تحية لمن امن ان بغداد جنة عدن

مشاهدات





بقلم اسمهان حطاب العبادي

كتاب جني بغداد
 فرانك لويد رايت
تأليف موفق جواد الطائي
الناشر دار المدى
الطبعة الاولى 2016

ارتبط  اسم فرانك لويد (1867_1959)،بالحركة المعماريةالحديثة  في امريكا منذ نشأتها،ولاحقا على النطاق العالمي كأحد المؤسسين للحداثة مع واولتركروبوس ومس فان دي ولاكوبوزيه،هذه الشخصية المؤثرة والفذة في نشاطها المعماري،لها قصة مع العراق قصة عشق وارتباط فكري وخيال يعود بنا الى احلام الف ليلة وليلة وعندما وار ( رايت)،العراق في الخمسينات ،وهو ابن التسعين وصمم مبنى الاوبرا علىجزيرة ام الخنازير والحق بها تصميم لجامعة بغداد التي صممها لاحقاولتر كروبيوس.

في احدى تصريحات (رايت) اشار الى انه ذاهب لتصميم  دار اوبرا  حيث توجد  جذور الحضارة  وانتقد بشكل لاذع تصرفات  بلدية  نيويورك وعدم اهتمامها  بالذوق  المعماري  الىصين وعدم مراعاتها  الجوانب  الانسانية  في تخطيطها الى جملة من الشوارع ، كان رايت قد رفض  في حينها تصميم اوبرا  مدينة نيويورك  وهو حلم اي معماري بالعالم،واعتذر لانه سوف يصمم دار اوبرا في بغداد،،حينها ظهرت الصحف  الامريكية بالعناوين العريضة  ان الجني قد تلبس المعماري ( فرانك  لو يدرايت)، واخرين اعطوه لقب ( جني بغداد)،اهم تعليق  هو ماذكرته جريدة الواشنطن بوست تحت عنوان  جني في مصباح معماري.
وصل الى بغداد مع زوجته  وصهره وليم  وكا في انتظاره ( نظام اميري)، والمعمار الرائد (نزار جودت  الايوبي)، ونزل في فندق الخيام  مجاور  سينما الخيام،حيث تجول في انحاء بغداد وزار المتحف  والتقى مجلس الاعمار  ثم باجتماع مع مجلس الاعضاء كلف بتصميم البناية المركزية ،للبرق والبريد  في السنك،التقى في بغداد بالمعمار محمد مكية،وجواد سليم،والاثاري طارق مظلوم والفنانة لورنا سليم،نبه المعماري الى ضرورة عدم التمادي  في تقليد العمارة الغربية، اشار الى حاجة بغداد الى قانون للبناء وانتقد ميل العرب الى النزعة المادية التجارية وحذر من الانتباه الى الزيادة في عدد السكان.

اعجب بالمتحف والحضارة السومرية،وكان يرى ان السومريين اثروا بالاغريقين وشاركوهم  حيوية الحضارة العالمية،وكانا مصدر الهام حيوي وقوي .
بين ان ان واقع المبنى  ام يتكون  بسبب الجدران والسقوف بل الفضاء الذي يكون فيه،
وهذا هو حس الحياة  الداخلي واساس العمارة العضوية وهو نوع العمارة الذي تحتاجه العمارة في العراق والاستفادة من الافكار الروحانية العظيمة  في الشرق يقول (رودي  ارد كيلينغ ( الشرق هو الشرق والغرب هو الغرب وابدا لايلتقيان)،  ولابد من الاعتماد على الكينونة والقوة الداخلية والاعتراف بالروح كأساس لجميع اشكال  الحياة الحقيقية،المباني هي تعبير مادي للحياة التي يعيشها،الشعب والعمارة لاينفصلان متلازمان  مع نمو وتطور  العالم معا،يعتقد  ان المادية هي سبب الحرب  وينبغي تجنب الماديةواسناد المستقبل الى الامور الروحية  والتي ينبغي ان تتسم حياتنا بها  وان تسلم لاطفال العراق كتراث  ثمين لابقدر بثمن  من الذكاء  والعزم والشجاعة. كما ينبغي  حين اندفاع المرء الى الحداثة ،ان لايفقد الخلفية الثقافية  الاساسية في الجمال،والتفرد على المعماري  .
حضي ( رايت)،بلقائين مثيرين مع الملك فيصل الثاني الاول للتعرف على بعضهما  واللقاء الاخر للحديث حول الحضارة العراقية ،وكانت ثقافته البصرية متأثرة بالفن الفارسي  واشار باعجاب بالفن الفارسي.
كانت مصادر ( رايت)،المعرفية تعتمد على الرؤية الاسطورية للحضارة في العراق متأتية من قصص الف ليلة وليلة،وذكر اهتمامهبجدارية في حدائق( اوك بارك)، وهي من قصص الف ليلة وليلة هي الجنيةوالصياد .
ربط رايت عنله مع قرائته للانجيل المقدس كما تشير مخططات ولكوكس الى انهر الجنة الذي اعتقد ان الحويلة اي الحبانية الحالية وحداقل ( اي دجلة الصغير)، هو نهر الصقلاوية  ومجرى كوته هو الفرات وهذه انهار الجنة.
حرص رايت في تصاميمه في العراق على الجمع بين الحضارة والحداثة ووضع افكاره  ضمن ميزانية محددة  ( مليون ونصف دولار)، كانت حينها ميزانية كبيرة يحقق فيها حلمه،حدد رايت برنامجه التصميمي بمفردات  هي دار اوبرا  حدائق موقف سيارات متاحف ،مجمعات تسويقية، اضافة الى دائرة بريد بالسنك،اما هاجسه فكان ان يجعل المباني العامة  تبدو ذات صفة رسمية مع الجسور الي هي عمارة قاسية  مندمجة مع المنظر الطبيعي للنهر. وجميع المظاهر متوحدة ،كان هذا سمو عالي بالتفكير  ونبل واحترام للمهنة والتاريخ. والبيئة كما سعى رايت الى جعل الشوارع الرئيسية متجهة نحو القبلة  احتراما للدين الاسلامي  ،بلغت عدة تصاميم رايت الالف تصميم نفذ منها خمسمائة. كان رايت  مهني دقيق في تفاصيله  المعمارية  ذو حس عالي القيمة لمواد البناء الطبيعية  وجمالية ملمسها ،غالبا ما يستخدم الالوان الترابية ،كان يتقن التعبير الديناميكي عن الفضاء  الداخلي والخارجي للمبنى .
حياة هذا المعمار الشهير تم تمثيلها في فيلم هورد رورك ،وتم تجنب ذكر اسمه خشية مسألة قانونية لانه كان غير محبوب  ومشاكس   عند المخابرات الامريكية ،وكانوا يتجنبون تكليفه بعمل حكومي  بعد ان صرح  بشكل عنيف  ضد مبنى حكومي اخذ طالع كلاسيكي  في نهاية الثلاثينات ،معتقدا ان المباني  يجب ان لاتطبع  بسمة ذات طابع يعود لاحد الشعوب والشعب الامريكي مؤلف من عدة شعوب.
القارئء لهذا الكتاب يجد اللغة البسيطة المفهومة،ويجد تفاصيل هذا المعمار العضوي الكبير،تفاصيل زيارته للعراق واعجابه بالحضارة العريقة،ويجد تركيزه في عمل يحترمه ويخلص له،وتمسكه بكل ماهو اصيل من تراث الشعوب وربطها بالحداثة والتكنولوجيا.

إرسال تعليق

0 تعليقات