شبهات فساد تلاحق منظمة اليونسكو في حملة انقاذ الموصل

مشاهدات







بقلم: ماثيو رسل لي (صحفي مستقل)

ترجمة : طُبشار عراقي



في تموز 2019، نشر الصحفي الأيرلندي ماثيو راسل لي (Matthew Russell Lee)  تقريرًا بعنوان (UNESCO Corruption Hits Mosul In Iraq) على صفحات الموقع الالكتروني ( Inner city press ) أورد فيه تفاصيل مثيرة عن إدارة منظمة اليونسكو المتعلقة بملف إعادة إحياء الموصل، وايمانا منا باهمية  الدور الذي تقوم به هذه المنظمة العريقة في دعم التراث الثقافي وانقاذه في البلدان التي عانت وتعاني من اثار الحروب والاهمال الحكومي، ولرغبتنا في ان تبقى يد هذه المنظمة نظيفة لا تطالها الاشاعات والادعاءات، فقد قمنا بترجمة ونشر هذا المقال لحساسية المادة الواردة فيه مع الاشارة الى  صعوبة التأكد من  كافة ما ورد من تفاصيل.


نص التقرير  

"بعد أشهر قليلة فقط من انتخاب أودري آزولاي (بتاريخ تشرين الثاني 2017) مديرًا عامًا جديدًا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم (اليونسكو)، جرى إطلاق "مبادرة اليونسكو لإحياء روح الموصل" للمشاركة في إعادة إعمار هذه المدينة، جراء سنوات من الإهمال من قبل حكومات بغداد المتعاقبة بعد غزو العراق عام 2003، وما تلا ذلك من حروب ودمار جراء سقوط المدينة بيد الإرهاب ".

للوهلة الأولى بدت هذه المبادرة نبيلة في ظاهرها، ولكن على ما يبدو أن لباطنها طعمًا آخر يتعلق بالتستر على تعزيز النفوذ الفرنسي في العراق من أجل تأمين الأسواق والعمل للشركات الفرنسية، وهذه القضية المثارة، ربما تستدعي التفكير في ملف أقدم، يتعلق بمواقف الحكومة الفرنسية إبان الحصار على العراق (1996– 2003)، ورغبتها في أن يكون بنك PNB PARIBAS هو البنك الوحيد الذي يجري تفويضه لإتمام صفقات النفط العراقي مقابل الغذاء والدواء، وتهديد فرنسا باستخدام الفيتو إن جرى التغاضي عن رغبتها في أن تكون الجهة الراعية للاعتمادات الضخمة انذاك".

جرى استخدام اليونسكو كواسطة أُسيء استخدامها منذ ذلك الحين في تحقيق تلك الغاية البراغماتية، واليوم يجري التخطيط بدقة لجمع التبرعات الواردة من الحكومات في جميع أنحاء العالم تحت شعار "إعادة أحياء الموصل"، لكن في الوقت ذات يجري توجيه التعاقدات في الوقت المناسب إلى الشركات القريبة من الإدارة الفرنسية، فكيف يحدث ذلك؟."

المسألة بسيطة ومباشرة، ومفتاحها لدى الشخص الذي يدير مكتب أودري آزولي ويدعى نيكولاس كاسيانيدس، إذ جرى، حالَ إطلاق المبادرة، المباشرة بإنشاء فريق خاص داخل اليونسكو برئاسته، وهذا الشخص تلاحقه قضايا فساد متعلقة بحصوله غير القانوني على منحة سكنية خاصة له في باريس خارج اللوائح القانونية للحصول على مُنح كهذه، وأن الفريق الذي جرى تشكيله يضم أشخاصًا مخلصين جدًّا للسيدة آزولي، ومنهم على سبيل المثال مساعد المدير العام للثقافة إرنيسو أوتوني راميريز، ولازار إلوندو آسوم وهو أحد كبار المدراء المنظمة".

الخطوة التالية، كانت الإقالة الفورية للمديرة السابقة لمكتب اليونسكو- عراق لويز هاكستهاوزن، حيث اعتبرها كاسيانيدس قريبةً جدًا من الحكومة العراقية ومتعاطفة معها، وذلك جرّاء خبرتها المتراكمة لسنوات عديدة في العراق، وهي المعروفة باستقلاليتها في التعامل مع القضايا المتعلقة باليونسكو، ويبدو أنها كانت حساسةً لفكرة خدمة المصالح الوطنية الفرنسية تحت مظلة اليونسكو؟"

المدير الجديد لمكتب اليونسكو- عراق هو الإيطالي باولو فاونتيني (أنظر الحاشية)، والخانع بشكل مثير للشفقة من جهة مدرائه في باريس.

في وقت سابق من هذا العام، أعربت الحكومة العراقية عن استيائها من أن اليونسكو تركز جهودها على إعادة إعمار مدينة واحدة فقط هي الموصل. كانت استجابة آزولاي بصيغة لا تخلو من المراوغة. ففي اجتماعها مع أعلى السلطات في العراق، اجابت ببساطة على تساؤلهم  بالإشارة إلى أن اليونسكو يجب أن تقوم "بإعادة النظر في الموصل" أولاً، وطرحت الامر بصيغة شرط، وربما لا يزال من حضر ذلك الاجتماع يستذكره، بل ويتندر به.

