هواجس على هامش الانتخابات ..

مشاهدات



نزار العوصجي


تشكل العملية الانتخابية ركن اساسي من اركان الديمقراطية ، ومن المعلوم ان الديمقراطية أو ( ديمو كراتس ) باليونانية وتعني حرفيا ( حكم الشعب ) ، هي شكل من أشكال الحكم يشارك في تحقيقه جميع المواطنين المؤهلين بشكل متساوي عن طريق ( انتخاب ) ممثلين عنهم ، يقومون بتنظيم أوضاع الحياة السياسية والاجتماعية والإقتصادية والثقافية والخدمية ، و تشريع القوانين التي تعني بتنظيم وتطوير تلك المجالات ، بما يخدم ويحقق تطلعات الشعب نحو حياة أفضل ، و هذا عكس ما لمسناه من أشباه الرجال ، سياسيي الصدفة في العراق ، والذين ما كانوا ليحتلوا مناصب او ليتمتعوا بالمكاسب والثروات ، لولا حرصهم على ابقاء الشعب تحت مظلة الجهل الفكري ، يرافقه الجوع والفقر والمرض وسوء الحياة المعيشية ، ولولا الكابوي الامريكي الذي غزا العراق بحجة اشاعة الديمقراطية وانقاذ الشعب من الدكتاتورية المزعومة ..

 

فالذين طالما تكلموا بصوت عالي عن انقاذ الشعب من الدكتاتورية باسم الديمقراطية ، نراهم اليوم  يمارسون أبشع أنواع السلوك الدكتاتوري في تصرفات و تصريحات مستهجنة ، وبعيدة كل البعد عن الممارسات الديمقراطية حول حصصهم وحقوقهم في المناصب الرئاسية والوزارات والمناصب القيادية و الخاصة ، اي انهم يغيبون دور الشعب ورأيه في الاختيار واتخاذ القرار لمن هو الاصلح لتمثيله ..


الكثير من ابناء الشعب يطمحون الى اجراء انتخابات ( ان صح تسميتها كذلك ) ، تتجسد فيها ارادة الجماهير ، يتم من خلالها انتخاب الاشخاص الذين يمثلون الشعب بكل اطيافه ، وهذا ما يحصل في اغلب دول العالم ، لقناعة المواطنين بان نوابهم في البرلمان يعكسون رؤيتهم في ادارة الدولة ، وتطلعاتهم نحو بناء مستقبل افضل ، ولكن شتان مابين الانتخابات التي تجري في العراق وما يجري في باقي دول العالم المتحضر ..


ففي العراق يشارك المواطن ليعبر عن رفضه للواقع المزري الذي يخيم على العراق والعراقيين ، ليتفاجئ بعدها ( بقدرة قادر ) بفوز من هم الاساس في الخراب والدمار الذي حل بالعراق ، فيكتشف فيما بعد انها لا تعدوا عن كونها مهزلة ، تضاف الى سلسلة المهازل التي عاش في كنفها العراقيين ، على مدى ثمانية عشر عاماً ، لتضيف زمناً إخر ( من التعاسة ) قد يمتد الى اربعة سنوات عجاف اخرى ..


زمن لن يختلف عن سابقه في سوء الادارة ، وسرقة وهدر الثروات ، وضياع للحقوق ، زمن جعلنا وسط حالة من عدم الاستقرار ، اشبه ما نكون في دوامة لاتهدأ ، منذ الاحتلال البغيض للعراق في عام 2003 ولحد الان ، دوامة اشبه بالاعصار الذي لايهدأ ، يتلاعب بنا ويدمر حياتنا يشوه ماضينا ويهدد مستقبلنا ، من خلال إنتخابات مزيفة ومزورة تنتج عملية سياسية بائسة ، اقل ما يمكن ان توصف بها ، انها نتاج أحتلال بغيض إقدمت عليه قوى الشر بالتحالف مع اعداء العراق والامة العربية من صهاينة وفرس مجوس .. عملية عقيمة ومخاض عسير ، تمخضت فولدت فأراً مشوها ..


