اخر سلالة باعة الكتب القديمة

مشاهدات

 



.

رواية مانديل بائع الكتب القديمة

ستيفان زفايغ
بقلم اسمهان حطاب العبادي


.
.بطل الرواية تاجر تحف وانتيكات عتيقة،وهو الراوي الذي يتحدث عن نفسه وحياته،في يوم عاصف ممطر كان يسير في فينا،اغلقت الابواب،واسرع الناس في الشوارع للاختباء من هجمات قطرات المطر،بينما بطلنا وجد مقهى( غلوك)، عند المنعطف،ودخل به اخذ يتفرس في الحاضرين،والاعلانات على الجدران،والموجودات من حوله، ثم في لحظة تفكر تذكر انه ربما يوما ما في الماضي دخل الى هذا المكان لكن متى وكيف ومع من؟لم يتذكر اخذ يتجول في المقهى وجد غرفة منعزلة وفيها طاولة ،هنا تجمعت حواسه على تذكر الغرفة التي بقيت على وضعها القديم منذ عشرين عاما لكن تغير اثاثها،ثم جاءت سيدة عجوز تدعى ( سبورشيل)، التي تعمل فيه،هنا تذكر شخص يدعى( جيكوب) مانديلا الرجل الذي كان يلتهم الكتب التهاما من شدة التركيز والاهتمام،كان يجلس يقرا ويقرأ ولايهتم لكل ماحوله من اشياء واشخاص،وسط تركيز شديد،حتى وان احترق المقهى،وحدث ذلك بالفعل  دون ان ينتبه لولا اسراع الاخرين وانقاذهم مابقى منه،قالت له السيدة انه حين كان منضويا ومنعزلا في عالم الكتب في قبوه نشبت الحرب العالمية الاولى،دون ان يعلم بذلك،وكان يراسل  اشخاص وزبائن في الدولة المعادية حول شحنة كتب،حين اطلع عليها رجال الامن ظنوا انها رسائل مشفرة وانه يعمل جاسوس،لذا اثيرت حوله الشكوك واعتقل،ودخل السجن وكسرت نظارته،،لكن احد معارفه تمكن من اخراجه،  قالت عن ( جيكوب) انه كان شخصا محترما وكان يجلس يوميا طيلة خمسة وثلاثون عاما،في ركن من المقهى ويبقى يقرأ الى المساء دون ان يحدث احدا او يصدر مشاكل مع احد،لكن بتقدم عمره وقلة مدخوله غلبته الديون وكان البعض يقدم له العون ويدفع الاجار،كما انه كان مديونا لثمن الخبز الذي يأكله هنا في المقهى،بعد فترة شعر مدير المقهى ان عدد الخبز يتناقص،وكان مانديلا شخصا مشكوكا فيه لأنه مديون،لذا شددوا المراقبة ووقع في الفخ،حينها حصلت ضجة وفضيحة حيث طرده من المقهى امام الجميع وزجره ونهاه من الدخول ثانية،تذكرت الخادمة العجوز اثناء حديثها هذا انها وجدت في يوم طرده كتابا في مقعده وانها ارادت ان تلحق به لكنه كان قد خرج منحرجا من الجميع واختفى،بعد ذلك لم يعد الى المقهى وتجنب الدخول طويلا.ظنه الناس انه قد مات،لكن بعد مرور سنوات دخل فجأة للمقهى،تعجبت الخادمة من وجوده وارادت ان تخبره ان عليه ان يغادر قبل ان يحضر المدير،لكنها علمت انه قد فقد صوابه وغاب عنه، رشده،ولايعرف الاشياء من حوله،ثم خرج وسقط مغشيا عليه حملوه رجال الشرطة وكان مريضا ومحموما توفي بعدها،لكن بقي الكتاب معي،ارادت الخادمة ان تعطي الكتاب لبطلنا،لكنه اخبرها ان مانديلا يسعد بأن يبقى كتابك معك.

بعد فترة من الزمن دخل رجل ويبدو انه يعرف بطلناواومأ اليه وكانه يعرفه،وتحدث معه في حديث طويل عن المقتنيات العتيقة  وطلب الناس لها،هذا الشخص تاجر ايضا في ذات المجال اخبره عن الكثير ممن كانوا يحتفظون بتلك الاشياء الثمينة اغلبهم ماتوا او افلسوا،لفت انتباهة انه احدهم ما ال حيا ويعيش في قرية فقيرة،الفضول دفعه ان يذهب ويبحث عنه،وجده في منزل قديم ،طرق الباب واالتقى بزوجته العجوز،اخبرها انه قادم لرؤية زوجها،فرح الرجل حين علم ان تاجر مقتنيات قادم من اجله،استقبله وحدثه عن مجموعة يحتفظ بها،واراد ان يفتح خزنة اوصندوق ليريه بما يحتفظ لكن زوجته وجدت عذرا لتؤجل الزيارة بحجة وقت الغداء ،تأجل الموعد الى المساء حيث طلبت من بطلنا ان تصطحبه ابنتها  من الفندق الذي يسكنه مساءا،في المساء ذهبت الابنة لتقود بطلنا الى منزلهم في الطريق اخبرته ان القطع التي يحتفظ بها والدها مزيفة وناقصة،حيث بسبب الحرب التي مرت بالبلاد جعلتهم يعانوا الافلاس خصوصا ان ابيها اصبح كفيفا ولايتمكن من العمل،وكان على الزوجة ان تطعم اطفالها وتخرج بعائلتها من الازمة المالية حيث باعوا مالديهم من اشياء قابلة للبيع،وبقيت قطع والدها الثمينة دون مساس لان ابيها يرفض ذلك تماما،فهو دائما يفرح باخراجها مكانها ولمسها واعادتها لمكانها،لذا فكرت الام ان تبيع القطع الواحدة تلو الاخرى  تستبدلها باخرى مزيفة دون اخبار الزوج لانه لايحتمل الحزن والفقدان،لذا فأن القطع الموجودة في منزل الرجل غير حقيقية ولا اصلية،حزن بطلنا بسماع القصة،واخبرته ان لايثير انتباه ابيها مساءا،وصلوا للمنزل الريفي،استقبلهم العجوز فرحا.وبدأ باخراج قطعة قطعة تلو الاخرى وكان شغوفا بها وبلمسها،ثم ودعه بعد ان غادر.

تثير رواية ( ستيفان زفايغ)،1881_1942,موضوعات انسانية من حيث توجه العلاقات الانسانية،التواصل البشري قوته وضعفه،والفرق بين  ان يعيش الفرد في عالمين مختلفين عالم السلم وعالم الحرب،عالم المثاليات وعالم الفوضى والضجيج والاعتقالات،العالم الهادئء وعالم القسوة والسجون،طرح فكرة عرفان الجميل،وشدة الاواصر العائلية،كما توضح طبيعة ظروف الحروب وكيف تهد اقتصاد الاسر والدول،الذكريات وسريانها في نفوسنا وتغلبها على النسيان،اشار ايضا الى سوء فهم الاشياء والوقائع وكيف يؤثر في العلاقات الانسانية بين الافراد،وبالتالي تعميمها على مستوى دول وحكومات وحتى ثقافات
لغة الرواية سهلة ومقتضبة رغم شدة الافصاح عن فيض المشاعر بصياغة صريحة وفنية دقيقة حيث الولوج في تفاصيل المشاعر والحركات والسكنات دون الاطالة والملل.الاشخاص  ابطال الرواية ،هم افراد واقعيين،ابتعد فيها عن عالم الخيال والاحلام.

إرسال تعليق

0 تعليقات