ذرة سكر تكفيني ..

مشاهدات

 



 الكاتبة حنان جميل حنا

لا أحب الشاي حلو المذاق ..
تعودت أن أكسر مرارته قليلاً ..
رغم أنني أعشق أوراق الشاي ورائحتها الزكية.
أكثر ما يسعد قلبي أن أسرح بذاكرتي وهي تعود بي للماضي البعيد ...
لأول مرة تذوقت الشاي ..
ربما كنت في السادسة أو أكثر قليلا ..
  تسرعت بشرب القدح وأفرغته بجوفي كما كان يفعل والدي ..
ربما لأثبت له بأنني قد كبرت ..
وأنال قليلا من الأنتباه .. ولربما ايضا أستحق قدحاً من الشاي الخاص بي ... كقدح والدي الذي كنت أراه كبيرا ضخما أنذاك.
كانت نتيجة حماسي وتسرعي ..أن سخونه الشاي أحرقت سقف جوف فمي قليلاً .
هكذا هي الحياة  .. غنية بعض الأيام بانفعالاتنا وأحاسيسنا ، وفقيرة ساخطة حارقة أياما أخرى
مُرة أغلب الأحيان .. تحدق بنا ، تعاكسنا ..
ولكننا تعودنا على تجرع مرارتها بواقع الحال ..
نتوارى لنضمد حروقنا جيداً  بعيداً عن الأخرين ، ولكي لا ننزف الألم على الملأ ..
نعم.. تعودنا لأن الأمور لايمكنها أن تكون افضلاً .
وكبشر لاننسى مرارة ما مررنا به من شجون وغصات القلب .. بل ونسمح لأنفسنا أحيانا بأعادة افتتاح مسرح متاعبنا ولوعاتنا ونختار أسماً لامعاً لعرضها وتأملها والبكاء على اطلالها .
نعلن المرّ  والجفاف بمفارق الطرقات .. ولا نعلن الحب ولا نجود الغناء بحلاوة أيامنا ..
ذاكرتي تحتفظ لي بفرحة هنا وهناك .. متباعدة ولكنها حقيقية  ..
لزمان بعيد كان عظيماً بكل ما فيه ..
شامخا كالصقور القاطنة بقمم المرتفعات
كان فيه الموت يحمل أقداحه ويولي هارباً
ويهب الزمان أياماً تعطش للحياة
كان صباي أجمل ذكرياتي ..
وفي أطيب أرض و موطن ، فهي ألذ ما حملت لي الحياة ..
قبل أن يقتنصها الزمن برصاصات غادرة قاتلة ..
منذ نيف من الزمان عدتُ أرسم أبتسامة على محياي ..
وأسامح .. وأتصالح مع أيامي
وعدتُ أمتلىء أملا وحلماً جديداً ..
أن تحمل أيامي القادمة البعض منه ..
لا أقول الكثير ..
لأنني أكتفي دائما بالقليل
كما أكتفي ..
بذرة سكر في فنجان الشاي.


إرسال تعليق

0 تعليقات