بصمات عراقية في ملعب الوكرة

مشاهدات


 

سمير داود حنوش



ربما سيُسجّل تاريخ الرياضة عن دورة كأس العالم التي تجري فعالياتها في دولة قطر للعام 2022 حضوراً عراقياً لم يَغِبْ عن ذلك المحفل الدولي تَمثّل في تلك البصمات التي لاتُخفى آثارها كان عنوانها الأول ملعب الوكرة في قطر الذي صُمّم على شكل لؤلؤة في قلب صَدفة المُستوحاة من التارخ البحري لمدينة الوكرة التي يرتبط سُكّانها بالبحر عن طريق الصيد أو إستخراج اللؤلؤ وهو من أعمال المُهندسة المعمارية الراحلة زُها حديد، فيما كانت عناوين المُبدعين العراقيين الآخرين تتجسّد في قميص المُنتخب القطري الذي صمّمه العراقي حمادة الداوودي، وذلك النُصُب الشاخص في قطر ضمن تحضيرات البطولة من تصميم النحات العراقي أحمد البحراني، لِتكون خاتمة الإبداع العراقي أغنية للفنانة رحمة رياض بأداء غنائي في البطولة.
ذلك الإبداع والوهج العراقي الذي طرده الدُخلاء على الوطن بعد أن إستوطن أولئك الغُرباء فيه، ذلك التفنُن في معالم الثقافة والحضارة والنبوغ الفكري والإبداع الذي كان من المُفترض أن يربو ويترعرع في أرضه ويُساهم في تطوير معالمه وبُنيته التحتية.
لايستحي من يُمسك بِزمام السُلطة في العراق أو يشعر بالحُزن أو حتى يخجل من أن يُشير إلى الإنجازات وذلك التطور العُمراني لبُلدان كانت تُصارع في النمو والتطور بالنسبة للعراق، بينما لازال البلد الذي يحتضن القصر الفاره الذي يسكن فيه يفتقر إلى الماء الصالح للشرب والكهرباء.
لايخجل المسؤول وهو يُشاهد الإنفجار العُمراني وحركة التطور لبُلدان كانت بالأمس القريب أراضٍ قاحلة لايوجد فيها غير العُشب والرمل حين أعلنت الحرب على نُقاط ضَعفها في إنطلاق البداية التي كانت مسيرتها الآف الاميال.
التاريخ لاينسى مقولة الراحل الشيخ زايد بن سُلطان آل نهيان رئيس دولة الأمارات العربية المتحدة حين قال بأنه سيجعل من الأمارات مثل البصرة بأقل من عشرين عاماً، عندما كانت البصرة زاهية بأشجار النخيل وشط العرب ومُفعمة بالحياة لِتتحّول الأمارات بعشر سنوات وليس بعشرين من الدول المُزدهرة التي تتجه إليها الأنظار بفعل الحِكمة والنزاهة وحُب الوطن، حقاً لقد أصبحت المسافات بين الأمس والحاضر تُقاس بالسنوات الضوئية.
لا أستوعب أو حتى أتخيّل ماذا يقول ذلك المسؤول الدائم التِرحال إلى بُلدان هي أقل مورداً وإقتصاداً من العراق ويُشاهد فيها العمارات الشاهقة ويسمع أصوات المصانع وحركة المعامل وخُضرة الأرض وأديم الحياة، بينما يُمارس سُلطته في بلدٍ منهوب غارق في بئر الفساد والفوضى يحتضر فيه كل شيء وشعب أنهكوه بسرقاتهم وفسادهم وماذا تُحدّثه نفسه الأمّارة بالسوء وهو يرى بُلداناً عامرة بينما يعيش في بلدٍ ليس أكثر من أطلال بِخراب الفساد والفوضى والإهمال.
صَدقتْ عِبارة من جَدّ وَجد فقد وَجد هؤلاء الأشقاء ثمرة نجاحهم وإصرارهم في حصاد زرعهم الذي سَهِروا عليه لينتُج نباتاً مُثمِراً وأشجاراً زاخرة وعامرة تستحق كُل ذلك الإنبهار والإعجاب بهم.
بصمات عراقية في محافل عالمية وأيادِ إبداعٍ كانت يُمكن أن تُسجّل لها أثراً في بلدها المُتعَب الذي لم يبقْ له الساقطون والناهبون شيئاً عندما حولّوه إلى شركة خاسرة تنتظر إعلان إفلاسها.
الكفاءات والخبرات العراقية المُتناثرة والمُتطايرة في أرجاء المعمورة كان يُمكن أن تجتمع في بلدها لتحفر حروف إسمه على الخارطة الجغرافية أو تصنع له كلمات التفوّق بدل أن تُغطّيه غيوم الجهلّة والسُفهاء والأوغاد.
حظاً سعيداً وتوفيقاً أكثر لكل دولة أو شقيق إستفاد من خِبرات العراقيين وعقولهم في تطوير بلده وشعبه فهو في المُحصّلة إنجاز يُحسب للعرب كأُمة، أما أولئك الذين يكرهون الحضارة والثقافة والتطور فحتماً هم ليسوا أُناس أسوياء أو طبيعيين أو حتى من أبناء الوطن الأُصلاء، وفي مُحصّلة النتائج فهم زبدٌ يذهبُ جُفاءاً ليبقى ماينفع الناس.

إرسال تعليق

0 تعليقات