قراءة في الجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي العراقي – الأميركي

مشاهدات





نهاد الحديثي


بلا شك ان هذه الجولة من الحوار بين البلدين,أتت في ظروف أكثر تعقيداً من ظروف الجولات الثلاث السابقة التي جرت في يونيو/حزيران، وأغسطس/آب عام 2020 وفي 7 إبريل/نيسان 2021، سواء على مستوى العلاقة بين البلدين، أو على مستوى الظروف الإقليمية التي يعيشها العراق، أو على المستوى الداخلي العراقي المقبل على إجراء انتخابات عامة شديدة التعقيد هي الأخرى، وعلى الأخص بالنسبة للكاظمي الذي لم يعلن حتى الآن، عن ترشيح نفسه، وهذا أمر يصعب تصور أن الإدارة الأمريكية لا تضعه في اعتبارها، وحتماً سوف تكون له تأثيرات سلبية على رهانات واشنطن المستقبلية على شخص الكاظمي ضمن مخرجات الحوار , وبالذات إدراك الكاظمي لجدية حاجة العراق للمساعدات العسكرية التسليحية والتدريبية من جانب قوات التحالف العاملة في العراق، وإدراكه من ناحية أخرى، لثقل المطالب الشعبية بضرورة إنهاء وجود القوات الأجنبية وليس مجرد جدولة انسحابها؛ لذلك ركز في حديثه على مسألتين: الأولى قوله: «إن ما أحرزناه من تقدم على الصعيد الأمني، يدفعنا من خلال الحوار الاستراتيجي الذي بدأناه عام 2020 مع التحالف، إلى إيجاد آليات زمنية وفنية لسحب القوات القتالية للتحالف واستمرار التعاون في كل المجالات، خصوصاً التسليح والتأهيل والتدريب والدعم الاستخباراتي

وشدد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على أن بلاده لم تعد بحاجة إلى قوات قتالية أميركية لمحاربة داعش، وقال الكاظمي خلال اللقاء إن "ما نريده من الوجود الاميركي في العراق هو دعم قواتنا في التدريب وتطوير كفاءتها وقدراتها والتعاون الامني، والجيش العراقي والقوات الامنية اليوم جاهزة وقادرة على الدفاع عن نفسها، واليوم نحتاج فقط الى الدعم والاسناد، وتطوير قدراتنا، ولسنا بحاجة إلى أي قوات قتالية أجنبية على الأراضي العراقية، وفي الوقت نفسه، يمتلك العراق مجموعة من الأسلحة الأميركية التي تحتاج للصيانة والتدريب، وسنطلب من الأميركيين مواصلة دعمنا وتطويرنا , أضاف، أن "الحكومة العراقية لها رؤية خاصة، وهي تسعى لما فيه مصلحة العراق، وسيكون جدول انسحاب القوات الأميركية، حسب احتياجات العراق"، مؤكداً على أن "الحرب ضد داعش وجاهزية القوات العراقية يتطلب جدول زمني خاص للانسحاب، وسيعتمد على المفاوضات التي سيتم إجراؤها في واشنطن , يرى الكاظمي أن الظروف في العراق تختلف عما هي في أفغانستان، كما أنها مختلفة عما كانت عليه عام 2014، وقال: الظروف في العراق ليست مثل أفغانستان جغرافياً وديمغرافياً واجتماعياً، بل إن التركيبة الاجتماعية للقبائل مختلفة، ويمكن للقوات العراقية أن تدافع عن نفسها، وتكون قادرة على محاربة هذه الجماعات الإرهابية، وكذلك الدعم الشعبي، والدعم الدولي للقبائل، قواتنا موجودة، والظروف في العراق اليوم مختلفة عما كانت عليه في عام 2014. نعم، هناك خلايا نائمة نتعامل معها بشكل يومي مع قواتنا الشجاعة، لكن بالتأكيد العراق ليس مثل أفغانستان, وأوضح رئيس الوزراء العراقي، أن من مصلحة العراق أن يكون هناك تقارب في وجهات النظر بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، وهذا سيسهم في السلام والهدوء في المنطقة، وقال: "نحن نشجع وندعم جميع الدول التي تساهم من أجل الحوار محادثات فيينا، الحوار هو الحل لكل المشاكل بين الدول

