حَصَى الكُلَى

مشاهدات


 
نسرين ولها
 
بعد الأكل، يأخذ الجسم حاجياته الأساسيّة من العناصر الغذائيّة من الطّعام ويُحوّلها إلى طاقة ويترك الفضلات في الأمعاء والدم.
يُحافظ الجهاز البولي على توازن الموادّ الكيميائيّة مثل البوتاسيوم والصوديوم والماء، ويزيل نوعًا من الفضلات يُسمّى اليوريا من الدم. تَنتُجُ اليوريا عند تكسير الأطعمة التي تحتوي على البروتين، مثل اللحوم والدواجن وبعض الخضروات، في الجسم.  ثُمّ تُنقلُ اليوريا في مجرى الدم إلى الكلى.
تتمثل وظيفة الكلى في إزالة الفضلات السّائلة من الدم على شكل بول والحِفاظ على توازن مستقرّ للأملاح والموادّ الأخرى في الدم. وتُنتج الكلى الإريثروبويتين وهو هرمون يُساعد في تكوين خلايا الدم الحمراء، كما تُساهم الكلى في تنظيم ضغط الدم.
تقوم الكلى بطرح اليوريا من الدم من خلال وحدات ترشيح صغيرة تسمى النيفرون.  تُشكّل اليوريا جنبًا إلى جنب مع الماء ومواد النفايات الأخرى البول أثناء مروره عبر النيفرون وأسفل الأنابيب الكلوية في الكلى.
عندما تبقى المواد التي تطرحها عادةً الكلى في المسالك البولية، فإنها قد تتصلب في شكل حصوات كلويّة. إذا تحرّرت الحصوات من الكلى، فيمكنها أن تنتقل عبر الممرّات الضّيقة في المسالك البولية وتستقرّ فيها. تكون بعض حصوات الكلى صغيرة أو ملساء بما يكفي فتمرّ بسهولة عبر المسالك البولية دون أن تسبّب الشعور بعدم الراحة للإنسان. بينما تكون للحصوات الأخرى حواف خشنة أو أنّها تنمو بحجم حبة البازلاء فتُحدث ألمًا شديدًا أثناء انتقالها أو استقرارها في المسالك البولية. المناطق الأكثر عرضة لاحتباس حصوات الكلى هي المثانة والحالب والإحليل.
معظم حصوات الكلى التي تنشأ داخل الكلى تكون صغيرة بما يكفي لعبور المسالك البولية دون تدخل طبيّ. ومع ذلك، فإنّ حوالي 20 بالمائة من الحالات يكون فيها حجم الحجر أكبر من 2 سم الأمر الذي قد يتطلب العلاج. تتكوّن معظم حصوات الكلى من الكالسيوم الذي هو جزء طبيعي من نظام غذائي صحّي يستخدم في العظام والعضلات، ويقع طرح النسبة الزّائدة منه في البول. ومع ذلك، فإن الكالسيوم الزائد الذي لا يستخدمه الجسم قد يتّحد مع فضلات أخرى لتكوين الحصى.
أيضًا، ثمّة أنواع أخرى من حصوات الكلى ومن بينها ما يلي:
- حصوات ستروفيت التي تتكّون من المغنيسيوم والفوسفات والأمونيا تحدث بعد التهاب المسالك البولية.
-حصوات حمض اليوريك التي تتكوّن عندما يكون البول شديد الحموضة، كما هو الحال في بعض الحالات، مثل النقرس أو الأورام الخبيثة.
- تنتج حصوات السيستين عن فائض السيستين البولي ، بسبب خلل وراثي في إعادة امتصاص الكلى للأحماض الأمينية ثنائية القاعدة بما في ذلك السيستين.
 السيستين غير قابل للذوبان نسبيًا في المحاليل المائية مثل البول مع حدٍّ أعلى للذوبان هو 243 مجم / لتر. يتراوح إفراز السيستين في البول بين 350-500 مجم / يوم ويمكن أن يتجاوز بسهولة الحد الأعلى للذوبان ما لم يُطلب من المرضى شرب كميات كبيرة من السوائل. تركّز التّوصية الغذائيّة لمنع تكرار حصوات السيستين على تناول كميات كبيرة من السّوائل وتقييد مستوى الملح . يجب تناول كمية كافية من السوائل بحيث يظل إفراز السيستين البولي المُقاس قابلاً للذوبان، بشكل عام أكثر من 3 لترات في اليوم فقد تبين أن زيادة إنتاج البول يقلل من تكرار حصوات السيستين .
 
