الى السيد مصطفى الكاظمي ..اصنع لك مجداً او وشّح تأريخك بالسواد ..

مشاهدات



احمد عياش السامرائي ..


اعتقد اعتقاد موقن ان حجم الحرج الذي تتعرض له كل يوم امام الشعب العراقي وامام المجتمع الدولي من قوى اللادولة المتنمرة يجعلك تتمنى لو انك لم تكن في هذا المنصب، هذا اذا كنت قد سعيت اليه بدوافع وطنية محضة، اما ان كنت قد تسنمته لسبب اخر فسيكون لي معك حديث اخر في موضع آخر، لكنني قررت ان ابدأ معك بحسن النية وافترض ان قبولك بالمنصب والمسؤولية كان اخلاصا وطنياً وشعوراً بالمسؤولية التاريخية وضرورة التصدي لخلاص الوطن بعد طول خراب وانهيار ومعاناة وفجيعة، وسافترض انك وجدت في نفسك كفايةً وقدرةً على قيادة السفينة التى توشك على الغرق لترسو بها الى بر امان ، وليس هذا بحلم بعيد صعب المنال لمن تتوفر فيه الشجاعه والاصرار والعزيمة والشرف والانتماء الوطني الحق .


دولة الرئيس، الاذكياء كثيرون في العالم لكن اصحاب الهمة والحكمة والعزيمة والشجاعة و الاخلاص والاقدام ، اصحاب الفعل والتأثير الذين يستطيعون تغيير وجه الحياة ووجهاتها، قليلون بل نادرون جدا، وهم الذين تنعقد بهم الامال وتساس بهم الامور ، وليس الاذكياء المترددون الخائفون المبلبلون الضعفاء، لان وجودهم مثل عدمهم لايقدمون ولايؤخرون، بل ربما كان ضررهم اكثر من نفعهم بكثير وغيابهم انفع من حضورهم العقيم.


وعلى قدر منفعة الصبر والتروّي والتدبر والتفكر في سياسة الامور احياناً، فان للشجاعة والاقدام وشدة البأس والصلابة واتخاذ القرار الحاسم في وقته منافع اكبر في احيان كثيرة اخرى، ورأي وقرار ذكي بلا شجاعة اتخاذه في توقيته الملائم لا نفع منه ولا خير فيه ابدا ، كما ان سياسة مسك العصا من الوسط في الاوقات الحرجة من تاريخ الشعب والوطن خيار فاشل بائس سيغرقك ويغرق الوطن ويعصف به الى فوضى وضياع مجهول اكثر مما هو فيه الان.


نحن نعلم انك امام تحدٍّ كبير وكم هائل من المؤامرات الداخلية والخارجية، ونعتقد انك تشعر بالعجز ازاءها بعد ان القوك في اليمّ مكتوفاً وقالوا لك اياك ان تبتل بالماء !!!

وهذا واضح جداً في ضعف الدولة وانكسارها امام قوى (اللادولة) المستقوية المتنمرة المدعومة بقوة الجارة (الشقيقة رغم انوفنا)، لكن المواطنين البسطاء و الشريحة الاكبر في المجتمع العراقي يرون بوضوح انك مستسلم بل متعاون برضا في ترسيخ فوضى استقواء هذه (الجهات والكيانات والتيارات والميليشيات) على الدولة، وان وجودك الصامت على هرم السلطة التنفيذية منحها قوىً وسلطات اضافية، اكثر مما كانت عليه ، وان الشعب يحملك المسؤولية التاريخية على كل ذلك بالرغم من انك لم تصنعه لكنك ساهمت في ترسيخه وتخلية الساحة امامه بعدم ادانته او الاعتراض عليه او قطع طريقه، لانك صاحب الشرعية وصاحب القرار، ولن يعذرك التاريخ او يسوّغ لك هذا الصمت والاستخذاء مهما كانت الظروف القاهرة المحيطة بك، فامثلة التاريخ العظيمة كثيرة وحاضرة حافلة برجال عظام وقفوا في وجه الطوفان وقالوا لا ، ارضاءً لضميرهم وانتصارا لموقفهم وثباتاً من اجل الحق واداءً لامانة اوطانهم وشعوبهم، حتى وان دفعوا حيواتهم ثمنا لذلك، فالحياة المكللة بالكرامة والشرف والمختومة بموت العزّة خير من كنوز الدنيا ومافيها وهي بالتاكيد خير من جميع المراتب والمناصب والاموال والرفاهات، فهل تختارها وتقول كلمتك وتمضي متوجاً عالي الراس امام التاريخ، او تصمت وتستخذي وتخون لتملأ رصيدك بملايين الدولارات الحرام وتعيش مع العار متنعما لبضع سنوات ثم تموت مع العار ايضا كما فعل غيرك من لصوص الوطن وخونته.