ورغم كل هذا لازال البسطاء المغلوبين على أمرهم من (قصيري النظر)  يأملون خيراً  ويمنون النفس بالقادم الأفضل ، فالامل بمستقبل افضل هو القشة التي يتعلقون بها في خضم هذه الفوضى ، فهو السلوى لمعانتهم التي امتدت طويلاً واكثر بكثير مما يجب ، واصبح الغد المنشود بعيداً جداً بما يشبه بالسراب ، كلما اقتربت منه ابتعد  اكثر فأكثر ، واصبحت الحرية والديمقراطية الموعودة ، اشبه بالحلم الجميل الذي لايلبث ان يتبدد مع بزوغ فجر الحقيقة المرة ..


شعب اناسه حالمون لا يقدمون ولا يؤخرون ، لا يحركون ساكناً ولا يسكنون متحركاً ، ينتظرون كلمة فيها بصيص أمل ينطق بها صاحب السماحة (السيد ومرجعيته) ، الذين نصبوا انفسهم وكلاء لرب العزة على الارض ، كلمة تغير مجرى الحياة على البسيطة وما حولها وتحيلها إلى جنة موعودة  ، هكذا هي الحلول في تفكير وعقول  الحالمون التائهون والمغيبون عن الحقيقة ..


لقد ظهرت في الاونة الاخيرة اجراءات وسلوكيات لا تتفق مطلقاً مع الشعارات الرنانة التي رفعت لأجل الوصول الى انتخابات نزيهة ومستقلة ، من خلال محاولة الاستحواذ على مواقع مهمة في مفوضية الانتخابات وبالطريقة التي اعتادوا عليها ، وعودونا ايضاً ، فهي ليست وليدة اليوم ، بل هي بمثابة السياق المعمول به قبيل كل انتخابات جرت في العراق ( الديمقراطي !!!!!! ) ..


كما بدأ المال السياسي ( المنهوب من الشعب )  يلعب كالعادة دوراً سلبيا واضحاً في المشهد الانتخابي ، فضلاً عن فوضى السلاح المنفلت الذي تحمله الميليشيات الولائية التابعة لإيران ، لترهيب المواطنين وفرض ارادتهم الولائية عليهم على الرغم استمرار التظاهرات التي تندد بهذه التصرفات و بالوضع المأساوي الذي وصلت اليه العملية السياسية البائسة ..


من هذا المنطلق ، نجد ان اجراء الانتخابات في مثل هذه الظروف دون ايجاد حلول عملية وجدية لتلك المشاكل ، لن يحقق اي اصلاح منتظر ، بل وسيزيد من نسبة ( المقاطعة الجماهيرية ) والعزوف الشعبي عن المشاركة فيها ، كونهم متيقنين من نتائجها الكارثية ..


 ان توفير البيئة المناسبة والمناخ الملائم لإنتخابات نزيهة ( وهو ما نؤمن انه صعب المنال إن لم يكن مستحيلا ) اصبح ضرورة حتمية ، وهو ما يحتم على القوى السياسية الوطنية ، بالضغط والمطالبة بتوفير الاجواء المناسبة لاجراء الإنتخابات بقدر مقبول من النزاهة ، والا فلا داعي لاجراء انتخابات مشوهة ومزيفة ستزيد من مأساة ابناء شعبنا ومعاناتهم ..

وعلينا ان ندرك اننا امام تحدي صعب للغاية ، بل هو الاصعب على الاطلاق ، وسيحل بنا المزيد من الويل والدمار ان لم ندرك هذه الحقائق والسلبيات ونعمل على اصلاحها ، عندها لا ينفع النحيب والندم ..


نأسى عليكم يامن ترتجون خيراً من مثل هؤلاء ، وذكرونا ان اختلفت الحالة عما قلنا او بلغنا ،وها نحن نشهد الله انا قد أدينا ما علينا من أمانة كما يمليه علينا ضميرنا ومسؤوليتنا كنخب مثقفة محبة لبلدها، وعاتبونا ان كنا مخطئين ..

ختاماً نقول ، ألا يحق للشعب الآن أن يسأل اين هي الديمقراطية يامن دخلتم العراق مع دبابات دولة تمثال الحرية ؟؟

إرسال تعليق

0 تعليقات