إلى الوراء در

مشاهدات



 وداد فرحان - سيدني


 في الوقت الذي تدعونا منظمات الصحة والجهات ذات العلاقة، إلى التباعد الاجتماعي حفاظا على أرواحنا وأرواح الآخرين من نقل العدوى لفايروس كورونا الخطير، فإنها لا تقصد أن نتباعد اجتماعيا، ونجفف ينابيع المودة ونغلق أبواب محبتنا لبعضنا.

وفي الوقت الذي نحرص فيه على الوقاية من الإصابة بالعدوى، أصبحنا مرتعا وأرضا خصبة لنمو العديد من الأمراض الاجتماعية التي يتسيّد عليها العنف بكل أشكاله، وفي ساحات نزال مختلفة، منها وسائل التواصل الاجتماعي.

 أما الأمراض أو الظواهر الأخرى التي تبنيناها في ظل التباعد الاجتماعي، فهي سوء الخلق، والاستغلال، والتحرش، إضافة إلى الإدمان بكل معانيه.

 وأعتقد ربما الكثير يشاطرني الرأي، بأن هنالك كما من التغييرات في النفس البشرية، تأثرا بالانغلاق واستغلالا لقاعدة التباعد التي أريد منها أن تكون تباعدا جسمانيا، أكثر منها أن تكون تباعدا اجتماعيا.

 لقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مرتعا لإشباع الرغبات المفقودة، وحاجة توفر الجرأة المفقودة في الحياة العامة، حتى أصبحت ناقوسا يقرع حالات الفزع والخوف والصراع، بدلا من أن تكون محفلا للاستقرار والأمان، ونشر الحب وإدامة التواصل المفقود على أرض الواقع.

 كيف يتسنى لنا نشر الوعي، وساحاته المتوفرة ملغومة بالخوف والضياع، وكل يضع نصب عينيه عدوا اصطنعه لسبب اختلاف ديني، أو عرقي، أو ثقافي، أو اجتماعي، أو، أو...

وبدلا من الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي في تطوير مهاراتنا وثقافتنا، ونشر ما يفيد، صرنا نغوص تحت طحالب العقد، ونسير في حلكة الظلام، رغم معرفتنا المسبقة أن الليل موحش وليس له أمان.

أكثر من سنة قمرية مرت ونحن متباعدون، متواصلون عبر الأثير، ما يدعونا للعودة إلى النفس، ودراسة ما استفاض منها، خلال أيام العزل والتباعد الجغرافي والاجتماعي.  

هي دعوة "إلى الوراء در".

إرسال تعليق

0 تعليقات