المجموعة القصصية (حكاياتي ) للأطفال

مشاهدات


 
 

 بقلم الأستاذة ضحى جهاد أحمد و د.محمد فتحي عبد العال

القصة الأولى

شفاء
كان عم جهاد يملم مزرعة كبيرة  بجانب منزله وفيها منحل كبير تحيط به أسلاك  وكانت ضحى وأحمد  يمران بها كل صباح وهما في طريقهما إلى المدرسة فدفع الفضول يوما ضحى أن تطلب من عم جهاد في يوم العطلة أن يصطحبها  وأخيها في جولة داخل مزرعته لمشاهدة النحل فوافق مرحبا  ..
فلما كان الموعد دخلت ضحى وأحمد إلى المزرعة فيما كان عم جهاد يرتدي بذة خاصة للعمل في  المنحل بيضاء اللون وعلى وجهه قناع واقي فلما شاهدهما عم جهاد خرج يحدثهما ببشاشة..
سألت ضحى : ما هو النحل يا عم ولماذا تربيه في هذا المكان ؟
قال عم جهاد : إنها حشرة يا ضحى بمقام مهندس معماري بارع لا يخطىء قط فهي تتغذى  على رحيق الأزهار الذي تجمعه بهمة ونشاط ومثابرة و تحصل منه على الطاقة فيما تحصل على  البروتين والمغذيات الأخرى  من حبوب اللقاح  ثم تصنع لنا العسل الصافي في النهاية الذي قال الله عنه في كتابه الحكيم : (ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (النحل:69))
كما تصنع مادة الشمع أيضا والتي تستخدمها في بناء بيوتها على شكل هندسي سدادسي معجز  ..
قالت ضحى: ولماذا الشكل السداسي يا عم؟
قال عم جهاد : سؤالك رائع يا ضحى..ذلك أن النحل يمضي رحلة شاقة في التحليق بين الأزهار فيحتاج لمساحة تخزينية أكبر للعسل وللرحيق وبأقل كمية شمع ممكنة مع تقليل المساحات الفارغة إلى أقل حد وهو ما يتوفر في الشكل السداسي..
 
قال أحمد : لقد شاهدت أبي وهو طبيب  يا عم جهاد يكتب لمرضاه مستحضرات من العسل لعلاجهم..
قال عم جهاد : بوركتما يا أحمد ويا ضحى وبورك والدكما ..نعم يستخدم الشمع والهلام الملكي والعِكْبِر أو صمغ النحل وكلها من هذا الصنع المبارك في علاج الكثير من الأمراض .
شكرت  ضحى و أحمد عم جهاد على هذه الرحلة والمعلومات القيمة ..

