الناصرية وعودة هيبة اللادولة

مشاهدات



علاء الخطيب


حينما لا تستطيع الدولة احتكار العنف ، وتطبيق القانون ، يعني ذلك اننا في غابة يأكل القوي منا الضعيف . وحينما يكون السلاح هو الحكم بيننا يعني ذلك اننا لم نَعد اخوة ولم  تجمعنا المشتركات الانسانية او الوطنية ولم تظللنا خيمة الوطن ، فقد وقع السيف بيننا فاصبحنا. مِلل واقوام .


وما دامت السيادة  تتحكم بها البندقية المنفلته فلا يمكن ان نطلق مصطلح الدولة على بلدنا ، فنحن في مساحة اللادولة مهما  تمشدقنا بالوطنية ورفعنا اعلام وطننا اوانشدنا  موطني .... موطني  الجلال والجمال  والسناء والبهاء  في رباك  في رباك .... .


فلا جلال ولا جمال وسناء ولا بهاء  ورائحة الدم تفوح من ساحات مدننا ، ولا حياة ولانجاة مادامت العصابات والمافيات تتحكم في حياة شبابنا  ليسقطوا واحداً تلو الاخر  بأيدٍ آثمة.


ولا حديث عن المواطنة  وقواتنا الامنية عاجزة عن ايقاف الخارجين عن القانون ، المحتمين بعباءة الزيف .


فالمواطنة تعني العضوية الكاملة في مؤسسة الوطن ، فليس هناك مواطن درجة اولى ومواطن  درجة ثانية.


لكن للاسف ما نراه في وطننا هو تعريف مغاير للمواطن ، فالمواطن الذي من حقه ان يتمتع بكامل حقوق المواطنة هو  ابن المليشيا القوية او الحزب المتنفذ او العشيرة المغواره.


هذه مقومات المواطنة في بلاد الرافدين


بلاد اللادولة .


تَقتُل بدم بارد دون حساب ما دمت  عضواً في مليشيا الموت وستمنح اوسمة الزعيم ، فقد اعدت هيبة الدولة  برصاصاتك التي اطلقتها لتقتل عراقيا ، ستبقى أنه تسفح دموعها على قبره في  وادي الموت في النجف الذي كان يسمى وادي السلام  سابقاً .


الذين يتحدثون عن عودة هيبة الدولة عليهم ان يفهموا ان هيبة الدولة لا تكمن  بالقتل في الساحات العامة ،  وان هيبة الدولة  لا تعيدها المجاميع المنفلتة الخارجة عن القانون ،هيبة  الدولة من مختصات قواتها الامنية وجيشها البطل ،  وحشدها الحقيقي ، جيشها الذي طرد الارهابيين ، وانتفض لسمعته وتاريخه .


لا يحق لمجموعة او لفرد ان يحدد شكل الدولة او  مسار عودة هيبتها او طريقة تنظيفها .


فقبل ان ننظف الدولة  علينا تنظيف انفسنا من ادران امراض العظمة والكِبر ، وعلينا ان نجادل الاخرين بالحسنى وان يكون الحوار هو جسر التواصل العقلاني  .


وان لا نقفز الى مساحة اللادولة.


فالمعركة بين ابناء الوطن  لا تعيد هيبة الدولة،  وهي معركة خاسرة بكل المقاييس  ، حتى المنتصر فيها خاسر، لان من يسقطون من الطرفين هم ابناء  هذا الوطن و فلذات كبده .


ما شهدته الناصرية  بالامس  من كل الاطراف مشهد من مشاهد اللادولة ومشهد من مشاهد التعدي على الوطن  بكل افراده .


   حينما تكون الفوضى سيدة الموقف والدم هو لون المدن فذلك يعني ان مستقبلنا اصبح رهن الكراهية والحقد وثقافة الثأر ، وان مستقبل اجيالنا سيكون قلقاً ، فبأس الارث الذي نورثه لاجيالنا القادمة وبأس التاريخ الذي نكتبه بأيدينا وسوف يخجل ابنائنا في قادم الازمان  من افعالنا . فشتان بيننا وبين حمورابي ونبوخذنصر  وگلگامش   وبين بابل وسومر ان كنا حقاً ننتمي لهم  او ندعي الوصل اليها  .


قالالإمام علي⁩ ( ع)  ( من أراد أن ينصف الناس من نفسه ، فليحب لهم ما يحب لنفسه ) .

إرسال تعليق

0 تعليقات