ودارت الايام ..والشعب العراقي يصحى وينام على ظلم الاحزاب والحكام ..

مشاهدات

 



ثائرة اكرم العكيدي

لم ينحصر هول مفاجأة العراقيين بداية الألفية الثالثة برؤيتهم الدبابة الأميركية وسط العاصمة بغداد في غزو قادته الولايات المتحدة لبلادهم عام 2003، أطاحت من خلاله بنظام الرئيس الراحل صدام حسين فحسب، بل سرعان ما وسعت هذه البداية سقف المفاجآت بمشاهدة صدام نفسه على منصّة الإعدام وقد لُف حبل المشنقة حول عنقه صبيحة 30 ديسمبر/كانون الأوّل 2006، والذي وافق أول أيام عيد الأضحى المبارك وقتذاك
وما زالت ذاكرة حداد تحتفظ بتفاصيل المشاهد الأخيرة من حياة صدام قبيل إعدامه يردنا إلى مشهد الإعدام الذي أقدمت عليه حكومة نوري المالكي ونفذه صدريون أوكلت إليهم مهمة تنفيذ الحكم.
وكانت الايادي الايرانية والامريكيه المتهم الاول واللذان بٍشرورهم ارادوا اسقاط العراق في نزعة عدوانية حملت أسوأ مافي التاريخ بشاعة والذين أشرفوا بشكل مباشر على تنفيذ الحكم بعد اتفاقه مع المالكي على اختيار هذا اليوم بالتحديد، نافيا نفيا قاطعا وبغضب وفي رده على سؤالٍ لقناة الجزيرة وقوف أجنداتٍ خارجية وراء اختيار أول أيام عيد الأضحى المبارك لتنفيذ الحكم انتقاما منه على خلفية طائفية..
ولم يخلُ بقاء صدام حسين على قيد الحياة خلف الستار من تحقيق مصالح متضاربة لأطراف أرادت الاستفادة منه ومن معلوماته المتعلّقة بأحداثٍ مهمة وحساسة وبارزة، عكس جهاتٍ أخرى أسرعت في تنفيذ الإعدام خشيةً من احتمالية عودة حزب البعث ثانيةً، أو سعي قوى معيّنة لاستخدام وجوده لإثارة الكثير من القضايا وإخضاع العراق لمساومات هو في غنى عنها، وهذا ما دفع المالكي إلى حسم الأمر وتنفيذ حُكم الإعدام.
ولم يكن إيصال صدام حسين إلى منصة الإعدام سهلا ما لم تشترك عدّة دول خارجية وأطراف داخلية في هذا الأمر، .
 كانت أميركا قد أوقعت الطبقة السياسية العراقية في فخها بتحديد هذا التاريخ لتنفيذ حكم الإعدام أم لا، يؤكد العلوي تدخل أميركا في هذا الأمر بل إنها عملت على تقريبه، في خطوة يفسرها بأنها خدعة ذكية لتجعل عند المسلمين لغطا وتفسيرا وتشويها لمناسباتهم
وقامت الطبقة السياسية ان ذاك باستفزاز الشعب العراقي من خلال تنفيذ حكم الإعدام صبيحة عيد الأضحى المبارك، بحجة ضعيفه الا وهي هروبه ..
والاغرب من هذا كله خلو مراسم تنفيذ حُكم الإعدام من الأسس الإسلامية والبُعدين الإنساني والأخلاقي، إضافةً إلى المبادئ العربية، ولا سيما أن صدام حسين كان رئيسا للعراق وحكمه لنحو 25 عاما.
فهو بالنسبة لمحبيه قائد عربي شجاع تصدى لمساعي إيران لتصدير الثورة إلى العراق ولم يتردد في ضرب إسرائيل أما بالنسبة لمعارضية فهو ليس سوى طاغية مستبد أسس حكما عائليا قمعيا وقتل عشرات الآلاف من الشيعة والأكراد مستخدما الأسلحة التقليدية وأدخل بلاده في حروب عبثية.
لقد كشفت سنوات ما بعد صدام تصدّعا كبيرا في القواعد الجماهيرية للأحزاب التي عارضت صدّام وبيّـنت عُـمق الفجوة التي تفصل القيادات عن أسُـس الديمقراطية وغياب ثقافة الديمقراطية لدى الجماهير.
وعموما، فإن إقامة نظام على أساس التوازنات الطائفية والمحاصصة منذ تشكيل مجلس الحكم حتى الآن، أوجد وضعا جديدا في عراق ما بعد صدام دثاره الطائفية، حتى مع شعور الشيعة والسُـنة والأكراد بالغُـبن جرّاء سياسة قادتهم.
فبعد تدمير الدولة وبنيتها السياسية والاجتماعية، ونشوء دويلات عدة على أسس عشائرية وطائفية وعرقية، تم تحطيم نظام القيم بشكل شبه كامل من خلال انتشار الجريمة المنظمة وبيزنس المقاومة بكل أصنافها، حتى التي تسمّـى الشريفة  لأنها أيضا أسِّـست بوعي مذهبي كردِّ فِـعل على زوال النظام السابق بما يختزنه من طائفية سُـنية، وإن لم يكن صدّام ممثلا عن السُـنة.
