الـــعراق وعــجزهُ المــالي : ألأســباب والمــعالــجات ...

مشاهدات



ألأكاديــمي العسكري ...

رعــــد الحيـــالـي...


سيادة أي بلد في العالم هي استقلالهُ عن أي تدخل خارجي مهما كان نوعهُ وشكلهُ وأسبابهُ .

أي بمعنى تحرر هذا البلد من سيطرة اي قوة أجنبية تحتله أو تحكمه أو لها نفوذ مباشر أو غير مباشر بوصاية أو بوسائط أخرى أنظمة أو شخوص ينفذون مناهج وخطط هذه الدول وتُتَّخذْ القرارات له بالنيابة عن شعبه وارادتهِ وهنا تنعدم سيادتهِ بالكامل في كل المجالات ألأجتماعية والحياتية والبناء والتطور ألأقتصادي والمالي والبنيوي التربوي والصحي والخدمي وبقية القطاعات الخاصة بالحياة ألأنسانية للمجتمع.

والاستقلال هنا بمنطوقهِ الحقيقي أي السيادة ،

وهو يعني أن تكون الدولة شرطاً أساسياً  لكل ما عداها، ولا شرط يعلو عليها ولأي سبب...

ألآ أننا نلاحظ في وطننا العربي أكاد أجزم أن جميع دول العرب تبدو ظاهرياً أنها مستقلةً عن الخارج لكنها واقعاً تابعة له في قراراته وحيثيات نفوذهِ.

فهي أِذاً معوقة السيادة وناقصة إن لم تكن معدومة ألأستقلآل.

لكن ولضرورة تشخيص عوامل ذلك التأثير هناك عناصر داخلية تؤدي أيضاً الى فقدان سيادة البلدان أضافة أِلى التأثيرات الخارجية منها ....

تتحقق السيادة عندما يكون الشعب حاكماً نفسهُ بنفسه ولنفسه وعندما تستوجب أن تكون مصالحه ذات أسبقية عالية على كل المصالح الخارجية لتحقيق مصالحهُ وقيادة شؤونهُ الداخلية.

لا يتحقق ذلك إلا بأن نَعتَبِـــر جميعنا أننا مواطنون في الدولة رؤساء ومرؤوسين ، ومشاركون في قراراته. ولآتُتخذ قرارات الدولة بالسياسة فقط ومزاجيات السياسيين ، أي ان تكون حصيلة النقاش والحوار بين الناس. وآلية أخذ القرار وتنفيذه تكون بيد السلطة (الحكومة وأجهزتها) التي تعمل في اطار هذه الدولة؛ وتكون شريكة للناس في اطار الدولة لا أن تنفرد هذه السياسة بقيادة معزولة ومتزمته ومتمسكة بالسلطة كـــ مؤسسة نفعية أزلية.

فــ الدولة هي الاطار الناظم للمجتمع بقوانين لكل أطيافهِ والوان تعايشهِ. وأن لآ تكون كيانا غريباً عنه ملصقاً فوقه تمارس العنف والتجهيل وألأستهبال لإخضاع هذا المجتمع المحكوم ؛ ولايهمها رضا الناس وأِن كان بدون الشرعية.

فبديهياً تكون طبيعة الحكم الاستبدادي فاقدة الشرعية وهي بنفس المضمون اعتداء على السيادة كما هو أِعتداء على الدولة مجتمعاً وحياة وتطور.

وعندما تتوغَّل الطوائف { ألمقصود جميع الطوائف } بالحكم ألأستبدادي ، من خلآل سيطرتها على أتباعها باسلوب معين كأن يكون ديني أو مذهبي أو فكري أو حزبي أو عقائدي أو قومي....ألخ...

فأكيد سيسيطر عليها أسياد ومتنفذي كل طائفة من هذه الطوائف. وسيكون ذلك أيضاً اعتداء على السيادة العامة والأنتقاص منها وبنفس الوقت تَهْــلُــك الطائفة.

ففي كل بلدان العالم وليس بالعراق فقط هناك  تعددية دينية وإثنية أو فكرية أو عشائرية أو غير ذلك، أو كل ذلك مجتمعاً . فعلى التعددية الطائفية أن لا تلغي السيادة إلا إذا كانت كل طائفة تعتبر نفسها تنظيما سياسياً قائداً أوحداً باقــياً في السلطة ما دامت المعمورة باقية ولآيمكن أن تنجح مثل هذه الأفكار البتة وقد أثبت التاريخ العربي فشلها المطلق ولدينا شواهد كثيرة على مدى التاريخ..

أِن الطائفة الدينية أو الإثنية أو الحزبية أو العشائرية أو العائلية تعتبر أِعتداء على الاستقلال وعلى الدولة وعلى السيادة وعلى نوع ألأدارة الغير كفوءة . فالطائفة تدخل المجال العام لتحاور نيابة عن أتباعها لآ عن الوطن والمواطنة ولآ حتى عن الطائفة عامة.