ان ما يحدث هذه الايام من استهداف بعثات واستعراضات عسكرية وتفجيرات وابتزاز وقتل واخرها تعطيل الموازنة بهدف اظهارك وحكومتك بهذه الصورة الضعيفة امام شعبك وامام العالم الخارجي هو اقسى مايمكن ان يتحمله انسان ما ، من ذلّة وعار واحتقار  فكيف وانت تقف على هرم السلطة وتمسك عنانها بيديك !!!!.


ربما ستقول وانت تقرأ هذه السطور الآن: ما الحل اذن وانا مكبل بسلاسل قوة الفعل الخارجي ومافيات الفساد وسطوة الاحزاب التي صارت دولاً داخل الدولة وجيوشا اقوى من الجيش النظامي ؟؟؟

وهو سؤال منطقي جداً لو صدر من مواطن عادي لايمتلك مئات مفاتيح الحلول مثلك وليس لديه قوة الشرعية التي يجب ان تكون سيفك ودرعك المتين في مواجهة كل هذا الطغيان.


خذ مثالاً التجربة التركية وهي ليست بالبعيدة ان كنت مطلعاً على تفاصيلها وحيثياتها وقوة الخصم المتمثل في الدولة العميقة التي تجابه سلطة الدولة الشرعية وهي ( حركة الخدمة ) .


حركة الخدمة تأسست على يد فتح الله غولن الذي يعيش الان في امريكا، وهي حركة قوية متجذرة كانت تسيطر على جميع مفاصل الدولة ولها اذرعه الاقتصادية الطولى التي تحولت الى امبراطوريات مالية داخل تركيا وفي كثير من دول العالم الكبرى، اضافة الى انها تحظى بدعم كبير من عدة دول غربية، بغطاء قوي وتنظيم عالٍ جداً، وهي بالتأكيد اقوى بكثير من  المليشيات والاحزاب العراقية المتنمرة عليك والتي لا تدعمها سوى دولة واحدة مرفوضة داخلياً وخارجياً تعاني من حصار اقتصادي شديد ،

لكنها حين حاولت الانقلاب على الدولة الشرعية بتجنيد وانزال بعض وحدات الجيش الموالية لها سرياً ، لم يتطلب الامر من رئيس الدولة اردوغان سوى خطاب قصير عبر يرنامج سكايب بموبايله الشخصي من على طائرته المتجهة بشجاعة الى مطار اسطنبول حيث كان الانقلاب، لينسف كل مخططاتهم ويخرج الشعب كله معه ضد وحدات الجيش الخائنة ويفشل الانقلاب ثم يلقي القبض عل المتورطين ويزجهم هم وانصارهم في السجون .


ماذا لو فعلت انت نفس الشي ضد هؤلاء الخونة العملاء الخارجين عن القانون والدولة !!؟؟؟

كن على يقين ان الشعب العراقي كله سيقف معك ويدعمك وينصرك ويؤازرك اكثر مما فعل الشعب التركي مع رئيسه، لما عاناه من جوع وحرمان واضطهاد وارهاب من قبل الفصائل والاحزاب وقوى التطرف، وانت رأيتهم بام عينك في تشرين ثائرين متماسكين مضحين مستشهدين من اجل الوطن ، شدوا العضد بالعضد والهمة بالهمة عري الصدور بلا اسلحة مستوحدين في مواجهة الموت دون حمايه ولا ناصر ولا معين. 


يادولة الرئيس :

التجارب كثيرة لو عدت للتأريخ القديم او الحديث، وانا على يقين انك تعرفها جيدا، لن تحتاج الا الى قرار شجاع في لحظة تاريخية باغلاق الغابة من جميع اركانها والبدء بمطاردة الثعالب والافاعي والعقارب، وقطع دابرها جميعا، ليعم الامن والامان ويفرغ الجميع للبناء والاصلاح، وتأكد ان نتائج هذا القرار الشجاع مهما كانت في عواقبها لن تكون اسوأ مما نحن فيه الان.


دولة الرئيس: تشجّع واصنع لنفسك مجداً ولشعبك حياة كريمة ولوطنك مستقبلا زاهرا،

  او اصمت ووشّح تأريخك بالسواد كما كان عليه اسلافك

والسلام ختام

إرسال تعليق

0 تعليقات