استراتيجيا التوازن والاتفاقيات الدولية

مشاهدات

 





العقيد الركن المتقاعد
عمر خلف حسن العكاب الجبوري


من المؤكد ان للقوة السياسية دور مهم ومؤثر في التوازن الستراتيجي. فتعتبر صاحبة القرار الأعلى في الدولة ومن خلال توجهاتها وإرادتها يمكن ان تبنى على ذلك مزيد من الخطط في جوانب مهمة من مؤسسات الدولة لغرض تحقيق ذلك, فالجميع سيعمل وفق ما تريده وما ترسمه مجمل الأهداف السياسية للدولة والتي تسعى لتحقيقها من خلال تطبيق الخطوات التي من شانها الوصول إلى ما تسعى اليه وفق برنامجها الذي اعدته لذلك.
وكلما كانت هذه الأهداف واضحة فأكيد سيكون التخطيط لها سليم, وكذلك النتائج ستكون جيدة وتحقق ما تم التخطيط له مسبقا, فجميع مؤسسات الدولة تسير وفق هذا البرنامج لتحقيق تلك الأهداف سواء في بناء العقيدة العسكرية والتي من خلالها يمكن ان يكون تنظيم الجيش وتسليحه حيث ستبنى تلك العقيدة التي يجب ان تكون مرنة وقابلة للتطور وعلى أساسها سوف يكون تنظيم الجيش وتوزيع قواطعه تلبية لتلك العقيدة والتي من خلالها يمكن تحقيق الأهداف السياسية للدولة والتي رسمتها منذ البداية, واكيد سوف تعالج قضايا مهمة وكبيرة وجوهرية لأنها هي الأساس في تنظيم مادونه, او ما يشمل الدور الاقتصادي الذي يمكن ان تصل به الدولة الى اعلى المستويات لتحقيق الاهداف السياسية , وهكذا باقي جميع المؤسسات, فهي تسير وفق ذلك النظام وما يحقق الرغبات والاهداف وفق نظام وبرنامج يتم اعداده للوصول الى اعلى نسبة يمكن من خلالها تحقيق تلك الاهداف.

وقد ظهرت كثير من الاتفاقا ت والمعاهدات من اجل ذلك وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية ,حيث تم تشكيل حلف شمال الاطلسي(الناتو) عام 1949في البداية تشكل من قبل 12 دولة وفي عام 2021 اصبح عدد الدول المنضوية فيه 30 دولة منها امريكا وفرنسا وبريطانيا وهم اعضاء دائميين في مجلس الامن الدولي وهم دول تمتلك السلاح النووي , وكذلك تشترك فيه اغلب الدول الاوربية وشكل ليكون قوة ردع لمخاوف التمدد الروسي  تجاه اوربا الشرقية وقد تنافس مع حلف وارسو الذي شكل عام 1955 ووقع عليه في وارسو عاصمة بولندا بين الاتحاد السوفيتي وسبع دول اشتراكية من دول اوربا الوسطى والشرقية الشيوعية منها بلغاريا والبانيا والمانيا الشرقية والمجر وبولندا ورومانيا, وقد تفكك وانتهى رسميا في شباط 1991نتيجة احداث سبقت هذا التاريخ اهمها ربيع الثورات الديمقراطية الذي اجتاح اوربا الشرقية وانهيار جدار برلين عام 1989 وانفصال المانيا عنه عام 1990وتوحيد المانيا هو القشة التي كسرت ظهر البعير.

 وحتى ان قسم من الدول التي كانت فيه انضمت مع حلف الناتو امثال المجر وبلغاريا ورومانيا وسلوفاكيا وليتوانيا وبولندا .

