ابراهيم الدهش
آه آه يا فلسطين لو تعلمي كم احبك !! قد يتفاجئ القارئ عندما أتحدث بهذه الطريقة والأسلوب وخاصة عندما يكون الحديث عن المكان الذي عرج منه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماء ، تلك البقعة الطاهرة التي تسمى بيت المقدس ، تلك الرئة التي يتنفس من خلالها العرب وذاك القلب النابض ، نعمة من نعم الله التي وهبها لنا ، وكنز من الجواهر واللألئ ، خيرات لا تعد و تحصى لا يعلمها إلا من تذوقها بنكهة زيتونها ، ورغم مكانتها وما تمتلك من خيرات فإنها تئن منذ عقود من الزمن وتحديدا من عام 1918 حتى عام 1948 حيث الجرح العميق ونزيفها المستمر ، فقد حيكت اكبر مؤامرة وابشع جريمة عرفها التاريخ بعد القتل والسلب والتهجير والجرف من اجل إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين لأجل إعطاء أرض بلا شعب إلى شعب بلا أرض وعرض ، وكانت النتيجة تهجير أكثر من مليون فلسطيني ، رجال اصلاء وشجعان من القدس وحيفا ويافا وعكا وصفد وتل الربيع والمجدل وبئر السبع وبيت جبرين ، وتركوا ما تركوه من خيرات ونعم ، نعمة حقول البرتقال وأشجار الزيتون وكروم العنب وسهول القمح والبلوط والصنوبر وغيرها ، ومنذ تلك الأيام الظلماء والى يومنا هذا والقضية الفلسطينية تشغل فكر جميع شعوب العالم بكافة تفاصيلها واحداثها ، فمنهم من يتعاطف ويرأف بحال الشعب الفلسطيني والبعض من يوجه اتهامه ويوعز سبب تعكر الأجواء الفلسطينية وعمليات التهجير وعزل غزة عن الضفة الغربية ، إلى عدة اقطاب لهم تأثير مباشر على المشهد السياسي والعسكري في فلسطين ، والمخاوف تأخذنا من تسرب هذه المفاهيم و التيارات على حساب الهوية الفلسطينية وعنوانها الحقيقي ومحو القيم والمبادئ التي نشأ عليها المواطن الفلسطيني .
أن الأحداث التي تمر بها فلسطين وتعيشها الان، لم تأتِ بصورة عشوائية وانما بتخطيط ممنهج وبتدخل أيادٍ خبيثة لعينة من الخارج أثرت تأثيرا مباشرا حتى على سياسة الحكومة الفلسطينية من الداخل وخاصة في ملف المفاوضات وإقامة الدولة المستقلة والاستيطان والقدس واللاجئين والأسرى ، مع المحاولة إلى إلغاء صلاحية الحكومة والتمتع بسيادتها ومركزيتها ، وقطب الرحى في الأزمات هي إسرائيل الجرباء
فقد سعت إسرائيل منذ البداية بتوجيه وتخطيط امريكي لتجزئة وتقسيم دولة فلسطين وتحقيق مآربهم الدنيئة ، فكانت غزة هنا والضفة الغربية هناك ولكل منهم أجندته الخاصة وسياسية في التعامل والتصرف ..
إن الأحداث والأزمات التي مرت على البلدان العربية و الثورات والانتفاضات صدقاً كانت ام كذباً هدفها الأساسي تهميش وتغييب القضية الفلسطينية عن عيون العرب وذلك بانشغالهم في امورهم الداخلية والتدخلات الخارجية الخاصة بكل بلد إضافة إلى القتل والإرهاب ، كما تعرض وطننا العربي إلى ابشع الغزوات بما فيه الغزو الفكري الذي جعل إسرائيل تنفرد بفلسطين إضافة إلى مآربهم الأخرى ، فقد مزقت القدس إلى أشلاء وامتلأت (الضفة الغربية) بالمستوطنات التي حطمت على بواباتها حلم إقامة الدولة الفلسطينية واصبح مستقبل فلسطين مجهولا ، وتلاشت الشعارات ، من البحر إلى النهر أو من سيناء إلى الجولان ، وتبقى فلسطين هوية وطنية مغروسة في قلوب رجالها الأوفياء ، فهي عماد عزتهم أمام شموخ القدس .
إننا اليوم نوجه دعوتنا إلى الشعب الفلسطيني في إعادة ترتيب بيتهم الداخلي والالتفاف حول قضيتهم الجوهرية القضية الفلسطينية وكذلك ندعو إلى وحدة صفوفهم المسلحة والثبات في موقفهم وانهاء كل الانقسامات ، والنظر إلى فلسطين كوطن واحد دون مسميات غزة والضفة الغربية والوقوف ضد الفساد والمطالبة بحق الشعب الفلسطيني في كافة المحافل الدولية وبطرق أكثر فاعلية.
وهذا لا يتم إلا من خلال وضع رؤية استراتيجيّة وطنية شاملة على شكل خارطة طريق يشترك في إعدادها كافة الأطياف السياسية الفلسطينية دون استثناء، والاستفادة من التجارب والأخطاء السابقة في مسار القضية الفلسطينية، ومن ثم تفعيل الدبلوماسية الفلسطينية الخارجية عربياً واقليمياً ودولياً، واستثمار كافة القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية والبناء عليها وخصوصا القرارات الدولية التي تمس فلسطين ..
نحن اليوم في أمس الحاجة إلى تظافر جميع الجهود بما فيها المنظمات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية وكذلك تنشيط وتحفيز الدور الإعلامي لكي يأخذ مساحته الكافية وكذلك دور رجال الدين في التوعية والإرشاد والمواعظ ودعوتهم إلى نصرة قضيتهم وقضية العرب جميعا وكيفية الحفاظ على فلسطين وتحريرها من الطواغيت
0 تعليقات