قراءة في كتاب على مقهى الأربعين لمحمد فتحي عبد العال

مشاهدات


 

مي رضوان السلوم - كاتبة سورية

على مقهى الأربعين كتاب استوقفني  عنوانه في البداية فالاربعين سن الرشاد والنضوج والوعي الكامل لدى الإنسان وكأن الكاتب الدكتور محمد فتحي عبد العال يلوح لنا  أن  نتمعن بقراءة رسالة مفادها انتبه أيها القارئ فما كتبته هو خلاصة تجربتي بالحياة تعال وارجع البصر متأملا  لحقيقة بعض المشكلات التي تحاصرنا اجتماعيا ومهنيا  واستمع  لما تمنيت أن تتجه الحلول حتى تهدأ العواصف من حول سفينة الحياة  وجاء الرجاء  بأن يأخذ    الجيل القادم بزمام الأمور وأن يتخطى المشكلات المتوارثة جيلا بعد جيل  كي لا يكرر ما  كررناه نحن عن أسلافنا وندور في حلقات مفرغة  ..
تضمن الكتاب مجموعة من المقالات التي سلطت الضوء على المشاكل الاجتماعية والمهنية بدقائق تفاصيلها ووجهة نظر الدكتور عبدالعال لحلها ، فتحدث مثلا عن مشاكل النقد الأدبي في عالمنا العربي الذي رأى الكاتب انه لايمت للشفافية بصلة رغم أهميته الكبيرة  وإنما أضحى سبيلا للتقارب و المجاملات لنيل منفعة معينة او النقد على استحياء من صاحب العمل الأدبي لا مسارا للإصلاح و أسلوبا لتفادي الاخطاء .
وتابع الكاتب حديثه عن مستقبل الكتاب الورقي وقارنه بالكتاب الإلكتروني مبرزا ايجابيات وسلبيات كل منهما إلا أنني ورغم أهمية الكتاب الالكتروني أجد نفسي من مناصري  الكتاب الورقي فهو أنيس وحدتي وصديق غربتي الوفي كما أن رائحة أوراقه وملمسها يعانق بنفسي أحاسيس ذات طابع خاص فريد  .
ويحرك الكاتب المياه الراكدة بمقالة تحمل شيئا من السخرية على حالة الغرور التي انتابت بعض المثقفين الذين تعالوا عن أمور رغم بساطتها إلا أن لها أهمية طاغية فلا يجوز للإنسان مهما حصل من العلوم أن يدعي أنه حصيف بكل شيء وأي مسألة وضرب  مثالا على ذلك بحديثه عن الذبابة مقتبسا من هدي النبوة عنها وعن حد السرقة .
وتابع حديثه عن المنظومات الصحية وما تعانيه من مشاكل واستغلال لحاجة المريض وذويه وأزمات الصيادلة وما للجهات الرسمية من تأثير لاتخاذ الحلول المناسبة .
وعاد الكاتب وتحدث عن أزمة كبيرة يمر بها الأدب بالسماح لبعض الكتاب باستخدام ألفاظ لا تستقيم مع الأدب والدعوة لقيم لا أخلاقية والمناداة   بالمثلية والتطبيع متناسين ما لهذا من أثر بالغ في نفوس الأجيال القادمة ومساوئ مثل هذه الدعوات الرامية إلى التفلت والضياع بأفكار مغلوطة فقط لنيل شهرة واهية أو مكسب مادي زائل كما تطرق الكاتب في  حديثه إلى وسائل التواصل الإجتماعي التي أصبحت عند البعض ساحات لتصفية الحسابات من التشهير بأصحابها وتهكير حساباتهم والاعتداء على خصوصياتهم لنشر المفاسد وعورات المجتمع دون أدنى اعتبار للأثر السلبي على حياة الأفرادوبنيةالمجتمعات.
تحدث الكاتب أيضا عن القيم الاخلاقية التي ينبغي وأن تسود  وعن أمانة القلم وعن اللغة العربية وضرورة تحديث بنيتها النحوية ومفرداتها وأشار إلى مسألة مهمة وهي ضرورة جمع الكاتب وحفظه لتراث أعماله في حياته وليس تركها لمن بعده فلن يعتني بتراثه سواه ذاكرا أمثلة قاسية من محيط الحياة لضياع أعمال كتاب وأكاديميين على أرصفة الشوارع وبين محال باعة الكتب القديمة وهي مسألة أجدها جد خطيرة ...
موضوعات  الكتاب بدون شك شيقة وتعبر عن عمق رؤية الكاتب للمشكلات المطروحة أسبابا وحلولا ولكن استوقفتني فكرة الكاتب  عن التعدد واعتباره حلا مجتمعيا لا إحدى مشاكله والحقيقة وإن بدت الفكرة مثالية في قدرة الرجل السوي على تحقيق العدل بين زوجاته إلا أنها تتنافى مع ما نشاهده على أرض الواقع من مشكلات   فالرجل السوي  القادر على العدل والمرأة التي تتمتع بالاتزان والامانة نادرين لأن النفوس طبعها الأذى والقلوب تميل ولو حاولت أن تظهر  العدل على خلاف بواطنها ..لذا أجد أن فكرة التعدد هي مشكلة المشاكل ومنبت الصراع والتفكك الأسري وإجحاف بحق المرأة وسلب لأبسط حقوقها فكما منحت حياتها لرجل واحد فهي بالمقابل بحاجة لرد هذا الصنيع باالاستئثار بزوجها ..
اعتبر هذا الكتاب إضافة للمكتبة العربية فقد سلط الضوء  على بعض  المشكلات أجدها جديدة ولم يتطرق لها أحد من قبل في حدود قراءاتي  المتواضعة كما أرفقها بحلول من وجهة نظره غير تقليدية ويمكن  للجيل القادم الأخذ بها لوضع حد لمشكلات تغولت لسنوات عدة من أجل الوصول الى المجتمع المثالي الذي ننشده جميعا وهيهات أن نبلغه .






















إرسال تعليق

0 تعليقات