القصة الثانية
الجارتان
في مدينة جميلة وكبيرة، تجاورت عجوز طيبة حكيمة مع صبية قدِمت حديثاً إلى المدينة وكانت تلك الفتاة عصبية جداً.و
بيت العجوز كببر  وحديقته مليئة بالأزهار الملونة.
تعتني بها وتسقيها فتسرّ الناظرين.
أبناء هذه السيدة الطيبة كثر، وجوههم جميلة وأصواتهم عذبة، لكن مع الوقت كثرت مشاغلهم وبدأت زياراتهم تقلّ وتتباعد، مما سمح للجارة الصبية أن تتجاوز على حديقة أمهم وتضم بعضاً منها إلى حديقتها.
وعندما تكرر الأمر كثيراً، قررت العجوز الحكيمة وتدعى (اللغة الفصحى) أن تزور الجارة الصبية التي تدعى (اللغة العامية)
وتنبهها إلى ضرورة الإلتزام بالقوانين واحترام حقوق الجار فالرسول عليه الصلاة والسلام أوصى بالجار وأكدّ على حسن معاملته، فكان يلقي التحية على كبيرهم وصغيرهم، يطمئن عليهم ويزورهم في أفراحهم ويواسيهم في أحزانهم، إنه قدوتنا الحسنة في صباح اليوم التالي زارت العجوز الحكيمة جارتها وقالت لها :السلام عليك يا بنيتي.. سأخبرك عني وعن جذري،
بنيتي أن أصل اللغة وأمّ كل اللهجات، أولادي كثر هم (المفردات) تحت جناحي يزهر الشعر ويتألق النثر.. أنا حافظة لتاريخ الأجداد وحضارتهم، رغم حروفي القلية إلى أنني أكثر اللغات جاذبية، اعظم لغات العالم تعبيرا.
هل من لغة صوت كلماتها يدل عليها مثلي؟
استغربت الجارة الصبية وقالت  :- ماذا تقصدين؟
ردت الحكيمة : - من الممكن أن يُفهم معنى الكلمة بشكل عام او دقيق من خلال الصوت مثل (رقراق، هدير، فحيح... الخ)
ردت الصبية بعصبية : - لكن الناس تحبني أكثر، فأنا سهلة وأقرب إلى القلوب، أنا لغة الشارع والمقهى.. يفهمني الكبار والصغار، لغة الاغنيات
السهلة والكلام الخفيف.
ردت الحكيمة بهدوء : - لكني هوية أبنائي ولسان يجمعهم، ترى إن تحدث أهل المغرب بلغتهم هل سيفهمهم أهل الشام؟
بنيتي رغم سنواتي الكثيرة وعمري المديد مازلت ثابتة قوية، جذوري ضاربة في الأرض فروعي تعانق السماء.
وارفة الظلال واسعة المدى.
يكفيني عزّة أن أكون لغة القرآن الكريم والرسول الأعظم لسانه عربي..
أنا لغة الضاد، جامعة لك أنت وإخوتك اللهجات..
بنيتي أنا أمك وعقوق الأمهات لا يجوز...
أنا أحبك.. فتعالي إليّ.
حينها خجلت اللغة العامية واعتذرت لأمها الطيبة وأعادت الحقوق إلى أصحابها.

القصة الثالثة
مدينة الأسنان
روان فتاة صغيرة تسكن في بيت ريفي جميل
وهي محظوظة جدا لأن لديها صديقة مميزة جدا عصفورة ملونة تمتلك قوة سحرية، تسكن على الشجرة المطلة لنافذتها.
وفي أحد الأيام كانت روان تشعر بالملل، فطلبت من صديقتها العصفورة أن تصطحبها في رحلة.
وافقت العصفورة وبقواها السحرية حولت روان لعصفورة صغيرة.
طارتا معا إلى ان وصلتا إلى مدينة بدت بيوتها ملوثة ببقع بنية وفيها حفر كثيرة تفوح منها روائح عفنة، بعض البيوت بدأت تهتز وربما ستنهار قريبا.
قالت روان : - ماهذه المدينة.. لماذا تبدو متسخة..
أجابت العصفورة :  - إنها أسنان فتاة كسولة لا تعتني بنطافة فمها..
قالت روان : - أرجوكِ لنبتعد إلى مكان آخر...
طارتا إلى أن وصلتا إلى مدينة بيضاء البيوت.. منظمة جدا.. البيوت الصغيرة من الأمام ثم الأكبر فالأكبر.. الروائح الزكية تملأ الأرجاء.
أبدت روان سعادتها وسألت عن اسمها.
قالت العصفورة : - إنها مدينة الأسنان الصحية.
فرحت روان وقالت : - أريد أن تكون أسناني كهذه..
قالت العصفورة :- إذاً عليك بالمواظبة على تنظيف أسنانك، ولابد من الزيارة الدورية لطبيب الأسنان كل ستة أشهر لتبقى أسناننا سليمة وابتسامتنا جميلة

