الكهرباء وقميص عثمان

مشاهدات




سحبان فيصل محجوب


يجري تصميم شبكات النقل في المنظومات الكهربائية على وفق العديد من الاحتمالات التشغيلية المتوقعة، منها خروج خطوط النقل المحملة بالطاقة والعاملة في الشبكة عن العمل لأسباب كثيرة، لعل في مقدمتها سقوط الأبراج التي تحملها بفعل طاريء نتيجة لتعرضها لظروف جوية قاسية تتمكن منها بفعل التقادم أو نتيجةً لفقدانها بعضاً من قطع الحديد الساندة لقواعدها، وتعد الأعمال التخريبية المقصودة التي تستهدف عمل هذه الخطوط سبباً مباشراً في توقفها، وتالياً فقدانها للطاقة الكهربائية المحملة عليها وهذه تخضع لأهداف شريرة مختلفة، وهذا ما يدعو العاملين من المعنيين بتشغيل المنظومة الكهربائية وادارتها إلى عزل الأجزاء المتضررة نتيجة لتوقف عمل الخطوط فيها لضمان استمرار عمل المنظومة العامة وإعادة ربطها، بعد إتمام عمليات الإصلاح التي تجريها فرق الصيانة المتخصصة، يجري ذلك بالتوازي مع قيام العاملين في مراكز السيطرة الخاصة بالمنظومة بطقوس تشغيل استثنائية لتأمين التغذية الكهربائية البديلة للمناطق أو  (لمساحات منها) التي حجبت عنها 

بفعل خروج أحد الخطوط المستهدفة والخاص بإيصال التيار الكهربائي إليها وهذا ما يحدث غالباً في الأجزاء الضعيفة من المنظومة الوطنية للكهرباء التي تفتقر إلى الخيارات المتاحة في توفير البدائل الآمنة لتعويض المفقود منها.

يحرص القائمون على تحديد مواصفات شبكات الكهرباء الناقلة على وضع شروط تؤمن عدم تحميل الخطوط بمقدار يتجاوز نصف السعة التصميمية لها لضمان نقل حمولاتها تلقائيًا إلى الخطوط الموازية لها حال توقفها لأي سبب محتمل، ولتحاشي حجب التغذية الكهربائية الناتج عن توقف الخطوط لمدد طويلة يلجأ الكثير من إدارات قطاع الكهرباء إلى تنصيب مولدات سريعة التشغيل يجري اختيار مواقع محددة لها على وفق أهمية المرافق الحياتية وحاجاتها إلى استمرار تغذيتها بالتيار الكهربائي ويطلق على هذا البديل بالتوليد الموقعي.

تتوالى أخبار عن وقوع العديد من حوادث سقوط الأبراج الخاصة بنقل الطاقة الكهربائية في مناطق مختلفة ومتفرقة من العراق ويعزى لها (إعلاميًا) حصول الاطفاءات الكهربائيه الكثيرة ولمدد طويلة على المناطق القريبة من هذه الأبراج.... لا يخفى على العارفين شيئا من شؤون الكهرباء أن تأثير خروج خطوط النقل يعتمد على جملة من العوامل منها مستوى الجهد (الفولتية) الذي تعمل به وكذلك مقدار الحمولة وطبيعة وظيفتها ضمن الشبكة العامة فالخطوط الخارجة من مصادر التوليد تختلف، في أهميتها، عن الخطوط الرابطة بين المحطات الثانوية أو الخطوط الشعاعية التي تغذي محطات طرفية...

ليس غريبا ً أن تسخر مثل هذه الحوادث 

لتكون إحدى المسوغات الزائفة لإيهام المواطن بحجج واهية (مبتكرة) لضمان الهروب الآمن من قفص الاتهام الذي يوضع فيه القائمون على خدمة الكهرباء المتردية عند حلول كل صيف وعلى مدار سنوات متعاقبة حيث يعاني المواطن فيه تبعات قاسية شتى نتيجة لغياب الطاقة الكهربائية في أكثر أيام السنة سخونة عندما تتعدى درجة الحرارة فيها نصف درجة الغليان المئوية، ولا نذهب بعيدًا عندما يقودنا الاعتقاد إلى أن مثل هذه الحالات قد تكون من الحوادث المفتعلة فالعرض الهزيل لها وتكرار حدوثها صيفًا عند ارتفاع الطلب على الطاقة الكهربائية وفشل المنظومة الوطنية في تغطية الارتفاع الكبير في مستوى الاحمال ما يدعونا إلى هذا  الاحتمال الذي يهدف إلى تغييب الحقائق عن المواطن وتسويقه ضمن حزمة التسويغات الغزيرة والمختلفة لإبعاد من كان سببًا في سوء الاداء عن دوائر الاتهام والحساب باختيار مشهد يحاكي وقائع تعليق القميص الملطخ بدماء عثمان كوسيلة رخيصة قد تبعد السيئين عما توعد لهم الجمهور به من عقاب صارم سوف يجري تطبيقه بحقهم لا محال.

إرسال تعليق

0 تعليقات