ما هو تفتيت الحصى؟
تفتيت الحصوات هو إجراء غير جراحي (من دون ثقب الجلد) يستخدم لعلاج حصوات الكلى التي تكون كبيرة جدًا بحيث لا يمكن أن تمر عبر المسالك البولية. يعالج تفتيت الحصوات حصى الكلى عن طريق إرسال طاقة فوق صوتية مركّزة  (ultrasonic energy)أو موجات صدمية مباشرة إلى الحجر الموجود أولاً باستخدام التنظير الفلوري( fluoroscopy  ) (نوع من الأشعة السينية) أو الموجات فوق الصوتية ( ultrasound  )(موجات صوتية عالية التردد).
تعمل موجات الصدمة على كسر الحجر الكبير إلى حصوات أصغر فتمرّ عبر الجهاز البولي. يسمح تفتيت الحصوات للأشخاص الذين يعانون من أنواع معينة من الحصوات في الجهاز البولي بتجنب إجراء جراحي لإزالة الحصوات. من أجل توجيه الموجات، يجب أن يكون الطبيب قادرًا على رؤية الحجارة تحت الأشعة السينية أو الموجات فوق الصوتية.
يتضمّن تفتيت الحصوات إعطاء سلسلة من موجات الصدمة للحجر المستهدف. يتم تركيز موجات الصدمة، التي يتم إنشاؤها بواسطة جهاز يُسمّى مفتّت الحصى عن طريق الأشعّة السّينيّة على حصوات الكلى. تنتقل موجات الصدمة إلى الجسم، عبر الجلد والأنسجة، لتصل إلى الحجر حيث تقسمه إلى أجزاء صغيرة.
ثمّ تخرج أجزاء الحصى من الجسم في البول خلال الأسابيع القادمة بعد العلاج.
عُمومًا، التقنيات المختلفة التي تُعتمد في تفتيت الحصوات هي كالآتي: تفتيت الحصى الميكانيكية، تفتيت الحصوات بالموجات فوق الصوتي، تفتيت الحصى الكهرو هيدروليكي، وتفتيت الحصى بموجة الليزر.
بعد إجراء تجارب علميّة وسريريّة في هذا المجال، اتضح أنه بإمكان الأطبّاء تحديد بعض المرضى الذين من غير المرجح أن يختبروا نتيجة ناجحة بعد تفتيت الحصوات، في حين سيتمكن بعض المرضى الآخرين من إزالة حصواتهم بنجاحٍ تام . على الرغم من أنّ العديد من هذه الأمور خارجة عن سيطرة أيّ شخص، مثل حجم الحجر وموقعه في الكلى، إلاّ أنّ هُنالك أساليب طبيّة أخرى يمكن القيام بها أثناء علاج تفتيت الحصوات والتي قد تؤثّر بشكل إيجابيّ على نتيجة الإجراء.
تشمل الإجراءات الأخرى التي يمكن استخدامها لعلاج حصوات الكلى ما يلي :
-تنظير الإحليل أو تنظير الحالب. إجراءات التنظير الداخلي التي يمكن فيها إزالة الحصوات من مجرى البول أو الحالب بجهاز يتمّ إدخاله من خلال أنبوب قصير ومرن ومضيء يُسمّى المنظار الداخلي.
-استخراج حصاة الكلية عن طريق الجلد (شق جراحي).
عمليّة جراحيّة للحصوات التي لا يمكن معالجتها بتفتيت الحصى أو إجراءات التّنظير الداخلي. وهي تنطوي على إزالة الحجر من خلال أنبوب رفيع يتم ادخاله عبر شق صغير في الظهر في الكلية.
