بقلم / سارة السهيل
يولد الطفل صفحة بيضاء نقية ذكية على الفطرة، ولكنها سرعان ما تتلوث خاصة في زماننا نتيجة اهمال الاسرة في تنشئة الصغار على القيم الاخلاقية والدينية، مما تتسبب في ضياع براءة الاطفال وطهارتهم، بل انهم تحولوا مع مرور بضعة سنوات الى مجرمين يهددون سلامة المجتمع وأمنه واستقراره.
فكما تشير العديد من الدراسات في العالم شرقا وغربا، فان معظم جرائم الاغتصاب يرتكبها أطفال عمرهم لا يتجاوز 17 عاماً، ناهيك عن جرائم سرقة السيارات وخطف حقائب السيدات بل وقتلهم.
فأطفال اليوم يتسربون من المدارس ويجلسون على المقاهي ويشاهدون الافلام الغير اخلاقية والعنف والجريمة ويدخنون، بل وبعضهم يتعاطى المخدرات في سن صغيرة وقد يتحول البعض منهم للاتجار في المخدرات، ناهيك استغلال الجماعات المتطرفة كداعش وغيرها للاطفال في أعمالهم الاجرامية لهدم الدول العربية.
فجرائم الاطفال هي القضية الرئيسية التي يجب ان ينتبه اليها المجتمع العربي كله لان الاطفال هم المستقبل، فكيف يصنعون مستقبل اوطانهم في ظل انحرافهم السلوكي المبكر، والذي يتجاوز سقف الخطأ الى الجريمة الفاحشة والنكراء؟!
ولاشك ان الأسرة هى المسئولة مسئولية مباشرة عن تنامي ظاهرة جرائم الاطفال، لانها انشغلت عن رعاية الصغار وحمايتهم من شرور الخلق، فالام قد تنشغل بعملها او صديقاتها او متابعة الفيس بوك عن مراقبة سلوك طفلها وتوجيهه وتتركها فريسة لمتابعة الافلام والمواقع المخلة، وقد تتركه يلهو من قرنائه دونما مراقبة.
كذلك قد ينشغل الاب بعمله بشكل مفرط يستنفذ معه وقته ويومه دون ان يجد وقتا للقيام بدوره الرئيسي في الاسرة كربان للسفينة المسئول عن حمايتها من الغرق، ناهيك عن الاباء الذين ينشغلون بالعلاقات النسائية خارج مؤسسة الاسرة، والاخرين الذين يتخلون عن دورهم كاملا عندما يطلقون زوجاتهم فتنهار المؤسسة الاسرية.
والنتيجة اننا بتنا نرى الاطفال أكبر من سنهم نتيجة ما تشربوه مبكرا من سلوكيات منحرفة اخلاقيا وروحيا، وبعضهم يعرفون ويفهون امورا لا افهمها انا، وهذا ناتج اما عن الفقر المدقع الذي جعلهم عرضه للشارع والتجارب القاسية وحملهم الهم والمرمطة فكبروا قبل أوانهم، أو انهم ينتمون لطبقة المترفين من حديثي النعمه الذين تركوا اطفالهم دون رقابه فكبروا قبل اوانهم واصبحوا يجالسون الكبار او يفعلون مثل الكبار الفاسدين من خمر ومخدرات وعلاقات مع الجنس الاخر محرمة.
كذلك التفسخ الاسري بانفصال الابوين وما يترتب عليه من تعرض الطفل لصدمات نفسية تكسر ثقته بنفسه، فينضم الى مجموعة تعيد له ثقته بنفسه مما قد يدفعه الى الانحراف السلوكي ليثبت لنفسه وللاخرين انه اقوى من الانكسار الداخلي الذي يعيشه، وهذا ما يدفعه إلى تكوين خبرة سلوكية مما يتعرض له يومياً، وعندما يتقدم فى العمر، يتحول بسهولة إلى مجرم معتاد الإجرام نظراً لخبراته السابقة، بحسب ما يؤكه خبراء علم النفس.
فالخبرات المؤلمة تنتج عن الحرمان العاطفى الذى يصدم الطفل، عبر سوء معاملة الأهل أو الحرمان من أحد الأبوين، يجعله يميل إلى محاولة تعويض هذه الحالة من خلال السيطرة أو ارتكاب الجرائم.
وأظن اننا قبل ان نطالب الاطفال بتعديل سلوكهم عبر مؤسسات، فان الاباء بالضرورة هم الاكثر مطالبة بتعديل سلوكهم هم اولا، لان الاطفال يقلدون ابائهم، على ذلك فانه كلما كان الاباء قدوة طيبة، فلن يكتسب الطفل سلوكيات عنيفة. عليهم مسئولية كبيرة فى تكوين سلوكيات الأبناء.