غالبية الشعب العراقي أدركت أنها كانت ضحية للتضليل وتحريف الحقائق عن نظام صدام حسين وحكومته، لكن سبحان الله فالذين داسوا صور صدام بالأقدام أصبحوا يحملونها على الأكتاف إحتجاجا على الفساد والطائفية، و نهب ثروات البلاد، وهذا الوعي هو خير انتصار لذكري الرجل ، الذي نؤكد على أنه ارتكب أخطاءا و جانب الصواب،  لكنه لم يكن لصا و لا خائنا لوطنه وأمته، لكن  أصل الحكاية أن تطلعه لبناء عراق قوى مستقل لن ترضي أمريكا و ربيبتها إسرائيل ..
تسع عشرة عاما الامن مفقود والسلم الاهلي مطلوب والاستقرار الاجتماعي منعدم  والعراقي مُـهدد في الفوضى والقتل والخطف والاغتيالات، التي صارت لغة العراق الجديد، هو الذي علَّـم الدنيا الكتابة والقوانين منذ أكثر من سبعة آلاف سنة. تسع عشر عاما  وطن يفتقد ابسط مستلزمات الحياة لا ماء ولا كهرباء في عِـراق يصُـب فيه النهران الخالدان، دجلة والفرات، ويغفو على عالم من النفط والغاز تسع عشر عاما  أفضل ما فيه بالنسبة للعراقيين، هو غياب صدام إلى الأبد، والأمل في حصول تغيير حقيقي يجعل العراقيين الذين كانوا يروون "نكات" عن حكم أحفاد صدام لهم يستمر قرونا، يجعلهم يعللون أنفسهم بالآمال. فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل..
في زمن صدام، كان على العراقيين أن يتغنـوا بزعيم واحد، وهم اليوم وبعد أربع سنوات من سقوط ذلك النظام القمعي القائم على عبادة الفرد، أصبحوا يسبِّـحون بحمد أحزاب وشخصيات جديدة - قديمة ويدورون في فلكها حيث دارت.. ومن خرج من هذه الشخصيات من باب "الديمقراطية الجديدة" عن السلطة، عاد أو يعود لها من شباك الديمقراطية الجديدة ذاتها في لعبة الاستغمّـاية وتبادُل الأدوار، بينما على الشعب العراقي أن يرضى بقدَره الجديد، وإلا فسيصنّـف من يعارض منه في خانة "الإرهاب" ويحاكم وفق قانون مكافحة الإرهاب..هذا إذا حوكم، لأن أحكام الإقصاء والاغتيال الجسدي أو السياسي، صدرت سلفا في محكمة سرية خاصة لا يشاهد العراقيون غير نتائجها.
بات على الشعب المسكين أن يقبل مُـكرها بنظام تداول السلطة بين أحزاب وشخصيات، بعضها يورّث لبعض في آلية جديدة، أقصت ديكتاتورية الفرد الواحد، ولكنها وسّعت من دائرة الدكتاتوريات المتعدّدة بنظام وراثي وإقطاعي وعشائري، يغلف نفسه في كثير من الأحيان بعباءة الدين.
والأكثر إيلاما في مأساة ضحايا صدام الشيعة الأحياء، أنهم خُـدّروا بفتح أبواب الزيارات إلى العتبات المقدّسة لهم على مِـصراعيها، ورضوا ذلك ولسان حالهم يقول المهم صِـرنا نزور بعد أن كانوا مُـنعوا من ذلك في عهد صدام إلا بقيود وحدود، وكأن الهدف من إسقاط صدّام بالنسبة لهم، هو الزيارة وما أصبحت تنطوي عليه من موت ينشر رائحته كل حين.
 والمضحك المُـبكي، أن سنوات القَـهر في زمن صدّام لم تُحتسب حتى الآن لأغراض التقاعد ولتحسين الراتب، وأن غالبية أسر وضحايا صدّام، تعاني الأمرّين في العهد الجديد وتشعر بالإحباط والحسرة بالندم، رغم أن هؤلاء لا زالوا ضحايا للمفخّـخات والأحزمة الناسفة والاغتيالات العشوائية
 ناهيكم عن انحطاط مؤسسات التعليم والصحه لادنى مستوى والشباب الخريجين وانعدام التعينات والبطاله المتفشيه والتي ادت بدورها الى كثرة السرقات والجرائم التي شهدها العراق خلال العشر السنوات الماضية
ها هم العراقيين اليوم يشاهدون أحلامهم وآمالهم تتبخـر لتذهب أدراج الرياح.

إرسال تعليق

0 تعليقات