-الجراحة المفتوحة. إجراء جراحي أكثر توغلاً باستخدام شق أكبر للوصول مباشرة إلى الحجر.
-دعامة. جهاز أنبوبي اصطناعي موضوع بشكل مؤقت داخل وعاء دموي أو قناة أو مجرى للمساعدة تخفيف الانسداد أو المُساعدة في الشفاء. يمكن إدخال الدّعامة من خلال منظار خاص في المسالك البولية للسماح بمرور الحصوات بسهولة أكبر.
بالنسبة لمخاطر العملية فإنّ مضاعفات تفتيت الحصوات تشمل على سبيل المثال:
-نزيف حول الكلى، الإصابة بالالتهاب، حمّى أو قشعريرة، انسداد المسالك البولية بواسطة شظايا الحصوات ممّا يجبر الجراح على القيام بعملية جراحية إضافية لتسريح الانسداد، وانزياح الدّعامة الموضوعة في الحالب من مكانها.
 في المُقابل، تُمنع عملية تفتيت الحصوات على المرضى الحوامل. كما تُمنع على المرضى الذين يعانون من "سيولة الدم" أو المرضى الذين يعانون من اضطرابات النّزيف.  إذْ يجب التوقف عن تناول الأسبرين أو مميعات الدم الأخرى لمدة أسبوع على الأقل قبل تفتيت الحصوات.
أيضًا، لا يمكن المرضى الذين يعانون من عدوى مزمنة في الكلى أن يقوموا بإجراء تفتيت الحصوات، حيث قد لا تمرّ بعض الشّظايا، لذلك لن يُقضى على البكتيريا المتواجدة في الكلى بشكل كامل. ونفس الشّيء ينطبق على المرضى الذين يعانون من انسداد أو ندب في الحالب، ممّا قد يمنع شظايا الحصى من المرور.
كما تُمنع على المرضى الذين يحتاجون إلى تخليص فوري أو كامل للمواد الحجريّة، و  المرضى الذين يعانون من حصوات مكونة من السيستين وأنواع معينة من الكالسيوم ، لأنّ هذه الحصوات لا تتفتّت بشكل جيّد مع أسلوب  تفتيت الحصوات.
كذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار المرضى الذين يستخدمون أجهزة تنظيم ضربات القلب . يمكن إجراء تفتيت الحصى على المرضى الذين يستخدمون أجهزة تنظيم ضربات القلب إلاّ  بموافقة طبيب القلب مع استخدام احتياطات معينة . فقد تتضرّر أجهزة تنظيم ضربات القلب سريعة الاستجابة، التي يتمّ زرعها في البطن، أثناء عمليّة تفتيت الحصوات.
أخيرًا، يخضع مريض حصى الكلى لفحوصات ضروريّة قبل إجراء عمليّة تفتيت الحصى أهمّها :
-الفحص الجسدي الكامل للتأكد من أنّه بصحة جيّدة تُخوّله للقيام بالعمليّة.
-فحوصات البول.
-فحوصات تخثّر الدم PT/PTT .
-فحص تعداد الدم الكامل (CBC) .
-التخطيط الكهربائي للقلب ECG.
-صورة بالأشعة السينية X-ray لمنطقة الصدر.
أسأل الله تعالى السّلامة لنا ولكم جميعًا وأن يرزقنا وافر الصّحة والسّعادة.
مع تحيات الباحثة التونسية نسرين ولها
 
 
 
 
المصدر: JOHNS HOPKINS MEDECINE
 
 
 
 

 
 

إرسال تعليق

0 تعليقات