أصدر العراق والولايات المتحدة الامريكية، بياناً مشتركاً البيان الختامي المشترك للجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي العراقي- الامريكي, وجاء في أبرز ما ورد في البيان المشترك، ان "القواعد العسكرية هي عراقية وليست أمريكية أو للتحالف الدولي,وأضاف "لن يكون هناك أي وجود لقوات قتالية امريكية في العراق بحلول 31 كانون الاول 2021,وأشار الى ان "العراق يجدد التزامه بحماية أفراد قوات التحالف الدولي,وأكد البيان المشترك، ان "العلاقة الأمنية ستنتقل بالكامل الى المشورة والتعاون الاستخباري,ونوه الى ان "الولايات المتحدة تعتزم مواصلة دعمها للقوات العراقية بضمنها البيشمركة,وتابع "الانتخابات الحرة والنزيهة ستدعم سيادة العراق وديمقراطيته وتنميته".ولفت البيان المشترك الى ان "العراق والولايات المتحدة سيستأنفان مناقشاتها من خلال لجان التنسيق

من جانبه قال الرئيس الامريكي جو بايدن:" سنرسل 500 ألف جرعة لقاح للعراق وبسرعة خلال أسبوعين، واتطلع للانتخابات العراقية, واشار" نريد أن نستمر بدعم العراق استخبارياً، والدور الأميركي في العراق سيتركز على المساعدة التدريبية وما يتعلق بداعش, مؤكداً استمرار التعاون مع العراق في عمليات محاربة الإرهاب, واكد بايدن" العراق شريك موثوق للولايات المتحدة، والأمور تسير بشكل جيد في العراق، ولن تكون هناك قوات قتالية في العراق"، معلناً" التواصل مع العراق من خلال وزارة الخارجية بشأن الانتخابات, منحت واشنطن 27 مليون دولار كدعم لفي مجال تدريب وتأهيل مجلس القضاء الأعلى العراقي والجهات القانونية والجهات المعنية لغرض مواجهة الجرائم المالية

ورحب رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وتحالف الفتح بزعامة هادي العامري، بنتائج الحوار الاستراتيجي العراقي الامريكي في واشنطن,وقال صالح في تغريدة على حسابه في تويتر ، إن "نتائج الحوار الستراتيجيّ العراقي -الأمريكي مهمة لتحقيق الاستقرار وتعزيز السيادة العراقية، و تاتي ثمرة عمل حثيث من الحكومة برئاسة الأخ الكاظمي، وبدعم القوى الوطنية، وتستند الى مرجعية الدولة, واضاف ان "مصلحة العراق تستوجب تعزيز مؤسسات الدولة وحماية السيادة والقرار الوطني المستقل , ومن جانبه غرد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في ذات الاطار قائلا: "العراق يخطو واثقا نحو تحقيق كامل قدراته، واليوم ينجح دلبوماسيا وسياسيا بإنجاز الاتفاق الاستراتيجي العراقي – الاميركي ضمن متطلبات المرحلة الجديدة، ومقتضيات المصلحة الوطنية، وتحقيق السياد الناجزة وبناء عراق مقتدر سيد نفسه , كما رحب تحالف الفتح في بيان "بما حققه المفاوض العراقي من إنجاز وطني بالاتفاق على خروج القوات القتالية بشكل كامل في نهاية هذا العام,وعد التحالف هذه الخطوة بـ"الايجابية متقدمة باتجاه تحقيق السيادة الوطنية الكاملة , أشاد رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية، السيد عمار الحكيم، بالاتفاق العراقية – الامريكي في إنسحاب القوات القتالية من العراق نهاية العام

