ما جاد به اللسان فيما يخصّ حركة طالبان

مشاهدات



د. صفاء نصر الله


تصدحُ حناجرُ المنابر الإعلاميّة في هذه الأوقات ب(طالبان) الأفغانيّة، وتعمل جاهدةً على تفسير ما يحدثُ في أفغانستان من سيطرة لهذه الحركة على البلاد بعد (الانسحاب الأمريكي المفاجئ) الذي دام وجودهم عشرين سنةً خلت .. .


وأفغانستان من الدول الآسيويّة التي فيها لغتان رسميّتان هي (البشتوية) وهي لغة الأفغان البشتون، وهذه اللغة لا تعنينا في هذه المقالة، وتستعمل أيضًا اللغة (الدرية) على نطاق واسع أيضًا .. وهذه التي تخصّنا .


ما بين هذه وتلك نروم أن نظهر السلوكيّات اللسانيّة التي بنيت عليها لفظة (طالبان) والتي ستكشف اللثام عمّا اكتنف (طالبان)؛ إذ يتحدّث عددٌ لا بأسَ به في أفغانستان اللغة (الدَّرية) وهي لغة آرية انتمت منذ القدم إلى مجموعة اللغات الهندو ـ أوروبية، واسمها المحلي المستعمل للغة الفارسية في أفغانستان (داري)، وهذا يعني أنّ ثَمّةَ قرابةً كبيرة بينها وبين اللغة الفارسيّة في إيران من جهة واللغة السنسكريتية في الهند من أخرى، وكذلك اللغات الجرمانية واللاتينية، ولأجل هذه القرابة اللسانيّة قيل: إنّ أفغانستان شقيقة الفارسية .. .


وقد اشتملت هذه اللغة على ما يربو الثلاثين حرفًا وهي:

( ا ب پ ت ث ج چ ح خ د ذ ر ز ژ س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ک گ ل م ن و ھ ء ی )

وتُشكل بالهمزة وفيها خمس حركات هي: الفتحة، الكسرة، الضمّة، السكون والتشديد .. .


والذي يعنينا من هذا كلّه لماذا (طالبان) بالألف والنون؟

 بما أن لغتهم (الدرية) المشابهة للفارسيّة فهذا يعني أنها استغنت عن المثنى؛ إذ يخاطبون المثنى كالجمع فإذا كان يدل على إنسان أو حيوان (كل ذي روح) فلاحقة الجمع الخاصة به هي (ان)، ويُسمّى الاسم جمعًا إذا دلّ على اثنين فأكثر، وتمثيلاً له:


مرد   :   رجل                        

مردان  : رجال


شير :  أسد :                       

شيران: أسود


وهذا يعني أن (طالب) جمعها (طالبان) ويعني أيضًا أن لفظة (طالبان) جمع وليس مثنى في اللسان الأفغاني، وأمّا (طالبان) في اللغة العربيّة فمثنى وجمعها (طلبة، طلّاب) ... وهذه اللاحقة (ا،ن) في اللغة الأفغانية تذكّرني بإحدى التخريجات التي حُمِلَ عليها قولُه تعالى: "إن هذان لساحران" ؛ إذ قيل: إنّها لغة كعب وكنانة .. ولا أعلمُ مدى تأثير اللغة الفارسيّة في هذه القبائل العربيّة .. فلعلّها تعلّمت هذا منهم .


علمًا أنّ طالبان تُصنّف في ضمن الحركات القوميّة-الإسلاميّة السياسيّة المسلّحة، التي صنّفها معارضوها بالمتطرفة، وقد نشأت في سنة 1994م وأحكمت قبضتها على أجزاء كبيرة من أفغانستان؛ إذ سيطرت على العاصمة الأفغانية (كابل) في 27 أيلول/سبتمبر 1996م. وقد أعلنت حينها قيامَ إمارة إسلامية في أفغانستان .. وها هي اليوم تُطلّ علينا من جديد .. .


إرسال تعليق

0 تعليقات