60 يوماً على إقرار قانون الدعم الطارئ بدون طارئ

مشاهدات


 

نصار النعيمي

التخصيصات المالية في اغلب بلدان العالم تسير بخطط مرسومة ومدروسة وتنفذها الحكومات في أوقات دقيقة على مدار السنة، إلا في بلادنا وخاصة خلال العقدين الماضيين هناك من يخطط للمشاريع ويرصد تخصيصات لمختلف الموازنات المالية المتعددة التي من المفروض أن تنفذ بأوقاتها لتلبي احتياجات مواطني البلد وتعمل على تنفيذ مشاريع جديدة ترتقي بالحاجات الإنسانية إلا أنها تتأخر ويصار الموازنة التي اعتادتها الحكومات العراقية المتعاقبة قسمة 1 من 12، وبما أن الصراعات السياسية سيدة الموقف وتلقي بضلالها على تأخير إقرار الموازنات المالية سنوياً تقريبا، فقد أصبحت بلادنا تعيش أزمات متكررة وتوقفت المشاريع العامة ومنها مشاريع مهمة في المحافظات المحررة ومشاريع إستراتيجية في المحافظات الاخرى، ويتعثر صرف مستحقات الشرائح الاجتماعية كافة في وقتها المحدد، بل أن صروف رواتب الموظفين والمتقاعدين يتأخر احياناً، وعند تصفحنا لمواقع التواصل الاجتماعي تتباهى بعض الوزارات والدوائر بمنشورات عن انطلاق راتب الدائرة الفلانية كأن اطلاق الراتب منة على الموظفين والمتقاعدين وليس مستحقات يجب على الحكومة توفيرها في وقتها المحدد، وتعددت أسماء الموازنات وتنوعت لإشغال الرأي العام عن تأخر تشكيل الحكومات المتعاقبة ما يتسبب بعدم إقرار الموازنة السنوية الحقيقة، قبل شهرين اعلن عن إقرار مجلس النواب العراقي لقانون «الدعم الطارئ» في جلسته الحادية عشرة ، ودخل حيز التنفيذ بموجب تصريحات اغلب النواب والمسؤولين،  إذ صوَّت مجلس النواب، على مقترح قانون “الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية” الذي تضمَّن تخصيص مبالغ ماليَّة بـ(25 ترليون دينار) لدعم البطاقة التموينية ومستحقات الفلاحين وتسديد ديون الكهرباء وتنمية الأقاليم وغيرها من البنود والفقرات التي احتوتها 17 مادة في مقترح القانون، ويهدف القانون، إلى تحقيق الأمن الغذائي وتخفيف حدّ الفقر وتحقيق الاستقرار المالي في ظل التطورات العالمية الطارئة والاستمرار بتقديم الخدمات للمواطنين والارتقاء بالمستوى المعيشي لهم.
بينما يرى مختصون في الشأن الاقتصادي أن القانون لن يقدم حلا سحريا للمشاكل التي يعاني منها العراق والتي لا ترتبط بإقرار القوانين أو الموازنات بقدر ما هي ترتبط بمشاكل الفساد وإهدار الموارد خاصة في قطاعات هامة مثل الكهرباء والزراعة وغيرها، وأنه يشكل حلا سياسيا في ظل جمود الأزمة السياسية بعدم تشكيل الحكومة، وهو يشكل بديلا صريحا عن الموازنة الاتحادية، فيما يرى اخرون أن هناك بابً جديداً للفساد، إذ أن النقطة العاشرة التي تعني مصروفات طارئة ب ١٠٠ مليار دينار عراقي تقدر ب 80 مليون دولار، مبلغ بدون عنوان ولا نص ولا جداول ولا تعليمات صرف، ما يعني انه متاح للصرف بأي صيغة على أنه طارئ.

تخصيصات انفجارية وأرقام فلكية تخصص ضمن مختلف تسميات هذه الموازنات، يسمع بها المواطن العراقي فيطرب لها، ويرى كبار رجالات الدولة تتحدث عنها عبر شاشات التلفاز، فيعتقد أن معاناته مع الواقع الخدمي المتردي في عموم البلاد ستتغير. ومضى شهران على إقرار قانون الدعم الطارئ بينما أغلب المشاريع مازالت متلكئة، ومشاريع اعمار المناطق المتضررة مازالت حبراً على ورق. وزيت الطعام الرديء يتكرر في كل وجبة ومداخل العاصمة بغداد لم تتطور، وكهرباء البصرة لم تتحسن، والمدينة القديمة في الموصل ما زالت جاثمة تنتظر من ينتشلها من الدمار.


إرسال تعليق

0 تعليقات