القصة الرابعة
جولة في حديقة الحيوانات
كان المعلم انسي مدرس العلوم بالمدرسة هو المشرف على تنظيم الرحلات العلمية بالمدرسة ولأنه كان شغوفا بالعلوم فقد تسلل هذا الحب إلى تلاميذه الذين كانوا يحبون الرحلات التي يشرف عليها ..
كانت إحدى الرحلات إلى حديقة الحيوان  ...
دخل الطلاب الحديقة فرحين بصحبة أستاذهم وما أن شاهدوا الأسد في قفصه حتى صاحوا: الأسد ملك الغابة !!
قال الأستاذ انسي :وهل الأسد حقا ملك الغابة ؟
قال الطلاب : هكذا سمعنا من الحكايات
قال الأستاذ انسي: لكن الواقع يخالف هذا يا أبنائي ؟
قال الطلاب في دهشة: كيف يا أستاذنا؟
قال الأستاذ انسي : فالأسد لا يعيش في الغابات كثيرة الأشجار من الأساس بل موطنه هو السهول والأراضي  المكسوة بالحشائش والأشجار القصيرة، وغابات السافانا، والمرتفعات الصخرية الوعرة ..هو بلا شك ملك الحيوانات المفترسة ولكن ليس بالمعنى الحرفي للكلمة فلا يوجد في عالم الحيوانات ملوك وتنظيم إداري كما تدعي الحكايات الطريفة ..
انطلق  الطلاب بعد ذلك إلى أحواض الأسماك البديعة وهنا قال حسام لأخيه ممدوح  مازحا  : ذاكرتنا كذاكرة السمك ثلاث ثوان فقط لقد نسينا  أن نحضر  كاميرا والدنا لالتقاط الصور .
قال الأستاذ انسي : هذا خطأ كبير يا حسام أنت وممدوح فلقد أثبتت الدراسات الحديثة أن القدرات المعرفية والعقلية للأسماك ملحوظة ومتطورة إلى حد كبير ولا تقل عن الثدييات والطيور والقوارض وأن لها القدرة على استرجاع التفاصيل واختزان الذكريات لامتلاكها "خلايا لتحديد المكان" في منطقة من أدمغتها أشبه بمنطقة الحصين لدى الإنسان   كما أن لها القدرة على تمييز الأوجه والخروج من المتاهات والهروب وعلى إدراك الحيز أو المكان وتقدير العمق والمهارة في الصيد ..
بعد ذلك كانت جولة الطلاب مع أستاذهم بين الطيور فإذا بالخفاش يحلق بجناحيه فقال ماهر : إنه طائر الخفاش يحلق ولا يرانا مسكين فهو لا يرى إلا بأذنيه ؟
قال الأستاذ أنسى: وهذا خطأ أيضا يا ماهر فالخفاش ليس من الطيور بل من الثدييات علاوة على أن بعض الخفافيش كخفاش الفاكهة له بصر حاد ..إذن الخفاش يرى ويرى جيدا أما ما اشتهر عنه من قدرته على تحديد الموقع بالصدى أثناء الظلام وداخل الكهوف المظلمة فهذا جزء من قدرته على اقتناص الحشرات...
وبينما الطلاب يمرون بين مزارع النعام ذات الأقدام الطويلة صاح مسعد : لقد كان أبي دائما يوصيني أن أواجه مشاكلي دائما دون خوف وألا أخفي رأسي في الرمال مثل النعام
قال الأستاذ أنسي : لقد أصاب والدك يا بني في الوصية لكن لم يصب في التشبيه .
قال مسعد :كيف يا أستاذ ؟
قال الأستاذ أنسي : لأن النعام لا يخفي رأسه في الرمال خوفا أو جبنا أو عجزا من مواجهة مشاكله بل العكس هو الصحيح  فالنعامة ضعيفة الابصار لكن حباها الله بقدرة على التنصت على وقع أقدام الحيوانات المفترسة المتربصة بها عبر دس رأسها في الرمال  وتتبع الذبذبات المصاحبة لخطى الحيوانات المفترسة وتحديد اتجاهها   فقد خبرت أن انتقال الصوت في المواد الصلبة أسرع بكثير من انتقاله في الهواء.
انتهت جولة الطلبة مع استاذهم بالحديقة وفي النهاية شكروه على هذا الكنز من المعلومات الذي حظوا به ..


إرسال تعليق

0 تعليقات