ولا تكون السيادة حقيقية إلا عندما يدخل أفراد المجتمع عموماً المجال العام  كأفراد حاملين عقيدة وطائفة الوطن حصراً ,, يناقشون ويتحاورون بالنيابة عن أنفسهم ولأنفسهم كـــ مجتمع عام. فمجتمع السيادة يتكوّن من أفراد مواطنين لا أفراد طوائف وقوميات وأديان وأثنيات أو ما يُسمى حديثاً وتزويراً مكونات؛ 

أن مكونات المجتمع عندما تدخل السياسة كــ مكونات تلغي المواطنة بسيطرة أكباشها. ليظهروا متحدثين عن مظلومية هذه الطائفة والمدافعين عنها وحقيقة أمرهِم غير ذلك.

السيادة هي سيادة الشعب على نفسه. وهي الاستقلال الحقيقي والشمولي. ويـَـتَّحـدْ المجتمع عندما يَحْــكُمُ نفسه بنفسه. وتعلو الوحدة على التعددية أو تصبح التعددية خلفية ذهنية شخصية لا عنصراً مميَزاً في التشكيلة الاجتماعية أوالسياسية، حيث تصبح الدولة الّــهَـمْ الأوّل وألأخير للناس، لا “المكون” مهما كان شأنه. ففي مجتمع من هذا النوع سيستبطن المواطن الدولة في ذاتهِ وعقلهِ وضميرهِ. ويصير مواطناً وطنياً حقاً ، لا عنصراً في مكوّن هاجسه الدولة ومجتمعها في كليهما وليس المكوّن الذي ينتمي إليه.

حينها يكون قد تحرر من مصادرة الطائفة أو المكوّن له بكل توجهاتهِ وأفكارهِ الوطنية.

المواطن الحر المتفلت من كل طائفة ومكوّن هو عِــماد الدولة الحقيقية التي يبحث الجميع فيها لمصلحة الجميع. لا أن تكون الطوائف والمكونات عِـماد الدولة لأنها هي ما يجعل الدولة تتآكل كما حصل لبلدنا الذي اضمحلَّ شيئاً فشيئاً. ولأنها أي الطائفة تَعتبر مصلحتها تتوافق مع مصلحة الدولة ولا تتناقض معها. فقد ثبت أن طوائف ومكونات سلطة الحكم دمرت الدولة وفسخت التماسك الاجتماعي المتعايش الذي كان متعاوناً على تاريخهِ  . على عكس ذلك أن المواطن الحر من أي طائفة يحيها ويديم لها الحياة.

سمو الدولة على الجميع هو مصدر قوة ألمجتمع والدولة. وغير ذلك فهو مصدر ضعف للدولة وتشتيت الطوائف الى زمر ضعيفة، وعجزها عن القرار وتتقطع أوصالها وتضيع مؤسساتها وبنيتها وتهدر أموالها وتتراكم الديون العامة داخلياً وخارجياً عليها

في النهاية تكون وسيلة الدولة الخاوية والعاجزة إرضاء مكوناتها وطوائفها. وقرارات برلمانها تكون قبول دفعات الديون وتراكمها ولا تحصل هذه الديون خلسة أو تسللا، بل برضا الطوائف والمكونات النيابية حصراً ويصوت عليها المجلس النيابي الطوائفي. وبالنتيجة فهو عجزٌ وتخلٍ عن السيادة العامة. وأِرتهان لقوى خارجية أو داخلية ؛ والتعبير عن العجز الداخلي والعجز الخارج هو بالتأكيد تعبير عن عجز الدولة المشار لها أعلآه ليصبح عجزها عبء وكاهل فوق ظهور المجتمع...

عجز الدولة والمجتمع يتمثّل ويعني في أن الواردات مما نستهلك تفوق الصادرات مما ننتج ، وأن الدَّين العام كان في معظمه لتمويل الاستهلاك لا الإنتاج .  حيث يواكب ذلك عجزاً في ميزانية الدولة وقصوراً في قدراتها المالية لتعجز عن دفع على أقل تقدير رواتب موظفيها ، ويحصل هذا كلهُ بموافقة مجلس النواب الذي هو على أساس ممثل الناس لكنهُ أثبت أنه مثلَ نفسهُ وشخوص قياديهِ. حيث نفقات الدولة فاقت ايراداتها، والتي كان من المفروض استخدام هذه ألأموال والميزانيات ألأنفجارية منها من أجل تثمير مشاريع إنتاجية أو بنى تحتية فكانت نفقات خاصة. وما أنجز من البنى التحتية ماكان ألآ مزيد من الديون العامة. وارتفاع الدَين في العراق كان من أجل الاستهلاك لا من أجل الإنتاج والتطوير....

