أردوغان والصفقة الحرام: ليلة سقوط مسيلمة الكذاب

مشاهدات



بقلم: الكاتب والباحث السياسي

أنمار نزار الدروبي


لا أريد أن أغوص في التاريخ كثيرا، لكن الخونة والعملاء لا ينقرضون من هذه الحياة البائسة، بحيث أصبحنا لا نندهش ولا نبالي بأفعالهم الشنيعة، ولكن نبقى في حسرة وألم ليس لأنهم خونة أو عملاء بل لأن هناك من يصدقهم ويدافع عنهم بدون وعي أو معرفة بخفايا الأمور.


ووفقا لهذه الغيبوبة التي أصابت الكثيرين أصبح بهلول تركيا أردوغان بالنسبة لأنصاره ومحبيه (السلطان وقائد المسلمين ورجل كل المراحل) ضع من الألقاب ما يعجبك. ومن دون شك فإن نموذج أردوغان صار متكررا في عالمنا اليوم وتحديدا الذين صدعوا رؤوسنا بالدفاع عن الإسلام والمسلمين، وكأن السماء عجزت عن أرسال نبي جديد للأمة غير أردوغان؟ وكأن النساء لم ولن يُنجبن غير كذاب تركيا أردوغان؟


في الحقيقة أن الخيانة ليست بجديدة العهد على أردوغان، فهو تلميذ نجم الدين أربكان، وكما نعلم أن أربكان هو منظر مشروع أردوغان الذي أوكلت له مهمة احتواء جماعة الإخوان وباقي التنظيمات الجهادية. لكن الذي لا يعرفه أنصار أردوغان، أن مشروع نجم الدين أربكان مع أردوغان لم يكن إسلاميا مطلقا بل تأسس في رحم العلمانية الأتاتوركية، بمعنى أن ينسجم كليا مع النظام العالمي وفي الوقت نفسه أن يكون بعيد عن الدين. وهذا تحديدا ما فعله أردوغان عندما أستخدم الدين كمطية، وبالتالي فإن الدين سيفقد روحه الإنساني وتحل في ثناياه روح التوحش. والتوحش هنا عندما تقوم أجهزة أردوغان القمعية بألقاء القبض على مواطن سويدي من أصول عربية وتحديدا من الأحواز في إيران، هذا المواطن محكوم عليه بالإعدام من قبل النظام الإيراني الفاشيستي، بحيث تمت الصفقة من أجل أن تقوم إيران بدورها تسليم ثلاثة من حزب العمال الكردستاني إلى تركيا.


في السياق ذاته فإن خيانة أردوغان لنجم الدين أربكان معروفة على نطاق واسع، مع العلم أن أربكان كان يمثل الأب الروحي لأردوغان. يقول سيدنا عيسى عليه السلام (لا ينال ملكوت الله أحدا ما لم يولد مرتين، ولادة أرضية وهي ولادة طينية، وولادة السماء التي تتحقق بالأب الروحي)


وبالتأكيد فإن مشروع أردوغان ازدواجي الأيديولوجية، فهو يرى وجهين فقط في مشروعه وهما، وجه جماعة الإخوان المسلمين، ووجه التركمان، فنجده يُحشد إسلاميا من خلال الإخوان، ويحشد قوميا من خلال التركمان. وحاول أن يستغل الدين الإسلامي في خطاباته أبشع استغلال لكنه فشل، لأن الدين الإسلامي ليس سلعة اقتصادية ولا عباءة قومية يفتخر بها أيا كان، الإسلام دين إنساني أممي شمولي يتجاوز كل حدود الجغرافيا السياسية والاجتماعية.


وبالتالي فإن أردوغان نتاج مرحلة معينة ودعمه معلوم وفق حسابات التوزان السياسي، فهو لا يمتلك أي فلسفة في طرحه، مجرد أنه يحاول تسييس الدين وأدلجته، وهذه العملية لا تحتاج إلى عمق فلسفي. بل أن المحفل الماسوني الأكبر في العالم يضع ثلاث كتب على مائدة الاجتماعات وهما (القرآن والانجيل والتوراة)، وهدفهم خلق نظام دولي واحد يحكمون به العالم وفق معتقدات هذه الكتب الثلاثة لكن عن طريق أتباع لهم مثل أردوغان.


هناك ملاحظة مهمة قبل أن انتهي من مقالي وهي: بعد فشل جماعة الإخوان المسلمين من تأسيس دولة منذ نشأتهم في مارس عام 1928، ذهبت السياسة العالمية إلى إيجاد دولة إسلامية بديلة في الشرق الأوسط وهي إيران. ومن هنا يحاول أردوغان استعادة المشروع الإخواني بطبعته التركية.


إذن الرهان على أردوغان قصة من الخيال، لكن لا بأس ممكن لأنصاره على أقل تقدير أن يحلموا.


إرسال تعليق

0 تعليقات