من جانب أخر, أكدت حكومة إقليم كردستان العراق، أنها ليست مع انسحاب التحالف الدولي من البلاد، فيما حذرت من تكرار أحداث عام 2014 عندما سيطر تنظيم "داعش" على محافظات عراقية, وقال مسؤول دائرة العلاقات الخارجية في الإقليم، سفين دزيي في تصريح صحفي، إن "العراق لا يزال يعاني من غياب الاستقرار، وتدخل الدول الأخرى في شؤونه الداخلية، كما أنه يفتقر إلى قوة عسكرية ثابتة الأركان بحيث تستطيع منع تكرار التجارب السابقة التي ألحقت به أضرارا مادية وبشرية جسيمة, وأضاف: "رأينا الكارثة التي حلت بالبلد في عام 2014، وكيف تمكن مسلحو داعش من احتلال ثلث مساحته وسقط عشرات آلاف الضحايا، واحتمال تكرار تلك التجربة لا يزال قائما,, ويرى الوزير السابق، القاضي وائل عبد اللطيف، بان القوات الامريكية لن تنسحب من العراق لعدم تكرار خطأ انسحابها مرتين وجدولة الانسحاب الامريكي من البلاد كذر الرماد في العيون, واضاف" لدينا ضعف وعدم الانسجام في المؤسستين السياسية والعسكرية بكل مفاصلها والتصريحات الامريكية واضحة بعدم الانسحاب,وتابع عبد اللطيف" اتفاقية الاطار الاستراتيجي لازالت قائمة وتشمل جميع مجالات الحياة والعراق بحاجة الى دولة قوية للاسناد عليه من اختراق دول جوار للاراضي العراقية,وختم حديثه بالقول" الواقع السياسي يضعف السياسة الخارجية للعراق، ورئيس الوزراء الكاظمي يتعرض لضغوط خارجية وداخلية، والدولة هي من تقدر حاجتها من بقاء القوات الاجنبية او رحيلها ,وأكد الخبير الأمني والستراتيجي، كاظم الجحيشي، أن العراق هو الذي جلب القوات الاميركية إلى البلاد خلال فترة تولي، حيدر العبادي، رئاسة الحكومة إبان استيلاء داعش على ثلت العراق، مشيراً إلى أنه بمجرد انسحاب هذه القوات ستقوم ايران بابتلاع العراق من خلال ميليشياتها وسيكون مصير العراق مهيأ ليكون مثل اليمن,وقال الجحيشي ، إن المفاوضات بين الولايات المتحدة والعراق هي حول إمكانية جدولة أو انسحاب القوات الأميركية، لكن ما يدور في العراق هو تخبط أمني فقط، والمستفيد منها هي جهات مسماة بعينها وفصائل ميليشياوية مستفادة من هذا الوضع,وأشار إلى المعاهدة الأمنية بين العراق والولايات المتحدة، موضحاً أنه في 2009 صرح أوباما بأنه ستنسحب القوات الأميركية في غضون فترة من 2009 إلى 2011، ويبقى عدد بسيط من 200 إلى 500 مستشار أميركي فقط دون قواعد وقوات أميركية قتالية على الأرض، وبالفعل في 2011 تركوا العراق وهذا ما تحقق، خرجت القوات القتالية وبقي فقط مستشارين عددهم من 400 إلى 500 مستشار في جميع النواحي الفنية واللوجستية والاستخبارية, ونوه إلى انه "عندما تعرض العراق إلى هجمة داعش الإرهابية توجه العبادي إلى الولايات المتحدة الأميركية، أي أن الدولة العراقية هي من آتت بهم مرة ثانية، فقد ذهب إلى الولايات المتحدة الأميركية، وطلب منهم ان يحضروا إلى العراق للدفاع عنه لأن داعش استولى على ثلث العراق

ووقعت قوى سياسية وشيوخ العشائر وشخصيات اكاديمية ومهنية على بيان ترفض وبشكل قاطع انسحاب القوات الأميركية من العراق الآن، كما أنها ترفض مطلب الكاظمي بجدولة انسحاب هذه القوات، لأن انسحاب القوات الأميركية في هذا الوقت سيدخل العراق في فوضى وخطر كبير ونفق مظلم لا يعلم نهايته إلا الله تعالى, وأشار البيان، إلى أن “انسحاب القوات الأميركية سيدخل العراق في فوضى وخطر كبير ونفق مظلم، ويعني تسليم العراق لإيران على طبق من ذهب , وأوضح البيان انه من المعلوم لدى الجميع بأن منطق اللادولة والميليشيات هو الحاكم الفعلي للعراق الآن وأنه لا سلطة للحكومة على الميليشيات التابعة لإيران كونها هي الأقوى، وقد رأى العالم كله ذلك من خلال دخولها المنطقة الخضراء عدة مرات والاستعراضات بالأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة وإطلاق سراح المطلوبين من الحشد رغم أنف الحكومة وتهديد رئيس الحكومة بقطع أذنيه، وما يحدث من قتل وخطف في بغداد وغيرها من المحافظات العراقية والتحكم بالقرار السياسي والاقتصادي والأمني للعراق والدفاع بالنيابة عن حكومة إيران علناً 

ان ما يجري حاليًا في العراق بشأن قضية الوجود العسكري الأمريكي هو فوضى سياسية وأمنية غير محسوبة العواقب، تتم في أجواء متوترة. وتتفرد أطراف سياسية-مسلحة محددة باتخاذ قرارات خطيرة تتعلق بحاضر ومستقبل كل مكونات الشعب العراقي، بالاعتماد فقط على رأيها ورؤيتها لمسار الأحداث وعلى الإرشادات والنصائح والدعم الذي يأتيها من الخارج دون التشاور مع باقي الأطراف والشركاء في الوطن أو في العملية السياسية 


إرسال تعليق

0 تعليقات