فلست بصدد مناقشة هذه التحالفات بشكل مفصل بقدر اني ذكرتها بشكل مختصر لاهميتها وسعي العالم كله لايجاد التوازنات الستراتيجية  تفاديا ومنعا من القيام باي عدوان من قبل دولة او تحالف دولي آخر ,فكيف اذا كانت الدول المتقدمة والتي تمتلك حتى الاسلحة النووية تقوم بها رغم ان ليس لها مشتركات اكثر من التي نمتلكها  ,فما بالك نحن كأمة واحدة ولدينا مشتركات واهداف ان لم تكن واحدة فهي اقرب من اي تحالف بين باقي الدول ونحن لا نمتلك قدرات كبيرة ضمن اي دولة حيث اغلب دولنا لاتستطيع مقارنة قدراتها بدول الجوار الاقليمية علاوة على العالمية والتي تفصل بيننا وبينهما البحار. فعلينا ان نفكر بجدية رغم كل الاختلافات التي على الساحة لكوننا في سفينة واحدة , وحالنا الذي نحن به لا يمكن ان يخفى على احد وخاصة بعد احتلال العراق والوضع في سوريا او حتى في السودان واليمن ولبنان وغير ذلك من الدول الأخرى .

ان موقع الوطن العربي في وسط العالم يعطي اهمية ستراتيجية كبيرة فهو يربط قارتين اسيا وافريقيا وتبلغ مساحته ما يقارب 14 مليون كم مربع تقع 22 بالمائة من هذه المساحة في اسيا و78 بالمائة في افريقيا . ويشرف على  مواقع مائية ممة مثل البحر الاحمر , والبحر الابيض المتوسط, والخليج العربي, وحتى المحيط الاطلسي من قبل دول المغرب العربي ليشكل ساحل بحري مهم يقدر طوله ب 22828  كم ويطل ايضا على اربع مضائق بحرية مهمة وهي مضيق جبل طارق والذي يربط بين المحيط الاطلسي والبحر الابيض المتوسط ومضيق باب المندب الذي يربط بين البحر الاحمر والمحيط الهندي, وقناة السويس التي تربط البحر الابيض المتوسط بالبحر الاحمر,ومضيق هرمزالذي يربط بين الخليج العربي وبحرالعرب.

 تعتبر القدرات العسكرية من الاولويات التي لايمكن صرف النظر عنها , فعلى سبيل المثال لا الحصر سوريا والعراق فسوريا غير قادرة على احداث توازن مع تركيا او مع الكيان الصهيوني رغم مساندة الاخير من قبل دول عالمية. ولما يمتلك كل منهما من قدرات شاملة سواء من الناحية العسكرية او الاقتصادية او حتى الجيوبوليتك الخاص بها فكان العراق بالنسبة لها يحقق توازن استراتيجي مقبول عندما كان العراق يتمتع بقدراته الشاملة سواء على مستوى القدرات العسكرية او الاقتصادية او من ناحية الموقع الجغرافي, وكذلك هذا التوازن لايقل اهمية بالنسبة للعراق فتشكل سوريا جزء مهم من الحدود مع تركيا ومع الكيان الصهيوني كما تعطي بعد لمساحة جيدة في شماله الغربي  حيث ستتعدى المساحة اكثر من نصف مليون كم مربع وكل هذا له اهميته علاوة على توحيد القدرات العسكرية التي كانت تتمتع بها سوريا ولكن بعد الاحداث التي اصابت كل من البلدين اصبح هذا الامر من الصعب الوصول اليه لانه وان وجد لم يحدث ذلك التوازن المطلوب ولكن اكيد هو افضل من عدمه عند استقرار الموقف.

 لاشك بان التوازن الستراتيجي اصبح شيء مهم فهو يشكل قوة ردع لمنع اي قوة معادية او لها اطماع من شن عدوان او القيام بضغوطات على طرف قد لايمتلك تلك القوة للمجابهة وبما ان دول المنطقة مليئة بالاحداث نتيجة اهميتها فلذلك من الواجب البحث عن ايجاد توازنات من المكن ان تقدم حلول عملية لما تعانيه تلك المناطق من احداث مثل مايجري على الحدود السورية والعراقية من تدخلات خارجية لابل حتى تواجد قطعات عسكرية في تلك المناطق وهذا ما يسمى احتلال.

إرسال تعليق

0 تعليقات