومُذَهَّبَة. نُكرٌ عليَّ بل وحُرُمٌ على مَقْصُورَتي أن تَستقِطبَ عُلوماً دونَ ذلك مُستَحطَبَةً ومُستَقطَبَة.


 بيدَ أنّكَ ياعَرَبَة قدِ غدَرتَ فأغَرتَ عليّ مَقْصُورَتي فَصَيَّرتَ منها مقصورةً مُشَقلَبَةً ومُثَقَّبَة! لمّا إعتَرَضْتَ سَبيلي فعرَضْتَ عليَّ عجوزَ ريفٍ من واديكَ كأنّها في صَومَعةِ العفاف مُتَرهّبة، لمّا كنتُ طوّافاً باحِثاً في (جوجلَ) عن تِفسيرٍ لآيةٍ في سورٍ، أو صورٍ من (هافلَ) بلا أتربة، وإذ بعجوزِ الريفِ تنفلتُ من(غوغلَ) لتُحَدِّثَنا بآهاتٍ وواهاتٍ عن تلكَ “المَثلَبة”. مَثلَبةٌ ألبَسُوها زُوراً مبيناً بدلةَ زفافِ (معاهدةٍ)، وظُلماً قَلّدوها قلادةَ أسمِكَ ياعَرَبَة، وأنا لوَهنٍ منّي وعِشقٍ قِبالةَ نكهاتِ العُربِ العاربةِ والمستعربة، تَمرَّدتُ على دُستورِ مَقْصُورَتي ولم أحترمْهُ ولم أَهَبْهُ، فإنجرفتُ فإنحرفتُ فغَرفتُ من (آيقونتكَ) الموجعةِ ياعَرَبَة.


 ألا لَيتنيَ ما تَمَرَّدتُ فَتَجَرَّدتُ مِن دُستورِ مَقْصُورَتي، دستورٌ واجدُ الفِكرِ وماجدُ المَرتَبة.

ألا لَيتكَ ما إِعتَرَضتَ فعَرَضتَ فَفَرَضتَ عَليَّ إنغِماسَاً بآهاتِ قُبحِ تلكَ المَثلَبة ، وطَمسَاً في أسىً ولَوعةِ هيأةِ أمِّيَ العَجوزِ وبِناموسِ “مُحَمَّدٍ” مُحتَشِمَةٌ مُحَجَّبَة، وبِوَشمِ الضّادِ قَسَمَاتُها زاكيةٌ مُخَضَّبة.


وَجَعِي على “حِطينَ” بين يدي هذه المثلبة،

فَجَعِي مِن “صَلاحِ الدّين” إن وقَفتُ قِبَلَهُ ناظراً له بنظراتِ الأرنَبَة.


أنا لن أتزحلقَ فأتَمَرّدَ على دُستورِ مَقْصُورَتي كرةً أخرى ، لن أفعَلَها بعدَ اليومِ ياعَرَبَة، (لا طاقةَ لبَدني بتآلفٍ مع نفسٍ يائسةٍ مُكتَئِبة)، ذاكَ أن كينونتي مَشاعِرٌ من باديةِ عُرْبٍ جَياشةٍ مُلتَهِبة، وما كانت مشاعري لطَرفةِ عَينٍ مشاعرَ بَليدةً من فكرٍ ساهٍ، ولا وليدَةً من ذكرٍ لاهٍ، ولا تليدَةً في وكرٍ زاهٍ، ولاحِجارةً ولا خَشَبَة، أو هكذا ظنّي بها إذ تتلقى نكساتِ ومثلباتِ موطني موطن الضادِ مثلبةً إثرَ مثلبة.

إيهٍ ياعَرَبَة!

إرسال تعليق

0 تعليقات