 لماذا هذا التركيز على الموصل حصريًا وفي هذا التوقيت ،  الموضوع له تبرير بسيط. فمعظم الملايين التي تلقتها اليونسكو مخصصة لمشاريع من المؤمل ان يجري تنفيذها في تلك المدينة بالذات،  في الواقع لا توجد آفاق للعمل في اي  مكان آخر في هذه المرحلة من جهة تخصيص اموال وجمع تبرعات، الفرصة الان وهنا، وعلاوة على ذلك، وبينما يلعق العراقيون جراح القتل اليومي والارهاب والدمار و هم يحلمون بالاعلانات المبهجرة عن اعادة اعمار ما جرى تدميره جراء الارهاب والعمليات العسكرية،  نجد ان السيدة آزولاي منشغلة بالاشراف شخصيًا على تنظيم حفل موسيقي مع شركائها الفرنسيين وأصدقائها في شاتو دي شامبور (احد قصور ملوك فرنسا قبل الثورة الفرنسية)..

 لسوء حظها ، لم يجتذب هذا الحدث أي اهتمام إعلامي خارج باريس. وبحسب عضو في مكتب آزولاي، فإن  تفاصيل اعمار الموصل تعتبر من الاسرار العليا التي يحرصون على عدم تسريب اي منها، بل إن احد موظفي مكتبها يعتبر أن بعض من التعاقدات يجري بسرية تامة مع شركات فرنسية متخصصة.

أُعلِن مؤخرًا، إن نيكولا كسيانيدس سيجري ايفاده في مهمة عاجلة إلى العراق الأسبوع المقبل؟ وربما من البديهي ان يسأل المتابع للشأن الثقافي العراقي، منذ متى  يُسمح ل شخص يشغل منصب (مدير مكتب) المدير العام لليونسكو بالتدخل في المهام التي تقع عادةً ضمن مسؤوليات المدير العام أو مساعد المدير العام للثقافة أو العلاقات الخارجية.

 لم يتوانى نيكولا كاسيانيدس كعادته في ان يثبت انه  خبير في التعاملات المريبة ، ولهذا السبب انتدبته آزولاي ليلتقي في بغداد بوزراء الثقافة والتعليم والخارجية العراقيين، وكذلك رئيس ديوان رئيس مجلس الوزراء الذي ليس له علاقة بشؤون اليونسكو، ولكنه يبدو مهتما بلقاءه لسبب ما!.

 من البديهي  أن كل تلك الاجتماعات، ممكن ان تجري على مستوى مدير عام أو مساعد مدير عام، لكن من غير المعقول الذهاب في مثل هذه المهمة الرسمية رفيعة المستوى للقاء وزراء ومسؤولين في مكتب رئيس الوزراء. يبدو أن السيد كاسيانيدس يرغب بفرض أسلوب الإدارة الفرنسي من اجل تغيير طبيعة عمل المنظمة، ولكن من الغرابة إن الدول الأعضاء في اليونسكو تظل صامتة بشأن هذا الاستيلاء الصارخ للسلطة من قبل دولة واحدة.

  من الواضح أن كسيانيدس يتلقى تعليمات من مكان آخر" بصفته موظفًا سابقًا في  وزارة الخارجية الفرنسية " ، وإدراكًا منه تمامًا أن أيامه في اليونسكو ستكون معدودة، فربما سيحاول ان يبقي خيطا للمناورة مع مرؤوسيه القدماء في الخارجية الفرنسية للحصول على فرص توظيف جديدة ، فالمصلحة الوطنية الفرنسية هذه المرة اخذت شكل اخر تحت غطاء العمل مع احدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة".



هامش : نورد ادناه  تعليق لاحد الخبراء المتابعين للشأن التراثي العراقي ردا على تقرير نُشر في موقع العالم الجديد بتاريخ 26 كانون الثاني 2021 عن موضوع شبهات الفساد المرافقة لاعمار جامع النوري في الموصل: " السيد فاونتيني قد جرى تعيينه ليدير مكتب اليونسكو في العراق من دون مشاورة الجانب العراقي، وهو معروف جيدًا بسلوكه المتنمر تجاه الحكومة العراقية،وقد لاحقته أنباء عن صفقات فساد جراء إدارته لملف اليونسكو في أفغانستان، وفور تعيينه في مكتب العراق كان قد حاول وفريقه الضغط على الحكومة العراقية السابقة من أجل توقيع عقد بمنحة الاتحاد الأوربي البالغة ٢٢ مليون دولار، والمقدمة لمدينتي الموصل والبصرة، لكنه لم يفلح، فقد كانت غايته صرف القسم الأكبر من المبالغ على التدريب وتأهيل العمال في قاعات وصفوف، في حين اشترطت الحكومة أن يصرف المبلغ على تأهيل المباني التراثية وصيانتها، وأن يكون التدريب في المواقع وليس في فنادق، ففريق اليونسكو- عراق ينفق الموازنة الخاصة لجامع النوري في صرف رواتب ومخصصات ونفقات سفر وإقامة وإعلام، ويغدق بالمخصصات على أعضائه، وعلى المستشارين والخبراء الذين يعملون معه، محليين ودوليين، من دون أن تكون هنالك منجزات على الأرض، وأن مكتب يونسكو- عراق ومقره في عمّان يعمل بالضد من مصلحة العراق، ويكتب تقارير سلبيةً عن التعليم العالي والجامعات العراقية، وأن أغلب الموظفين فيه ليسوا عراقيين، وحتى العراقيين منهم يدورون في فلك رئيس المكتب فونتاني. وقد رفض المكتب الانتقال إلى بغداد بالرغم من العروض الكثيرة التي قدمتها الحكومة العراقية". 


إرسال تعليق

0 تعليقات