تجارب علاجية تنبؤ بالنهاية

مشاهدات




د. محمد فتحي عبد العال


مع الإعلان عن سلالات جديدة من كوفيد 19 بالهند  وخروج النظام الصحي الهندي عن السيطرة حيث سجلت الهند وفاة كل اربعة دقائق بدلهي  وسط خشية من امتداد الاصابات بهذه السلالات خارج الهند. 

السلالاتان الهنديتان الجديدتان :  السلالة الهندية الأولى  B.1.617 والتي تحتوي على طفرة مزدوجة  E484Q و L452R مما يزيد المخاوف من زيادة انتشار العدوى. 

السلالة الهندية الثانية B.1.618ذات طفرات ثلاثية ويزيد فيها قدرة E484K على الهروب المناعي بما يعني القدرة على الهروب من الأجسام المضادة وبالتالي يهدد مناعة المتعافين من كوفيد 19 ويزيد من رقعة الإصابات على نحو غير مسبوق .

بعد هذه التحورات الجديدة عاد الجدل من جديد حول قدرة اللقاحات الحالية والتي تظهر يوما بعد يوم على التصدي لهذه الطفرات والتي من الواضح أنها إلى مالا نهاية وهي مسألة طبيعية في عالم الفيروسات وتحدياته لذا  بات السؤال هل التعجيل بدواء حاسم من شأنه أن يضع حدا لهذه الجائحة المستمرة؟! .

دواء تجريبي من إنتاج شركة فايزر يحي الأمل من جديد في إمكانية السيطرة على الفيروس عبر الخيار الدوائي... هذا الدواء ليس بجديد فقد تم تطويره في السابق وتحديد عام 2003 إبان تفشي متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) ويستهدف الدواء انزيم البروتياز 3CL protease وللتشابه الكبير بين سارس وكوفيد فقد بدأت التجارب عليه في حقبة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والذي بشر بنتائجه الواعدة  في علاج كوفيد وحاليا اجتاز الدواء الواعد المرحلة المختبرية على الحيوانات وبدأت تجاربه في المرحلة السريرية الأولى على المتطوعين وسط تفاؤل كبير خاصة وأن فكرة استهداف انزيم البروتياز تستخدم في علاج فيروس نقص المناعة المكتسبة (إيدز) وإلتهاب الكبدي الوبائي (سي) وحققت نتائج مثمرة وقد تسفر النتائج عن استخدام العقار منفردا أو بالجمع بينه وبين مضاد الفيروسات ريتونافير والذي ينتمي لنفس العائلة .

وحتى نفهم الفكرة عن كثب فلابد وأن نتطرق إلى دورة حياة الفيروسات بشكل عام .


تعد دورة حياة الفيروسات من المباحث الشيقة وفيها يرتبط الفيروس بسطح الخلية ثم يدلف بداخلها وتنطلق منه مادته الوراثية (الرنا RNA) وحتى يتسنى للفيروس التكاثر فلابد من تحول مادته الوراثية من الرنا إلى الدنا (DNA) حتى تندمج مادته الوراثية بالمادة الوراثية لنواة  الخلية المصابة ويحول الخلية لمصنع  لتكاثره وهنا يعمل انزيم النسخ العكسي(reverse transcriptase) على مهمة تحويل الرنا إلى الدنا ثم يقوم الإنزيم المدمج(integrase) بدمج المادة الفيروسية وقد صارت دنا بالدنا الخاص بالخلية المصابة ويتم انتاج الرنا الفيروسي والبروتين اللازم لبناء فيروس جديد ويقوم الفيروس الوليد بالخروج عبر غشاء الخلية المصابة مغلفا نفسه بجزء من غشائها و متجها لإصابة خلايا جديدة وحتى يصبح بإمكان الفيروس فعل ذلك فلابد من أن ينضج في البداية والنضوج يتطلب إنزيم البروتياز والذي يقوم بتقطيع البروتينات بالفيروس لإعادة ترتيبها. 

هذا الإنزيم الهام هو بيت القصيد الذي نحن بصدده في هذه التجربة العلاجية فهو العامل الأساسي في بناء سلاسل الأحماض الأمينية الفيروسية ومن ثم البروتينات الفيروسية وعرقلة هذه الخطوة في مهدها يمنع انتاج فيروسات جديدة مكتملة النمو والنضج وبالتالي إيقاف الانتشار وهي تجربة نتمنى أن تكلل بالنجاح ويتوقف هذا المارد العنيف ويعود العالم لسابق عهده من الاستقرار الصحي المنشود .


د. محمد فتحي عبد العال

دبلوم الميكروبيولوجيا التطبيقية 

ماجستير في الكيمياء الحيوية 

رئيس قسم الجودة بالهيئة العامة للتأمين الصحي فرع الشرقية سابقا 

كاتب وباحث مصري

إرسال تعليق

0 تعليقات