وبالاخير سواء هذا النوع او ذلك السبب هو اهمال الاهل وتعريض اطفالهم للتربية السيئة التي تتحول الى وبال على المجتمع بأسره.
فكم من الجرائم الشنيعة التي ارتكبها الاطفال والاحداث دون تعرضهم للعقاب القانوني والمحاسبة بدعوي انهم دون سن ال 18 وذلك وفقا للقوانين الوطنية والمستقاة من وثيقة حقوق الطفل العالمية، ولكني أرى ضرورة من تعديل القوانين الوطنية في اوطاننا العربية حماية للارواح البريئة التي تزهق او التي تغتصب وتقتل وتسرق وتتعرض للتعذيب على أيدي المتوحشين من الاحداث بعد تسرب الاجرام الى نفوسهم.
وانني أدعو المؤسسات التشريعة والقانونية في بلادنا العربية الى الاسراع في تعديل سن الحدث الخاص بالمسئولية الجنائية عن الجرائم التي يرتكبها أطفال تحت سن الثامنة عشرة، ويهربون من العقاب الجنائى، وعندما يحاسب الاحداث جنائيا على جرائمهم البشعة فان ذلك يمثل ردعا للأسر ويدفعم الى اعادة تربية ابنائهم على قيم الاخلاق والفضيلة.
ولايمكن ايضا اعفاء الاسرة من المسئولية الجنائية عن الجرائم التي يرتكبها ابنائهم الصغار، بل هم مسئولون ومشاركون في هذه الجرائم بسبب تخليهم عن تربية ابنائهم وحمايتهم من الانحراف السلوكي والاخلاقي ومن ثم يجب محاسبة الاهل عن الجرائم محاسبة قانونية بحيث يتم حبس الاهل بدلا من الصغار، وهو ما يتطلب ثورة تشريعة وقانونية لتعديل القوانين الخاصة بالمسئولية الجنائية للاحداث الاقل من 14 عاما بحيث توقع العقوبة بالاب الذي اهمل تربية صغاره.
وللأسف، فان بعض الاسر قد تحرض صغارها على ارتكاب الجرائم من سرقة واعتداء جسدي بل وقتل حتى يفلتوا هم من العقاب الجنائي، من هنا فان الحاجة الى تعديل القوانين الجنائية للصغار والاحداث وذويهم سيردع الكبار المجرمين عّن دس الاطفال بجرائمهم حتى لا يتم معاقبة أحد.
وينسحب ذلك أيضا التنظيمات الارهابية كداعش وخلافها التي دست الاطفال لنفس الغرض وضيعت مستقبلهم وهددت امن المجتمعات، وهو ما انتبهت اليه بعض الدول العربية مؤخرا مثل مصر التي تعد مشروع قانون منذ العام الماضي 2019 لتعديل المادة 111 من قانون الطفل ليتضمن تغليظ العقوبة على الجرائم التى يرتكبها الطفل الذي يتجاوز عمره 15 عاما، حيث ينص التعديل على أنه إذا ارتكب الطفل الذي تجاوز سنه خمسة عشرة سنة، جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد حكم عليه بالسجن مدة لا تزيد عن 25 سنة، وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن المشدد يحكم عليه بالسجن مدة لا تقل عن عشرين سنة، وإذا كانت الجريمة عقوبتها الحبس يحكم عليه بالحبس مدة لا تقل عن سنة
فأرجو من دولنا العربية كافة و خاصة التي تكثر بها الجرائم و تحديدا مما يرتكبها الاحداث من تعديل القانون لضمان ردع المجرم الحدث واهله بسجنه او عقابه هو ان كان فوق ١٤ سنه و سجن اهله و معاقبتهم استنادا على التحريض او سوء التربية و الاهمال و هذا نداء الى مشرعي القوانين في العراق و الاردن و مصر و لبنان و السعودية والمغرب كافة الدول العربية حرصا على ام و سلامة الافراد فمن أمن العقاب اساء الادب خاصة و ان الطفل في هذا الزمن لم يعد طفلا في ضل انفتاحه و انكشافه على كافة الامور
و قد كنّت محتارة جدا قبل كتابة هذا المقال كيف اوزن دفاعي عّن حقوق الطفل و حسن تربيته و ارشاده و التسامح في تقويمه و بين القسوى في العقاب الذي انادي به هنا فوجدت ان لكل حالة من الحالات وضعها الخاص الذي يمكن للقاضي بالتعاون مع الاطباء النفسيين و المرشدين التربوين الحكم على الحالة بالاصلاح و العقاب
0 تعليقات