البعد الاقتصادي في سياسة تركيا المائية

مشاهدات


 


د.قيس حمادي العبيدي
باحث وكاتب وأكاديمي


إن المياه بدأت تتحول إلى عنصر ضروري وكسلعة مميزه فضلا عن ذلك أصبحت رمزا للمكانة السياسية لتركيا،في منطقة الشرق الاوسط،ومستقبلا من المتوقع أن تصبح هدفا للتنافس بين الدول، وهذا ما أدركته تركيا من وقت بعيد، لأنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك وفرة من المياه والتي يسهل الوصول إليها سواء بسعيها للعب دورا فعالا في النظام الإقليمي الجديد،ومما لاشك فيه أن العامل الاقتصادي يلعب دورا رئيسا في تحديد قوة ومكانة الدولة،ويشكل الركيزة الأساسية لرسم سياستها الداخلية والخارجية،ناهيك عن توافر جوانب القوة الجيبولوتيكية في الاقتصاد التركي،والذي منحته ذلك عدة اعتبارات، منها ارتفاع معدلات نمو الناتج القومي،وتطور القطاع الصناعي،وتوافر الإمكانات الزراعية فضلا عن تنامي عائدات قطاع السياحة، إلا أن نقاط الضعف في الاقتصاد التركي، نابعة من مشكلات عدة ومنها،أزمة الطاقة وعدم استقرار سوق العمل وتبعية الإقتصاد التركي للخارج، إضافة عن عدم فاعلية القطاع العام في الحياة الاقتصادية،وكذلك ارتفاع معدلات الإنفاق العسكري، يضاف إلى ذلك تنامي ظاهرة التضخم والعجز في الميزان التجاري للاقتصاد التركي، فقد سعت في العقدين الأخيرين من القرن العشرين بالانفتاح للنظام الاقتصادي العالمي، وأطلقت حركة السوق وحررت التجارة الخارجية وبات موضوع التصنيع  جزءا من منظور التحول الاستراتيجي في نظرية الحكومة التركية، كما أن تركيا تصف مشروع جنوب شرق الأناضول( الغاب)، بأنه اكبر مشروع تنموي متعدد الأغراض في العصر الحديث،  وتتلخص الرؤية التركية بأنه مشروع اقتصادي تنموي يؤمل منه أن يساهم في تغيير كل المظاهر الاقتصادية في جنوب شرق الأناضول فضلا عن أهدافه الأمنية والاجتماعية،وتكمن أهمية البعد الاقتصادي لمشروع( الغاب)، بأنه يوازن بين جميع مشاريع التنمية الاقتصادية محليا واقليميا،وأن نتائج المشروع الضخمة هي التي أعطته قيمته ومكانته الحقيقية والإمكانات الزراعية والصناعية ستزيد من الناتج الاقتصادي المنطقة بمعدل ٤،٥% وتوفير فرص عمل بنحو ٣،٨ مليون عامل،ومما تقدم فإن بناء علاقات اقتصادية وفنية بين دول حوضي دجلة والفرات هو عمل جيواقتصادي الجيوسياسي على درجة كبيرة من الأهمية و يحتاج إلى تخطيط مسبق ودقيق للإحاطة الشاملة بكل الجوانب والمصالح الاقليمية٠ اتساقا مع ما تقدم نرى ضرورة عقد مؤتمر اقتصادي للدول الثلاث سوريا وتركيا والعراق للتفاهم على آفاق التعاون الاقتصادي والتقني وعلى وفق نظام الاسبقيات وعلى أساس التعامل بالمثل وتشجيع التجارة البينية بين الدول الثلاث والسعي لربط شبكات الطرق والسكك الحديد والتي تسهل عمليات نقل البضائع بينهم،مع العمل على إذكاء الاستثمار في مجال النفط والغاز المصاحب أو الاستخراج وتطوير الآبار النفطية ومشاريع الطاقة الكهربائية،وكذلك مشاريع الري والسدود واستصلاح الأراضي الزراعية وإعطاء حقوق استثمار المعادن ولآجال محددة فضلا عن مشاريع البتروكيماويات وإنشاء المصافي  النفطية.

إرسال تعليق

0 تعليقات