الرئيس التونسي يلوح بتوجيه لائحة لوم ضدّ الحكومة

مشاهدات



تونس – كشف الرئيس التونسي قيس سعيد، الخميس، عن وجود ترتيبات لإجراء تعديل وزاري أو توجيه لائحة لوم ضدّ حكومة هشام المشيشي.

وقال سعيد في كلمة توجه بها إلى الشعب بمناسبة نهاية السنة الميلادية “لا تزال إلى حد يوم الناس هذا الترتيبات متواصلة لإدخال تحويرات على الحكومة أو توجيه لائحة لوم ضدها”.

ولتقديم لائحة اللوم يتوجب موافقة ثلث أعضاء البرلمان على الأقل ومن ثم تحتاج سحب الثقة من الحكومة لتصويت الأغلبية المطلقة في البرلمان.

ولم يكشف رئيس الحكومة الحالي هشام المشيشي عن تحويرات متوقعة على حكومة التكنوقراط التي يقودها، ولكنه أشار إلى تعيينات سيجريها في المرحلة المقبلة لسد الشغور في وزارتين بعد إقالة وزيري الثقافة والبيئة.

وكثّف الرئيس التونسي قيس سعيّد في الأسابيع الفارطة مشاوراته مع عدد من الأحزاب الداعمة له، وهو ما يعكس رغبة الرجل في نقل معركته مع رئيس الحكومة هشام المشيشي وحلفائه إلى البرلمان لتمرير مشاريع قوانين قد تحرج مكونات حزام المشيشي على غرار حركة النهضة الإسلامية.

وتقود حركة النهضة الإسلامية التي ينازع رئيسها راشد الغنوشي، الذي يرأس البرلمان أيضا، سعيّد في صلاحياته، إلى جانب ائتلاف الكرامة المقرب منها وحزب قلب تونس (ليبرالي) حزام هشام المشيشي.

ويرى متابعون للشأن التونسي أنه وسط تصادم المبادرات بشأن حلحلة الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، يحاول قيس سعيّد التحرك لكسر الجمود الذي يعرفه القصر الرئاسي ويحبذه خصومه وفي مقدمتهم حركة النهضة الإسلامية التي تحاول بذلك تكرار تجربتها مع الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي.

وكانت حركة النهضة قد نجحت في وقت سابق في عزل قائد السبسي سياسيا لتصبح الداعم الرئيسي لرئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد الذي وفرت له ضمانات برلمانية تمكنه من البقاء على رأس الحكومة، وهو ما أحدث اصطرابا وفتورا في علاقته برئاسة الجمهورية.

وأكد سعيد في كلمته تمسكه بمبادراته التشريعية التي لم يتمكن من تقديمها والتي تتعلق بإحداث مؤسسة فداء خاصة بعائلات الشهداء والجرحى من العسكريين والأمنيين وعائلات جرحى الثورة ومبادرة تشريعية أخرى تتعلق بالصلح الجزائي، وقال إن الظروف لم تسمح بتقديمها لكنه سيعمل على ذلك "لكي يتحمل كل منا مسؤوليته".

وحكومة المشيشي هي الثالثة منذ انتخابات 2019 حيث فشلت الحكومة الأولى المقترحة في نيل ثقة البرلمان في مطلع عام 2020 فيما استقال رئيس الحكومة الثانية إلياس الفخفاخ بسبب شبهات فساد.

واستلم المشيشي، الذي كلفه الرئيس بتكوين حكومة وفق ما يضبطه الدستور، مهامه في سبتمبر الماضي في وقت تشهد فيه تونس صعوبات اقتصادية واحتجاجات اجتماعية ضد البطالة والفقر. 

وتحظى الحكومة الحالية بدعم أساسا من حزبي حركة النهضة الإسلامية و”قلب تونس”، في وقت تواجه فيه أزمات اقتصادية واجتماعية كبرى وتقف عاجزة أمام حالة الاحتقان المتنامية التي تعيشها أغلب القطاعات الحيوية في البلاد.

وأعلنت عدة نقابات وتنسيقيات عمالية جهوية في تونس عن دخولها في سلسلة من الإضرابات والاحتجاجات مع بداية العام الجديد، تنديدا بالأوضاع الاجتماعية والمهنية المتردية، وسياسة المماطلة التي تنتهجها الحكومة في الإيفاء بوعودها، في وقت ترزح فيه البلاد تحت أزمة اقتصادية خانقة عمقت آثارها جائحة فايروس كورونا المستجد.

وقال سعيد إنه لم يكن من اليسير العمل في مثل هذه الأوضاع، وإن "هناك حكومات تتعاقب ومشاورات تتواصل ومناورات تحبك.. من أجل تحقيق توازنات بعضها ظاهر وأكثرها خفي”.

كما انتقد تمرير قانون المالية لسنة 2021 رغم النقائص التي يحتويها وشدّد على أن "الوضع ازداد تعقيدا حين تم تمرير قانون المالية لسنة 2021 وتم الحرص على تمريره بالرغم من نقائصه حتى لا يتم اللجوء إلى تنفيذ هذا المشروع في الجانب المتعلق بالنفقات بأوامر رئاسية كل 3 أشهر ".

وكان البرلمان التونسي صادق في ديسمبر الماضي على ميزانية للعام 2021 وحجمها 52.6 مليار دينار (حوالي 19.4 مليار دولار)، بارتفاع بنحو 1.8 في المئة عن موازنة 2020 وعجز بنحو 8 مليارات دينار (6.3 مليار دولار) أي أكثر من 7 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.

ويرى خبراء في الاقتصاد أنّ قانون الموازنة للعام 2021 واصل في سياسة الترقيع، حيث لم يتضمّن تحفيزا على الاستثمار، وغرق في سياسة الاستهلاك والإنفاق، ما يهدّد برفع أسعار المواد الأساسية وتأجيج الاحتقان الشعبي، فضلا عن تعسير مهمة الحصول على تمويل في أعقاب فشل الحكومات المتعاقبة في إدارة الاقتصاد.

ووجه الرئيسي التونسي اتهامات لجهات داخلية، لم يسمها، بمحاولة عرقلة جهوده لعقد اتفاقات ومبادرات دولية، قد تساعد البلاد للتخفيف من أزماتها، مما جعل مسألة تطوير العلاقات الدوليّة أمرا غير هيّن أو يسير.

وقال ''لقد التقيت عددا غير قليل من المسؤولين من الدول الشقيقة والصديقة ولكن للأسف حاول البعض في الداخل إجهاض هذه الاتفاقات حتى قال أحد المسؤولين الأجانب حرفيا "أعينونا حتى نتمكن من تقديم العون لكم".

واعتبر سعيّد أن همّ الكثيرين "هو إحباط أي عمل تتمّ المبادرة به فليس المهم عند هؤلاء الاستجابة لمطالب الشعب بل الغاية الوحيدة هي عرقلة أي مبادرة تأتي من غيرهم".

إرسال تعليق

0 تعليقات