غابات الموصل بين الماضي والحاضر

مشاهدات




الاستاذ الدكتوره هناء احسان البارودي

الموصل / كلية النور الجامعة


 

غابات الموصل هي احدى ابرز المعالم السياحية التي تميزت بها مدينة الموصل  وقد انشأت في سنة 1954  في الساحل الايسر من المدينه وعلى ضفاف نهر دجلة  وبمساحة  (  ( 10 دونما  وسميت في حينها (غابة الحدباء النموذجية ) ، وقد انشئ مشتل في حينها مساعد لإنتاج شتلات الغابات  وعمل فيه لغاية عام 1955 ، وقد تم تشجير ما يقارب  ( 200  ) دونما  واستمرت الغابات بالتوسع على مراحل حتى وصلت الى ما يقارب ( 900  ) دونما وزرع فيها انواع الاشجار المعمرة مثل اليوكالبتوس ،والسبندر، والجنار ،والدردار، والصنوبر وغيرها من الاصناف التي تتحمل الظروف البيئية للمدينة  ، وقد ازدهرت منذ ذلك الحين وحتى الثمانينات من القرن العشرين وأصبحت رئة الموصل ومتنفسها ومحل اقبال أهاليها ليستمتعوا باجمل السفرات والتجمعات العائلية في احضان اشجارها الوارفة الخضرة وعلى ضفاف  نهردجلة .


وفي منتصف الثمانينات اقيمت مقتربات الجسر الثالث والخامس ليتم استقطاع اجزاء منها وكذلك تم استقطاع جزء لإقامة فندق نينوى اوبروي الدولي  ومجمعات سياحية وسط الغابات مثل مجمع السدير السياحي ومجمع القرية  السياحية ، وكذلك اقيم العديد من الكازينوهات والمطاعم وقاعات الاعراس والمناسبات ، وامتد الشارع الرئيسي للغابات على طول ضفاف نهر دجلة بطول ستة كيلو متر وانتشرت على جانبيه المقاهي الشبابية والألعاب والمتنزهات العائلية .

في فترة الحصار الاقتصادي الجائر تعرضت الغابات الى استقطاع كم هائل من اشجارها والتي كان لها الاثر السلبي عليها واستخدمت للأسف كوقود بالإضافة للتجاوز على مضخات الماء المخصصة للسقي ورافقها الاهمال وقلة عمليات الخدمة والإدامة وتعويض المفقود منها .


وبعد عام 2003  ازداد تدهور وضع الغابات بشكل ملحوظ بسبب ظروف الاحتلال وما رافقها من انفلات امني وخدمي وأهملت تماما وظهر نقص واضح بكم اشجارها من القطع الجائر ومن فقدان مضخات المياه المخصصة للري مما تسبب بموت عدد كبير جدا من الشجار .


وكان لاحتلال داعش في 2014  الاثر البالغ في البالغ في تدهور الغابات اذ استخدموها كموقع لثكناتهم العسكرية وأقدموا على حرق الاشجار وتجريفها وتفجير عدد من الموقع السياحية وفي مقدمتها فندق نينوى اوبروي الدولي وبعد التحرير من قبل قواتنا البطله اقدمت العصابات الاجرامية على حرق اكثر من  ( ( 500  شجرة في عموم الغابات وخيم حزن عميق على الاهالي اللذين رزحوا تحت  نير ظلم الظلاميين  وعلى النازحين اللذين يعانون الامرين من الغربة ومن وقع الانباء الاليمة التي تردهم .


وفي عام ( 2017  ) تعرضت مرة اخرى لحريق هائل التهم أجزاءا واسعة منها وقد تمكنت فرق الدفاع المدني في نينوى من السيطرة على الحريق دون وقوع اي خسائر بشرية .


وعادت الغابات المنطقة السياحية بجهود الخيرين وتكاتفهم مع الحكومة المحلية والدوائر الخدمية والمنظمات المدنية وبدأت حملات التشجير في الجزرات الوسطية  وكذلك ضمن مشروع زراعة 15 مليون شجرة وفسيلة في العراق وكانت حصة نينوى 10%  من هذا الرقم وتم تشجير 75000 شجيرة ، وتم اعادة تأهيلها من جديد ولو ان كثرة الاكشاك والمتنزهات ايضا التهمت جزء منها وأبعدتها عن مظهرها العام والذي يجب ان تمتاز به ويبدو فعلا انه طبيعي ويجمع العناصر الاساسية من الماء والأشجار والنباتات الطبيعية وأجواء الغابة الهادئة عموما


وما حصل يوم الاربعاء 29/6 من حريق هائل جاء على حوالي ( ( 30 دونما من رئة الموصل الحدباء ومتنفسها وأسرعت قوات الدفاع المدني والدوائر الخدمية لإخماد الحريق الهائل وتسابقت اهالي الموصل ونوابها والمبادرات الفورية من قبل المتطوعين للتبرع بزراعة الاشجار لتعويض ما حصل .


وبغض النظر عن من المسبب وكيف وصلت غابات الموصلية لما وصلت اليه ، فان حرائق الغابات بصورة عامة تنتج بسبب الحوادث الطبيعية أو الأنشطة والبشرية ، وقد يكون الحريق متعمداً أيضاً، مما يؤدي إلى إشعال النيران عن قصد في والغابات ويجدر بالذكر هنا أن البشر يتسببون في حوالي 80٪ من حرائق الغابات ، أما عن الأسباب الطبيعية لحرائق الغابات فهي تشمل ألبرق والانفجارات ألبركانية والشرر المنطلق من الصخور المتساقطة ، وهناك العديد من العوامل التي تحدد كيفية انتشار حرائق الغابات ومدى شدتها ،مثل الطقس الشديد الحرارة وكمية الاوراق المتساقطة والشجيرات والأعشاب الميتة تحت الاشجار والتضاريس فتميل النيران للتحرك بسرعة اكبر على المنحدرات الى جوانب الجبال والتلال .


تعتبر الحرائق من الأسباب المؤدية لتدهور الغابات كما أن لها العديد من الآثار السلبية ألبيئية الاقتصادية الاجتماعية ومنها ،فقدان الموارد الخشبية ، انقراض النباتات والحيوانات وفقدان التنوع البيولوجي وفقدان مواطن الحياة ألبرية واستنزاف الحياة ألبرية وانخفاض الغطاء الحرجي،ولاحتباس الحراري،وزيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بسبب انخفاض مصادر امتصاص الكربون في ألطبيعة و تعرية ألتربة والتأثير على إنتاجيتها و استنزاف طبقة ألأوزون  بالإضافة الى فقدان سبل العيش لبعض الأشخاص العاملين ضمن المجمعات الترفيهية فيها  .

  

وعليه فان الحفاظ على الغابات واجب وطني وإنساني وعلى الحكومات وضع قوانين خاصة بها باعتبارها محمية يمنع التجاوز عليها واستحداث مديرية خاصة تعنى بإدارتها وإنشاء  العديد من المتنزهات العامة والحدائق وتنظيمها وزراعة الشجيرات دائمة الخضرة وتشجيع منظمات المجتمع المدني للتكاتف مع المديريات الحكومية والأهالي  للحفاظ عليها ليحظى المواطن ببيئة نظيفة نقية خالية من الملوثات .


إرسال تعليق

0 تعليقات