أِعْــتَـــقَـدَ العراقيون أن الأموال ستستمر تتدفق من الموارد الطبيعية لسد نفقاتهم الخدمية وألأجتماعية طيلة مايقرب من 20 عاماً، لكنهم أستمروا في حياتهم التي بنية على اساس الاستهلاك فقط. والنظام العراقي الحالي شجعهم على ذلك. وكان شعار الفريق المالي العراقي,,,,

( وزراء المالية المتعاقبين ومحافظين البنك المركزي ولجان مالية برلمانية ووزارية ) أَوْحوا لنا أن الثقة بالقطاعات المصرفية سوف تجعل الأموال العراقية سواء العملة الصعبة أم الدينار العراقي مستمرة في التدفق بما يفوق العجز في الميزانية، وأنهُ سيحدث فائضاً في الميزانية والمدفوعات..

أِلآ أن واقع ألأمر تبين عكس ذلك

واعتبر العراق أن الاعتماد على ثقة العالم الخارجي به وبجهازه المصرفي سوف يضمن تدفق المال اليه، وستكون الثقة راجحة في كفة ميزانهِ والانفاق على الأمور الاستهلاكية سيكون مبرراً.

ألآ أنهُ مرت فترة ألــ مايقرب 20 عام سنين عجاف..

وما أصابنا ألآ الخيبة والخذلان في كل المجالات ولآ زال النظام المالي في العراق مصرٌ على نمط العيش الاستهلاكي وأن النفط والغاز فقط هو مصدر التمويل ولو أن الغاز يهدر هباءاً دون استثمار؟

ألآ أن العراقيين أِستفاقوا قبل أيام واصيبوا بخيبة مرعبة إضافة إلى كل تلك الخيبات ، وأن عليهم تغيير نمط عيشهم نحو التقشّف بعدما اعلنت الدولة رسمياً أِرتفاع سعر صرف الدولآر وانخفاض قيمة الدينار المحلي ومعهُ أِرتفاع في ألأسعار عموماً حتى على مستوى الخضرةِ ورغيف الخبز...

أن الطبقة السياسية الحاكمة ، ومنها الحكومات السابقة والحالية، لا تُدرك ولا تريد أن تدرك أن مشكلة البلد داخلية ومشخصنة أكثر مما هي خارجية كذلك ليست في عدم تدفق الأموال الريعية أو ألأستثمارات الخاصة ..

يُضاف الى ذلك أن الدولة لا تعرف عدد موظفيها بدقة أضافة الى ميزانيات ألأقليم المجهولة التحديد، ،

ولا يستطيع اطراف السلطة الحالية المتمثلة بـــ الرئاسات وكل الأطراف السياسية ، أن يتبرّأ أحدٌ منهم من الضعف الذي وصلت إليه الدولة العراقية (مالية الدولة، أو أمكانيات داخلية كـــ الكهرباء، والماء، والخدمات  والطرقات والعلاقات الداخلية والخارجية ، ووو الخ…).

لقد كانوا مشاركين في السلطة منذ 2003 ولحد ألآن وجميعهم كانوا شركاء رئيسيين. وكانت لهم اليد الطولى في السلطة وفي أخذ قراراتها. مشكلة هذه الكتل الحاكمة هي أنهم لا يعرفون معنى الانجاز في أي مجال أو يتجاهلونهُ وهو ألأرجح..؟؟؟

سِـرَهُم في ذلك أنهم هم السلطة وهم نفسهم المعارضة وأن كل فريق يعمل ضمن مسؤوليتة في هذه السلطة لتنفيذ أعمالهِ حصراً، في حين أن المعارضة واجبها في الواقع مراقبة السلطة وتصويب أهدافها .

ومنذ حين ليست بالقليل اكتشف المجتمع أن ذلك غير وارد في أدمغة هذه السلطة  أو معارضيها ، وأن الصراع فيما بينهم هو صراع قصابين ... 

وهو فقط صراع على السلطة لا على ما يجب القيام به من أجل انتظام عمل الدولة وترفيه مجتمعها.

فـثقــافة الإنجاز غائبة عن هؤلاء الحكام، سواء كانوا ماكانوا وفي أي موقع من السلطة. ولا في تفكيرهم إِلآ ما يدخل في حساباتهم ومصالحهم ومصالح أشخاصهم

أن الإصلاحات المطلوبة ليس فقط في الأمور المالية  بل في نمط الحكم ونهج السياسة المتبعة في ادارة الدولة وأنهُ يجب أن تُــتَّخذْ أجراءات فورية في انقاذ ما قد تبقى من أثر دولة كانت تسمى العراق العظيم ...

ومَابِــكُم مِن نِعــمَةٍ فَــمِن الله ثُمَ أِذا مَسَــكُم الضُرُ فَــ أِلــيهِ تُجَـــارون... 

صدقَ الله العَظيمْ

لله ما أعطى ولله ما أخذ وكل شيءٍ عندهُ بأجل...

سلآم الله عليكم أحبتي ورحمتهُ وبركاته


إرسال تعليق

0 تعليقات