وجدتها يا عبد الرضا الحميد

مشاهدات

 



 
علي السوداني

غداً سأهبط إلى سوق المدينة العتيق وأشتري بلم حديد من الصنف الذي كنت أُبرّد فيه الببسي والسفن والسينالكو والمشن والكراش الأسود والبرتقالي والتراوبي والشابي والكندا دراي والصودا بحلق سينما بابل . سأملأه بمياه ربع مالحة وبكسر من بقايا خبز العائلة وأطش ببطنه حفنات من يرقات وأصابع السمك البريء وأجعله ينصت متلذذاً بمناحات ونواعي داخل حسن وسلمان المنكوب وعبادي العماري وياس خضر من أجل تناسل سريع ونمو هائل ، وقبل أن يبتلع المغرب آخر شهقات الشمس ، سيكون تحت يميني الخائطة مائة شبوط وبنيّة وقطان .
لن أقف عند هذه النعمة المباركة ، بل سأشتري طناناً رناناً يطن حين يشم عطر الذهب وأحمله فوق ظهري وأسير به صوب جبل فيرنُّ فأحفر تحت أنينه حفرة عملاقة فأجد صخرة هائلة معمولة من ذهب قح فأزرعها على ظهر حماري الشريف وأعود بها وبه إلى مساء العائلة البديع لتشع علينا ضوءاً ورحمة وضحكاً وفيراً .
فكرت الآن بغزوة نحو دوار المأمونية المشمور في الجوار . سآخذ من خاصرته الخصبة تراباً بقدر طحين الحصة التموينية البائدة وأرشه بغرفة النوم الصغيرة ، وأُعاجله بنثرة من حبوب الزعفران الأحمر الثمين الذي يبيعه البياعون بالمثاقيل وبالأيدي المرتعشة .
سأذهب من مفتتح صباح الرزق الحلال إلى دكان قديم بسوق سقف السيل وأبتاع منه قماشة سمراء ملطخة بألوان باهتة كنت رأيتها البارحة بمنامي الثقيل وكان معي هناك أبي الذي أمرني أن أشتريها علها كانت من كنز الرسام الأعظم بيكاسو .
سأدور على شوارع وساحات ومقاهي وحانات المدينة وأجمع كل أعقاب السجائر ، ثم أقوم بفرز الأعقاب عن ما تبقى بمؤخراتها من تبغ حي فيصير عندي معمل دخان عجيب ثمين .
سأصنع خلطة رائعة من دقيق نواة الزيتون وورق الفجل وذيل البصل وقشرة الجوز وعفن الطماطة وزهرة الزعتر ودقيق البطنج وبلغم الكلب وخراء القطة وسعال السبايروجيرا وذروق الطير وضلع الهدهد وأبيعه بوصفه تميمة حظٍّ عظيم .
سأستوي على كرسيي المعطوب وأصيح بالناس الفقراء مرتلاً ومجوداً :
لا تحزنوا ولا تهنوا ولا تقنطوا ، إنَّ في مالي حقٌّ لكم .


إرسال تعليق

0 تعليقات