حَقَائِقُ الخُطَى

مشاهدات



علي الجنابي


تَلَّتني خُطايَ صٌبحاً حيثُ فرن الحيِّ لرغيفِ الخبزِ في التنور!

نعم, "تَلَّتني" كما يُتَلُّ الكبشُ أُضحيةً بحبورِ وبسُرور!

أفَمُستَهجِنٌ أنتَ ياصاح مني لفظَ "تَلَّتني" الجَسور؟

كيف ذاك! أفَما عَلِمتَ أنَّ كلَّ رميةِ خُطىً, سواءٌ عليها أكانت في نُورٍ تَدور, أم كانت في ديجورٍ تَمور, وسواءٌ أكانت رميةٌ لزعيمٍ طَنَّت لهُ منابرُنا بِفَخرٍ وبغرور, أم رميةٌ لعديمٍ ضنَّت عليهِ مقابرُنا بصخرٍ وجُحور. وكذلكَ رميةُ قسورٍ في الغابِ هَصور, ورميةُ عُصفورٍ في رِحابِ حصيد و بذور.

إنّ رمياتِ الخطى شتى, فرمياتٌ على كؤوس الأماسي تَتمَطَّى, ورمياتٌ على رؤوسِ المآسي تَتخَطَّى، وكلُّ أولئكَ مُستَنسَخٌ في سجلِّ آثارِ خُطانا بسطور!

مابالُ وجهِكَ ياصاحُ مُنفَغِرٌ فاه؟ ماذا دهاهُ فإعتلاهُ؟ ؟ أوَلستَ بمؤمنٍ لي وإذ من قيعةِ الحرف أثور؟

إذاً فَقِ حَشدَكَ عمّا سيَسيحُ في دَهَمٍ, وعِ رَشدَكَ لِما سَأُزيحُ مِن وَهَمٍ..

فلوما صهوةُ جوعي -يا صاحُ- لَما تَلَّتني خُطاي لفُرنِ الحيِّ سيّاحاً أزور.

ولوما شهوة نوعي لَما تَلَّتني خُطاي لأعرسَ على أنثى بزفافٍ وسرورٍ, وما كنتُ لأبتَهِجَ بأبنائي من حولي حضور, فما كانَ في الحِسِّ مِن قبسِ أبوَّة قبيلَ لحظاتِ الزفافِ يفور.

ولوما حنانُ الرَّضع من أمّي سَبَق لَما تَلَّتني خُطاي مُتَفَقِّدَاً قَبرَها في ظُلَمِ ميادينِ القبور.

ولوما عنانُ الطَمعِ في سعيّ فَتَق لَما تَلَّتني خُطاي مُتَوَقِّدَاً في لهاثٍ في ضحىً أو في سحور, بل لوما النارُ لَما تَلَّتني خُطاي لمَسجدٍ في الحيِّ مُتَعَبِّدَاً عندَ الغفور, فما كنتُ لإهجرَ غرامَ في نسوةٍ, ومرامَ في كسوةٍ, وأصنافَاً من خمور..

ويحَكَ ياصاحُ, إذ آبَ وجهُكَ مُنفَغِرةً عيناهُ؟ ماذا دهاهُ وإعتراهُ! أنُكري للتَعَبُّدِ خوفاً من النّارِ غَشّاهُ, أم ذِكري لنسوةٍ وكأسِ الخمرِ أعشاهُ؟ أوَلستَ بِمُصَدِقيّ؟

بلى يا صاحبي, لوما النارُ لَما تَلَّتني خُطاي لمحرابِ الحيِّ مُتَنَسِّكَاً عندَ الشّكور, ولو أنّكَ فَطِنتَ لأولِ آيةٍ فيما عِندَكَ من نور الزبور, لَما فَغَرَت عيناكَ ببلادةِ نعجةٍ أو أنثى من جنسِ الطيور, لكنّي سأنَبِّؤكَ بها بأنَّكَ صاحبي وعلى (غليظِ) لفظي صبور.

تأمّلْ قولَ الصّبورِ  سبحانه في أولِ حرفٍ له؛ " قُمْ فَأَنْذِرْ " من ضريعٍ وحرور, وما أنزَلَ سبحانه -قُمْ فَبَشِّرْ- بحورٍ وقصور, بل ما جَمَعَ بيانَهُ - قُمْ  فبَشِّرْ ذا تقىً, وأَنْذِرْ ذا فجور.

أفَمؤمنٌ لي الآن يا فاغرَ العينينِ , أنَّ خُطاكَ هي مَولاكَ, وحيثُ ما دارَت رحَاها ترى عينَيكَ تدور؟ لن تؤمنَ لي ، أعلمُ أنا ذلك بأنكَ مُتكلسٌ وفي العلمِ حصور.

كُتِبَ في طابور الفرنٍ في بغداد.

إرسال تعليق

0 تعليقات