الإبتزاز والشعوذة الألكترونية

مشاهدات



نهلة نجاح


تعد جريمة الابتزاز الالكتروني من الجرائم المستحدثة التي تهدد أمن وسلامة المجتمع، كونها تخدش حياء الفرد ما يجعله عرضة للانتهاك، وتجعله يعيش حالات من الصراع النفسي والاجتماعي والضغط والتهديد مما تستوجب وجود وعي اجتماعي وقانوني لدى الجمهور في كيفية التعامل مع الوسائل وتقنين العلاقات الافتراضية مع بعضهم بعضا في مواقع التواصل الاجتماعي، ولاسيما التطور المستمر في التقنيات الالكترونية والتي أوجدت مجالاً لإساءة استغلالها من قبل بعض الافراد والجماعات والدول لارتكاب الأفعال والسلوكيات المشينة.

وبرزت في الآونة الأخيرة ظاهرة الغش والاحتيال من اشخاص ينتحلون صفة روحانيين، اذ لوحظ قيامهم بالكذب والاحتيال على الفتيات عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، مقابل دفع مبالغ مالية ، وبسبب كثرة المشاكل الاجتماعية التي تحيط بالمجتمع ما بين (زواج ، طلاق، فسخ خطوبة… وغيرها الكثير) ، ومن الاسباب التي تجعل النساء فريسة سهلة للدجالين بسبب قلة الوعي والجهل فتلجأ لهم ظناً منها لحل مشاكلها ولكن يحدث العكس فتتفاقم المشاكل لتتحول المرأة الى ضحية لهؤلاء المحتالين فيطلب منها صورة او معلومات منها وتستجيب له، واذا بها بعد مدة وجيزة يتم ابتزازها بأسوأ الطرق واذا لم تستجب يفضحها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وغالبيتهن تخضع له خوفاً من المشاكل والفضائح والجرائم التي تتوقع ان تحدث وتضطر لدفع المبالغ والخنوع للابتزاز ، إن الابتزاز عن طريق السحرة والمشعوذين يستعمل أساليب الضغط والإكراه بهدف التعدي على حياتهن الخاصة والمساس بهن عن طريق التشهير، وخاصة عندما يحصل المشعوذون على معلومات، أو بيانات عنهن وعن عوائلهن اضافة الى الصور، ينتج عن ذلك وقوع النساء رهينة في يد المبتز وتمتثل لأوامره، سواء أكان ما يمس منها جانب الشرف، أو جانب الاعتبار من الوجهة الشخصية في المجتمع.

هذا وتختلف الدوافع الخاصة بالمشعوذين فقد تكون الدوافع مالية وتتبع الحالة المادية للضحية وفيما اذا كانت حالتها المادية جيدة ستكون فريسة سهلة لهؤلاء، وقد تكون دوافع جنسية وتتم دعواتها لسلوكيات لا اخلاقية او جنسية، وقد يكون للمشعوذ الهدفان معاً، وبالتالي تعد جريمة الابتزاز من الجرائم المربكة للضحية وتُشكل خطراً على المجتمع عامة، والمرأة خاصة، نظراً لما تمثله من اعتداء على خصوصية النساء واستغلالهن من قبل ضعاف النفوس، لينعكس سلباً على حياتهن.

لتدخل بذلك جريمة الابتزاز في اطار الجرائم الخطيرة التي تشكل تهديداً على امن المجتمع وسلامته بالإضافة إلى تأثيرها على الجوانب الاجتماعية، إذ تؤدي الى التفكك الأسري وحدوث المشكلات التي تؤدي إلى وقوع الطلاق احياناً و فقدان الثقة بالإضافة إلى الآثار النفسية (القلق ، الخوف ، الاكتئاب) وتتميز هذه الجريمة بصعوبة إثباتها لأنها من الجرائم الحديثة وان الفاعل فيها يستعمل التكنولوجيا الحديثة.

ويعد الجهل وقلة الوعي احد ابرز العوامل التي تؤدي لهذا النوع من الابتزاز فضلاً عن قلة حملات التوعية الخاصة بالنساء حول الموضوع، وعدم ادراك تبعات التعامل مع هؤلاء الأشخاص الذين يدَعون المعرفة بأمور الغيب تجعل النساء في وضع محرج ومخجل في مجتمع عراقي محافظ لاسيما وان هذه الظاهرة تزايدت في البيئات المشددة.

وتجدر الإشارة الى ان عدم وجود ثقافة الشكوى عند النساء تعد أحد اهم التحديات التي تواجههن ، والسكوت على التجاوزات والاعتداءات التي يتعرضن لها يزيد من تفاقم الأوضاع ، وأن الخوف من الفضيحة والحرص على السمعة هي المبرر الدائم للركون الى الصمت ومسايرة المبتزين، اذ نحتاج الى ثقافة أرفعِ صوتك ، لا تسكتِ على ضياع حقك ، لا تقبلي ان تكوني ضعيفة ، لا تقبلي ان تكوني ضحية ، أرفعِ صوتك ، قاومي ، لا تخشي شيئا ، مصيرك ومستقبلك يحتم عليك ان تكوني أكثر قوة ، لا ترضخي ، لا تستسلمي ، موقفك الراسخ سيفشل مخططات المبتزين ، سيقلل مساحة الاعتداء على الاخر ، اذا لم تكوني قوية فاعلمي انكِ تحكمين على نفسكِ بالموت البطيء في حياة صعبة لا مكان فيها للضعفاء.

إرسال تعليق

0 تعليقات